ما قد لا يعرفه البعض من اهل يافا هو اننا في هذه المدينة لم نحصل على أي من حقوقنا بدون نضال وعمل ميداني وجماهيري. ان كان ذلك في قضايا المسكن، او التعليم، او الاوقاف، او أي مجال اخر. احيانا تستمر مسيرة النضال سنين طويلة حتى تعطي ثمارها وقد ينسى البعض من اين بدأت الحكاية. سأحاول في مقالي هذا التذكير ببعض النضالات التي شاركت فيها وسأروي تسلسل الاحداث كما اعرفه.
مخيم السكن في التسعينات كان محطة نضالية مشرفة في تاريخ يافا وكنت قد شاركت به مع خمسة وعشرين عائلة من محرومي السكن. في حينها، حاولت السلطات ان "تشتري" قيادة المخيم بان تمنحهم سكن لهم ولكننا رفضنا ذلك وصممنا ان يمنح سكن شعبي للجميع. وحقا بعد ان رأت البلدية اننا لن نترك المعسكر واننا منظمين ومتحدين، حتى اننا كنا ننظم أعياد ميلاد للأطفال في المعسكر وكنا نحافظ على نظافة المعسكر وما حوله – حين رأت السلطات اننا جديين في نضالنا منحت العائلات الخمسة والعشرين شققا سكنية ضمن السكن الشعبي.
بعدها بسنوات وحين علمنا في 2007 بمئات أوامر الهدم والاخلاء التي تهدد اهالي يافا، اقمنا مع عشرات الناشطين القدامى والجدد اللجنة الشعبية للدفاع عن الحق في الأرض والمسكن وقد كان للجنة الشعبية ولجمعية دارنا المنبثقة عنها دور كبير في احياء النضال الجماهيري وتفعيل القوى الأخرى في يافا في قضية المسكن – وذلك عن طريق المظاهرات الكبيرة والاهتمام الإعلامي القطري والعالمي الذي استقطبته اللجنة ومن حيث الاهتمام الاكاديمي والمهني من قبل مؤسسات مختلفة في قضية المسكن والبقاء في يافا. وقد ساعدت جمعية دارنا والعاملات فيها اكثر من 200 بيت في نضالهم القضائي والاجرائي امام عميدار وحلميش والبلدية وغيرهم ومنعت او اجلّت للمدى البعيد اوامر الاخلاء والهدم وساعدت العائلات بالتعامل مع الديون وكافة القضايا القضائية التي رفعت ضدهم بهدف طردهم من بيوتهم.
حتى الحق في التمثيل لم يكن دائما متاحا لنا. لجنة حي العجمي والجبلية التي انتخبت قبل سنتين ليست مفهومة ضمنا. لقد نجحنا مجموعة من الناشطين بإجبار البلدية تنظيم هذه الانتخابات وذلك عن طريق تجميع مئات التواقيع المطالبة بعقد الانتخابات بعد مدة 15 عاما منذ تعيين اللجنة السابقة (والتي لم تنتخب بل عينت من قبل البلدية لقلة المرشحين). وعملنا جاهدين لاتمام الإنجاز بان ترشح بالانتخابات شباب هدفهم خدمة أهلهم وبلدهم ومن ثم شجعنا المئات من أهالي الحي القدوم لصناديق الاقتراع وانتخاب ممثليهم.
مشروع السكن الجديد الذي يتحدث عنه الجميع في حي شيم هجدوليم وكيدم 163 هو ثمرة نضال طويل السنين. لولا النضال الشعبي والعمل الميداني لما وصلنا للمرحلة الحالية التي صادقت بها لجنة التخطيط والبناء على المخطط. لقد بدأ العمل على المشروع قبل 8 سنوات بالتعاون ما بين جمعية دارنا والرابطة لرعاية شؤون عرب يافا والعيادة القانونية في جامعة تل ابيب. خلال مسيرة العمل على المشروع درست عدة إمكانيات واقيمت نقاشات وحوارات مع جميع الاطراف ذات الصلة. وكنا قد وضحنا منذ البداية اننا كسكان الحي المقصود نريد ان نتنظم لنمثل انفسنا في النقاشات الدائرة حول المشروع. اقمنا لجنة مندوبين من كل مدخل في العمارة وهكذا شاركنا في الاجتماعات والمداولات كممثل شرعي عن عمارتنا.
للأسف الشديد أرى ان البعض يحاول اليوم اخذ مونوبول على المشروع وتقزيم دور الأطراف الأخرى والتحدث باسم السكان... ولذلك يهمني ان انبه واذكر ان للحي لجنة منتخبة وهي لجنة حي العجمي والجبلية ولعمارة كيدم 163 لجنة مندوبين ونحن الوحيدون المخولون باتخاذ قرارات وبتمثيل السكان. لن نسمح لأي أحد ان يتسلق علينا وعلى نضالنا وانجازاتنا ولا ان يستغلنا من اجل مصلحته في الانتخابات. لقد عمل على هذا المشروع الكثيرون ولولا تكاتف الجهود والتعاون بين اطراف عديدة لما نجحت الفكرة. كممثلين عمارة كيدم 163 صممنا منذ بداية المداولات على ان أي مشروع ترميم وبناء في الحي يجب ان يكفل حق سكان حلميش في تملّك بيوتهم. لا شك ان هذا اعظم انجاز توصلنا اليه ضمن هذا المخطط ولولاه للقيت خمسون عائلة انفسهم في الشارع فور انهاء المشروع.
دعونا لا ننسى انه ما زالت الكثير من التفاصيل غامضة وغير واضحة والكثيرون يسألون ويتساءلون حول مستقبل المشروع وما زالت المفاوضات مع المنهال مستمرة حول تخصيص الارض. ادعو الجميع للعمل يد واحدة مع اعتبار السكان المحليين وممثليهم أصحاب المشروع لكي نضمن انه سيساعد على بقاءنا كفلسطينيين في يافا ولن يقسمنا الى قلّة منتفعة واكثرية متضررة.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]