تتوالى تباعا تحاصيل أبنائنا في مدارس يافا الإبتدائية والثانوية في جوٍّ مروّعٍ وصلت إليها سيرورة العملية التربوية في هذه الأيام مع نشر نتائج امتحانات "الميتساف" و"عميت" لعام 2017-2016 .كلها تؤكد عُسر العملية التعليمية والتربوية، وقد سكت كل من ألفنا تطبيله وتزميره في قضايا يافا الساخنة ممن يسمون أنفسهم "قيادات" في معرض يستوجب نشر المزيد من هذه النتائج والحديث فيها. كيف لا؟! فالحديث عن مستقبل المدينة، أليس كذلك؟!!!!
فالعجب وكل العجب ليس من نشر النتائج فقط فهي في متناول الجمهور لدى موقع الوزارة ومواقع إحصائية أخرى، يمكن متابعتها وقراءة تحليلها فهي مفصلة على النحو اليسير والبسيط ،إنما العجب فيما يطعن بنوايانا في كشف هذه الحقائق وكأنما القضية أضحت مناكفة ونكاية بشخوص معينة متنكرين بذلك قلب القضية وهي فشل العملية التعليمية برمتها.
فماذا يعني معدل طلابنا في العلوم 10%؟! وماذا يعني تحصيل علامة 20% في اللغة العربية لصفوف الخوامس في المدارس الابتدائية وفق ما نشرته وزارة المعارف؟! وماذا يعني ان 67% من طلاب السوابع في يافا لا يعرفون الكتابة والقراءة وفق "فحص عميت".
هذه الحالة تستوجب منا اليقظة والتحرك السريع لإنقاذ العملية التعليمية في مدينتنا يافا وذلك لا يكون إلا من خلال الكشف عن هذه الحالة أولا. ومن ثم استيعابها وكشف المزيد. حتى يتأتى فهم كارثية الموقف فهو يُنذر بمستقبل عقيم . لكن الحقيقة في وازع فهمنا لواقع مدارسنا تستلزم الاهتمام بالقضية أكثر وتسخير المقدّرات والطاقات، والحديث عن هذه الظاهرة حتى لو لم يرق للبعض تناولها او الحديث فيها بدعوى التشهير والعياذ بالله.!
إننا مع هذه الحقيقة لا يجوز السماح للعقل ان يستقيل عن أداء وظيفته. نحن ملزمون بموجب قناعاتنا وحسّنا اليقظ أن نجعل القضية حديث الساعة وإحالة العقل إلى وظيفته الأساسية في التفكير والتبصّر الذي من شأنه وضع الحلول ومتابعة "عقلية العجوز" التي تدير العملية التعليمية منذ عقود. فالأمر جلل وخطير وأهالي المدينة في غفلة واهل الحل مشغولون بتلميع صورتهم الاجتماعية التي لم تكن يوما محل اهتمام أحد.
السكوت عن تدني العملية التعليمية بمظهرها الأسود هذا تماماً كالسكوت عن جرائم القتل .والتقاعس أن أداء الواجب هو تماما كتقاعس الشرطة في لجم هذه الظاهرة. والسكوت عن تدني نتائج استحقاق البجروت بيافا، أكبر دليل اننا أمام عملية إجرامية من العيار الثقيل لا تهدد شخص زيد أو عمرو كما هو عالم الإجرام. إنما تهدد كيان الجيل بأكمله. فسكوت المجتمع وغير مبالاته في حوادث الإجرام هو كالسكوت عن فشل العملية التعليمية إن لم تكن المشاركة بعينها. فإذا كان الفقهاء قديماً يستدلون بموافقة العروس بسكوتها في القاعدة الفقهية "السكوت في معرض الحاجة بيان ولا يُنسب لساكت قول" فنحن امام قاعدة من نوع أخر عنوانها "السكوت في معرض الكارثة جُرمٌ وإجرام وينسب كل البيان للساكت. صحيح ٌ ان لكشف الحقيقة ثمنٌ يُدفع، لكن في السكوت أثمانٌ ستُدفع. كفى محاباة وكفى لسكوتكم الدنيّ.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]