لا شك أن يوم أمس كان يوما نادرا في تاريخ شرقنا العربي. وهو يوم مشهود في حياة شعبنا الفلسطيني عامة. هو يوم حافل تختلط فيه مشاعر الحزن والفرح في آن واحد. وتذرف الدموع منها ما هو تعبير عن الفرح والسعادة بلقاء أناس من عمالقة هذا الشعب الصامد على أرضه وأخرى تبكى الفراق والحنين للقاء الأحباب القابضين على الجمر خلف القضبان, يعيشون حلم الحرية الآتي لا محالة. هو يوم من أيام الخريف الذي نعيش فيه ربيعاً عربياً. نعيش فيه مشهد تحرر الشعوب العربية وتحرر أسرانا من قضبان سجون الاحتلال. يوم تنتظر فيه حافلات على بوابات المعتقلات لتنقل رجالاً ونساء من أبناء هذا الشعب ليسوا كباقي الرجال ولسن كباقي النساء, كتبوا تاريخ شعبهم على جدران الزنازين في عتمة ليل تلوَن بالسواد الكاحل على مدى عقود من الزمن.ونقشوا على الصخر أروع ملحمة في تاريخ الشعوب.
هو يوم نادر يفرح شعبنا الفلسطيني فيه بإطلاق سراح ألف أسير وأسيرة مقابل الجندي الإسرائيلي جيلعاد شليط . فرحة هنا وأخرى هناك. واحدة في غزة وأخرى في اللد . ورام الله ترقص على أنغام الدبكة في وادي عاره . وهنا في يافا يستعد الأهل لاستقبال الأخ المناضل حافظ قندس بعد مرور 24 سنة من السجن وندعو الله العلي القدير أن يفك أسره ومعه كل أسرى الحرية أبناء فلسطين الغالية والعالم العربي القابعين في السجون الإسرائيلية.
يطل علينا صباح كتبت على خيوط شمسه المطلة علينا من خلف جبال القدس ملحمة نعيشها كل يوم . رواية أبطالها شعب بأكمله وفي صورها يختلط دم الشهيد بعجوز فلسطينية تحمل فرشا من السبانخ عند حاجز قلنديا. وطفل يركض إلى جدّ سمع عنه ولم يره إلا في صور العرس. وزوجة مخلصة تخبز الطابون وتحرق الخبز عندما يشتد الحنين لمن فارقت منذ أمد بعيد. ونار تلتهم ما تبقى من شجرة الزيتون التي اقتلعها الجنود عند مشارف القرية. ومستوطن يعيث فسادا في سوق الخليل وآخر يحرق مسجدا ويدنس مقبرة عند تلة الكزاخانا. وصورة البرغوثي رافعا يديه تحية للأحرار وسعدات يقاوم الجوع والعطش في زنازين الاحتلال. هي فرحة لم تكتمل وربيع يأبى أن تتفتح أزهاره ريثما يتحرّر جميع الأسرى .
وتبقى الأسئلة مفتوحة عن الأسر فمن كان يتوقع أن يعود شاليط إلى أحضان والديه معافى بعد خمسة أعوام من الأسر !!!. من كان يتوقع أن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة والعنصرية التي كتب رئيسها كتابا عن رفضه لتبادل الأسرى ورفضه المبدئي لإطلاق سراح المعتقلين, أن يقود حكومته ويفرج عن ألف أسير مقابل جندي واحد. هل هو المأزق الذي تعيشه حكومة إسرائيل داخليا وخارجيا ؟ وهل يقلق الربيع العربي حكومة إسرائيل؟ وأسئلة كثيرة ومفتوحة لن يكون الرد عليها بنعم أو لا.
وأسئلة أخرى تخص شعبنا الفلسطيني الذي ما فتئ يطالب قيادته بالوحدة ونبذ الانقسام لمتابعة مشوار التحرر معا يداً بيد وقد دفع شعبنا الفلسطيني منذ النكبة بل وقبلها ثمنا باهظا للحرية وقد علمنا التاريخ أن الحرية لا تمنح بل تؤخذ غلابا.
تحية لأسرانا المحررين وألف تحية لمن بقي في السجون على أمل التحرر قريبا إن شاء الله فعلى هذه الأرض المباركة أرض فلسطين ما يستحق الحياة ..
عبد القادر سطل
يافا
18.11.2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]