“كان جمال خاشقجي رجلا معقدا، ولكن بالنسبة لنا، بناته، كان ببساطة “أبي”. هذا ما قالتاه رزان ونهى، ابنتا الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مقال لهما في صحيفة “واشنطن بوست”.
وأضافتا “كانت عائلتنا فخورة دائما بعمله، وفهمنا الروعة والعظمة التي نظر إليها بعض الأشخاص. لكن في حياتنا، كان “بابا” – رجل محبّ ذو قلب كبير. لقد أحببناه عندما كان يأخدنا في نهاية كل أسبوع إلى محل بيع الكتب. أحببنا النظر في جواز سفره ، وفك رموز مواقع جديدة من صفحات مغطاة بطوابع الخروج والدخول. وأحببنا أن نحفر خلال سنوات المجلات الفخمة وقصص الجرائد التي تحيط بمنصبه”.
وتتابعا: “عندما كنا أطفالا، كنا نعرف أيضا والدنا كمسافر. عمله أخذه إلى كل مكان، لكنه كان دائما يعود إلينا بهدايا وقصص رائعة. كنا نسهر في الليالي نتساءل أين كان وماذا كان يفعل؟ وثقتنا كانت أنه بغض النظر عن المدة التي يقضيها في الخارج، كنا سنراه مرة أخرى”.
وأردفتا: “لقد نشأنا مع آبائنا ونحن نحب المعرفة. أخذونا إلى عدد لا يحصى من المتاحف والمواقع التاريخية. بينما كان يقود سيارته من جدة إلى المدينة، كان أبي يشير إلى مناطق مختلفة ويخبرنا عن أهميتها التاريخية. أحاط نفسه بالكتب وكان يحلم دائما بالحصول على المزيد. وعلى الرغم من كل ما قرأه، لم يكن يضطهد أي رأي، واستوعب بالكامل الجميع. علمه حبه للكتب أن يشكل أفكاره الخاصة. علمنا أن نفعل الشيء نفسه”.
وتابعتا: “كانت حياته عبارة عن سلسلة من التحولات والانعطافات غير المتوقعة، وكنا جميعا في الرحلة نفسها. لا يستطيع الكثير من الناس القول بأنهم قد طردوا من الوظيفة نفسها مرتين بعد بضع سنوات، حيث كان أبي رئيس تحرير صحيفة الوطن. لكن بغض النظر عما حدث، كان متفائلا، ورأى كل تحد فرصة جديدة”.
وقالتا: “طوال حياتنا، كان من الشائع أن يوقفنا الناس في الشارع لمصافحة أبي، نقول له كم كانوا يقدرونه. بالنسبة للكثيرين، كان أبونا أكثر من مجرد شخصية عامة – فقد لمس عمله حياتهم بقوة وصدى معها شخصيا. وما زال كذلك”.
“كان لدى أبي بالتأكيد جانب براغماتي، ولكن في أحلامه وطموحاته، كان يسعى دوما إلى الحصول على نسخة خيالية من الواقع. كان من المهم للغاية بالنسبة له أن يتكلم، وأن يشارك آراءه، وأن يكون لديه مناقشات صريحة. والكتابة لم تكن مجرد وظيفة؛ بل كانت متأصلة في جوهر هويته، وحافظت عليه حقا. الآن، كلماته تحافظ على روحه معنا، ونحن ممتنون لذلك. يقولون: “هنا كان رجل عاش الحياة حقا على أكمل وجه.”
“عندما كنا في فيرجينيا خلال شهر رمضان، أظهر لنا والدي العالم الذي بناه لنفسه خلال العام الماضي. قدمنا للأصدقاء الذين رحبوا به وأطلعنا على الأماكن التي يرتادها. ومع أنه كان مرتاحا بقدر ما جعله محاطا بمحيطه، فإنه ما يزال يتحدث عن شوقه لرؤية منزله وعائلته وأحبائه”، بحسب روان ونهى خاشقجي.
وأضافتا: “كما أخبرنا عن اليوم الذي غادر فيه المملكة العربية السعودية، وهو يقف خارج عتبة داره، متسائلا عما إذا كان سيعود. بينما كان أبي قد خلق حياة جديدة لنفسه في الولايات المتحدة، حزن على المنزل الذي غادره. خلال كل محاكماته وسفراته، لم يترك أبدا الأمل لبلاده”.
وقالتا إن “والدنا لم يكن معارضا سياسيا، وإنما كان رجلا يحب الخير لوطنه”، وأضافتا: “والدنا اختار الكتابة كي يعود يوما ما إلى وطن يكون بحال أفضل”.
وأكدتنا أننا “نشعر بأننا قد أنعم الله علينا بروحه الأخلاقية، واحترامه للمعرفة والحقيقة، ومحبته”.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]