لم تعُد حياة 4 اطفال من مدينة اللد ، وهم : محمد ، ليان ، جبريل ولين ، تُشبه حياة اية أطفال في مثل جيلهم ، فقلوبهم البيضاء ، التي لا زالت تتفتّح كوردة في عزّ الربيع ، بات يسكنها الهلع ، الخوف والقلق ، ذلك ان الرصاص لم يمنهحم الفرصة لكي يكونوا كسائر الاطفال.
لين ، ابنة الاربع سنوات ، لن تلهو من جديد في حضن أمها ، لتداعبها وتُجدّل لها ضفائرها .. محمد ، سَلَبَه الرصاص حقّه بالعيش سعيدا في كنف أمه وأبيه ، وبأن يراه والده ووالدته يكبر أمامهما رجلا ، يافعا ، يملأهما سعادة وفخرا ..
أحلام هؤلاء الاطفال تحوّلت الى وجع مستمر ، وبؤس لا يعرف نهاية ، اذ انقلبت حياتهم رأسا على عقب ، منذ اللحظة الأولى التي قَتَلوا فيها أبيهم وأمهم الحامل وشقيقيهم التوأم اللذين كبرا يوما بعد يوم في أحشائها ، قُتلا برصاص مزّق جسديهما ، وتركا اولاهم الأربعة يصارعون الحياة .
محمد (15 عاما) ، ليان (14 عاما) ، جبريل (8 أعوام) ولين (4 أعوام) من اللد ، حرموا بلحظة قاتلة ، من النوم في حضن ابيهم جدوع الزبارقة (38 عاما) وحضن أمهم آمال (37 عاما) ، تحت سقف ذلك البيت الذي جمعهم كأُسرة واحدة ، وباتوا يُلملون اشلاء الذكريات الحُلوة من الحياة تحت كنف والديهم .. تلك الحياة التي رحلت الى غير رجعة ..
فالاطفال الذين ناموا في احضان امهم وأبيهم ، تحت سقف بيت واحد ، باتوا ينامون في بيوت أقرباء ، تاركين غرفهم وأسرّتهم ووسائدهم التي كانت تغفو عليها احلامهم البريئة في بيتهم الذي انهار بلحظة .
الاولاد لا زالوا يسألون عن غياب والديهم ، والاقرباء الذين تتمزّق قلوبهم حسرة ، يحاولون ان يعوّضوا هؤلاء الاطفال حضن الأم الدافئ ولمسة الأب العطوفة ، بقدر ما يستطيعون .
ويقول الأستاذ عبد الله ابو فياض ، شقيق المرحومة، في حديثه " اولا نؤكد بأن المرحومة ابنتنا قتلت وهي حامل بتوأم في شهرها الثالث. كانت تعمل في صناعة الكعك من أجل العيش الكريم. وكانت ربة بيت رائعة وتهتم بأطفالها الأربعة بشكل ممتاز. لقد وقعت علينا هذه الجريمة النكراء كالصاعقة ، حيث لم نتوقع يوما ان نعيش هذا السيناريو ولم نكن يوما في دائرة العنف الذي يعيشه مجتمعنا " .
وأردف قائلا :" الحزن يملأ قلوبنا ، خاصة عندما نشاهد الأطفال الأربعة ينتظرون عودة ذويهم . وطيلة الوقت يتساءلون "وين بابا ووين ماما"؟ " .
واضاف ابو فياض: "اول ما نطالب به في أعقاب هذه الجرائم ان يكون تحركا شعبيا على جميع المستويات من القيادة العربية ورجال الدين ورجال التربية والتعليم ، ليشاركوا في وقفات احتجاجية ونشاطات مختلفة من أجل محاربة العنف الذي أصبح يفتك بالعائلات في الوسط العربي " .
وتابع عبد الله ابو فياض قائلا :" على ما يبدو أن الشرطة في الوسط العربي أعلنت إفلاسها من جميع النواحي وبقيت شرطة مخالفات سير فقط ، وأنها استسلمت أمام المجرمين ولا تستطيع مجابهة الإجرام المنظم الذي أصبح أقوى منها . يجب على الشرطة ان تقوم بجمع السلاح مع استخدام التكنولوجيا المتقدمة لكشف السلاح والقبض على المجرمين" .
أما اسماعيل ابو مطير الزبارقة؛ أحد أقرباء العائلة ، فقال "ما حدث هو جريمة كبيرة لا يتصورها العقل ولا يتقبلها اي دين سماوي بأن يتم قتل بدم بارد زوجة حامل ولديها أطفال وقتل زوجها بدون اي سبب. يجب أن يعلم القاتل بأن قتل امرأة أو الاعتداء عليها أو الاعتداء على زوجها أمامها؛ لم يكن من العادات والتقاليد التي تربينا عليها، حيث كان الناس في الماضي يخجلون من الاعتداء على أي شخص بحضور النساء؛ فما بالك بأن تقتل زوجة وزوجها في آن واحد. وهذه ليست الرجولة وإنما هي النذالة بعينها " .
واضاف ابو مطير :" اصعب ما في الأمر بعد قتل الزوجة بشكل خاص ، هو الأطفال الأربعة الذين اصبحوا أيتاما بلحظة واحدة. ونحن نتساءل ما ذنب هؤلاء الأطفال ان يعيشوا حياتهم دون أب وأم ؟ ماذا يشعر هذا القاتل في هذا الوقت ؟ وعندما يضع رأسه لينام وهو يعلم أنه مسؤول أمام الله والعالم أجمع عن تنفيذ هذه الجريمة النكراء ؟ " .
وحول رعاية الاطفال ، بعد موت الاب والام ، قال ابو مطير "بعد الحادثة النكراء تم توزيع الأطفال الأربعة بين الاقرباء . اثنان من الأطفال يمكثان لدى أقربائهما في كسيفة واثنان في اللد . والكل يعلم أنه لا يوجد حنان يسدّ بدلا عن حنان وعطف الأم والأب. ولكن لا نتركهم لوحدهم ولن يشعروا بالوحدة أبدا ، حيث يحتضنهم الجميع بكل محبة " .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]