مدينة "حسن كيف" الواقعة في جنوب شرق تركيا على ضفاف نهر دجلة، تقع في منطقة كردية، ويقول المؤرخون أنها مأهولة منذ عشرات آلاف السنين، ولكنها ستختفي خلال الأشهر المقبلة تحت مياه بحيرة اصطناعية بسبب بناء سد إليسو لتوليد الكهرباء على نهر دجلة.
ويشكل هذا السد الورشة الرئيسية في مشروع جنوب شرق الأناضول، وهو مخطط يهدف إلى تنشيط اقتصاد المنطقة التي تهملها أنقرة منذ فترة طويلة، بالاستناد إلى الطاقة والري.
سكان المدينة، ويبلغ تعدادهم 3 آلاف نسمة، ينقسمون إزاء هذا المشروع الذي سيغمر مدينتهم وحوالي مئة قرية أخرى، بين الغضب بسبب التضحية المطلوبة منهم والتطلع إلى الاستفادة من الانعكاسات الاقتصادية التي تعد بها الحكومة، حيث شكل المعارضون مجموعة "إبقاء حسن كيف على قيد الحياة" التي تضم منظمات غير حكومية ومسؤولين محليين.
وعلى مدى التاريخ المديد لهذه المدينة، مر عليها الآشوريون والرومان والسلاجقة وغيرهم تاركين وراءهم تراثا استثنائيا في موقع يستقطب آلاف السياح بسبب الكهوف المنتشرة فيه والتي بقيت مأهولة حتى السبعينات.
إلا أن الحكومة التركية ماضية في مشروعها وتؤكد أنها تبذل كل الجهود الممكنة لإنقاذ معالم الموقع التي نُقل الكثير منها في إطار عمليات ضخمة، ويقوم العمال، حاليا، بتثبيت آثار مسجد أيوبي يعود إلى القرن الرابع عشر على منصة لنقلها مسافة ثلاثة كيلومترات إلى "المنتزه الثقافي" الذي سيرى النور في المستقبل.
دشن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مشروع إليسو عام 2006 عندما كان رئيسا للحكومة، ووعد آنذاك بأن السد الذي سيصبح ثاني أكبر سدود البلاد، سيكون مكسبا كبيرا للسكان.
ويتضمن المشروع بناء مدينة "حسن كيف جديدة" على الجانب الآخر من النهر مع شقق فسيحة ومستشفى حديث جدا، ولكن بناء المدينة الجديدة، التي هي عبارة عن صفوف من الأبنية تفصل بينها طرقات موحلة غير معبدة بغالبيتها، يعاني من تأخير كبير، والسكان الذين كان من المفترض أن ينتقلوا إلى منازلهم الجديدة في نهاية عام 2018، عليهم أن ينتظروا حتى صيف 2019.
ويأمل مؤيدو السد من السكان أن يساهم في إنعاش السياحة بفضل ترميم الحصن وبعض الكهوف التي لن تغمرها المياه.
حاليا، ينتظر المهندسون الضوء الأخضر من إردوغان لإغلاق الصمام الأخير من أصل ثلاثة في السد والانتهاء من حبس المياه، وهي عملية بدأت الصيف الماضي، وعندها سيبدأ العد العكسي لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تغمر المياه "حسن كيف".
ولكن هيئة إدارة المياه المسؤولة عن السدود في تركيا لم تعلن عن جدول زمني للعملية، وإن كانت وسائل الإعلام تفيد أن العملية ستنجز بالكامل في العام 2019.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]