التسكع والميوعة ..... هذا هو حال الشعوب العربية ما قبل الثورات المجيدة، وقد أصابها من تخدير المهرجانات السخيفة ما جعلها تتخبط في مستنقع سخافات الحكام واستعبادهم.
فكان المواطن العربي من طنجا إلى جاكرتا بين احتفال بمرور 40 عاما على ثورة الفاتح، ومهرجان عشرين عاماً على تولي أمير المؤمنين المغربي مقاليد السلطة، و60 عاماً على ثورة آل سعود.
ولهذه المناسبات وغيرها تُحرّك الجيوش، وتعلن حالات الطوارئ، وتسخر الملايين، ويتم إطلاق سراح المجرمين "بعفو رئاسي"، وتطلق البالونات، وتفتح أبواب الرذيلة للراقصين والراقصات، والمعتوهين والمعتوهات. كل هذا بدعوى المهرجان في ذكرى أو مناسبة لا يعلم أحد مأربها وغايتها، سوى البهرجة الكاذبة من قبل الحكام لتغريب مآسي الشعوب.
سُئل حمار ذات يوم هل تريد أن تكون ملكاً ليوم واحد فقط؟! فقال:" أمنية ستتحقق...موافق شريطة أن أختار أنا اليوم" فأخذ يفكر قليلًا فقال:" أمهلوني وقتًا !
مر يوم واحد، ثم أسبوع،واحد ، فصنع الحمار حيلة وهي "أسبوع مهرجان الولائم"، وليمة لحوم فاخرة للأسود، ويوم وليمة شعير لقطيع المواشي، ومأدبة جزر للأرانب ... . فجاءه نقيب الفيلة فقال:"هل حدد جلالة الملك يوما لتوليه العرش؟! " فقال الحمار:"غداً مهرجان وليمة أخر، لتنصيب قطيع الفيلة وزراء عند الملك المعظم...." فضحك الحمار في نفسه وقال "طعم التم تستحي العين".
وهذا تمامًا ما يراد من تلك المهرجانات على اختلاف التسميات والمسميات، بأن يروج لقضايا على حساب اخرى وإسكات بعض الأفواه بمشاريع وجدت لغايات لا تخدم سوى من ورائها وبالتالي فرض بهرجة الاحتفال والفخامة على كذبة اسمها حب الوطن، واللغة، والقومية، ونشر التسامح !! تماماً كما هو حال المرأة القبيحة التي تصنع ما تصنع لتزيد من جمالها المفقود، وتغير من مرآها فتضع من الألوان على وجهها وتبرز ما قد يجملها "عبثاً محاولاتها لأنها قبيحة...وأن محاولاتها ستزيد الناس استهزاء وسخرية بها...
ففي كل موسم وعندما تتأزم الأحداث وتتعاظم الكروب، من عنصرية وهجوم المستوطنين، وقضايا مميتة تستدعي اليقظة، والتنبه، والتعقل، يخرج إلينا بفكرة مخدرة في ظاهرها الرحمة، وفي باطنها كسب المال او الشهرة ورفع الرصيد الموهوم، لتصبح هذه الفكرة يوماً من أيام السنة، ومناسبة عطرة ! تجتمع الناس وتلتقي، ولا يعلم احد لماذا حضر،تلبس أجمل الملابس ،وتوضع أطيب العطور وأرقى التسريحات و تصرف لها الأموال وتسخر المقدرات...
إن المجتمع يحتاج منا بأن نزوده بالمعرفة والدراية بميحيطه، وتثقيفه ...ونقل أمانة المعلومة، ويتطلع إلى من يفض النزاعات الشخصية فيما بينهم، والتسامح الأخوي، إن مجتمعنا يتطلع إلى من يقوم بتوعية الناشئة بمعاني حب الهوية والأوطان، ونشر الأخلاق الحميدة.
اللغة العربية هي هوية ومعرفة الذات والقدرة على النطق والتعبير بها وأسلوب حياة وتعامل وإتصال ،وليست مناسبة لتوزيع الحلوى والتقاط الصور مع الأفاعي والغنم، و الإستماع إلى الأغاني الماجنة، ومشاهدة الشعوذة والسحر.
التسامح هي لغة وثقافة، وأخلاق المجتمع ،تتم عبر التربية الصالحة وتذويت معاني حب الوطن والغيرلدى جيل الناشئة ،وليست عبر استعراضات كشفية وطبول ومزامير، ورقص في الشوارع...
قال احمد شوقي:
برزَ الثعلبُ يوما في ثياب الواعظين
فمشى في الأرضِ يهدي ويسبُ الماكرين
ويقول الحمدُ لله إلـــــه العالمين
يا عبادَ الله توبوا فهو كهفُ التائبين
واطلبوا الديكَ يؤذن لصلاة الصبح فينا
مخطئٌ من ظن يوما أن للثعلبِ دينا
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]