لا يخف على أحد ممن يعرفني كم أنا هائم بحب بلدي الحبيب يافا . يافا التاريخ والحضارة والعلم والثقافة. مدينة تغنى بها الشعراء وغازلها الرحالة العرب والأجانب. بوابة فلسطين وعروسها. ومفتاح قلبها المعطر بعبير بياراتها وقصة عشق بينها وبين بحر يأبى الفراق. تلامس أمواجه أطرافها وكأنها تداعبها حبا ووصالا. يافا التي قيل عنها الكثير في الشعر والنثر. أرض الرباط ومهبط الحجاج , وقاب قوسين من مسرى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قلت أن يافا هي نعمة أنعم الله علينا بها. وأكاد لا أذكر وفدا حضر إلى يافا ورافقني في جولة للتعرّف على درة فلسطين إلا ووجدتني أغازلها وأداعبها كما يداعب العاشق الولهان حبه ويبادلها الوصال.
على مدى مئات بل آلاف السنين عُرفت يافا بمكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هناك مقولة أرددها كثيرا وربما كنت قد ذكرتها من قبل تقول " أن الكتاب كان يكتب في مصر ويطبع في بيروت ويقرأ في يافا". وشعب فلسطين هو أكثر الشعوب تعلما ولا نقول في المدن فحسب وإنما أبناء القرية كان لهم نصيبا كبيرا من العلم والمعرفة . أليس محمود درويش أبن قرية البروة ؟ وكوكبة كبيرة من الكتاب والعلماء والأدباء من أبناء فلسطين قبل وما بعد النكبة. فالظلم والاستبداد والحرمان والتفرقة العنصرية زادت من حماس هذا الشعب ودفعته للتسلّح بالعلم والمعرفة.
سيقول البعض ما لنا وخبر كان ؟ فأقول لهم أن التاريخ يرسم لنا صورة عن الماضي ولكننا نعيش اليوم حاضرا واعدا ونشهد العشرات بل المئات من أبناء يافا يلتحقون بالجامعات والمعاهد العليا ويتفوقون. وقد وصل بعضهم إلى أعلى المناصب في سلك القضاء والتربية والتعليم وغيرها من المجالات . هي طريق طويلة وشاقة ولكنها في نهاية الأمر ممتعة ومثمرة. أهلنا في يافا ورغم كل المخططات والنوائب والمؤامرات التي تحاك ضدنا إلا أننا ما زلنا صامدين على أرض الآباء والأجداد. نحافظ على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا العربية وبذلك يعود الفضل إلى مدارسنا ومعلمينا وأهلنا الذين حرموا أنفسهم من ملذات الحياة في سبيل العلم والمعرفة لأولادهم. ولا ننسى الشمعة التي أضاءها الشيخ الفاضل بسام أبو زيد شيخ وإمام يافا رحمه الله لينير درب الدعوة ونشر دين المحبة والتسامح.
إذا لماذا الاستخفاف بعقولنا؟ وما سر تعامل لجنة الثقافة العربية مع أهلنا في يافا بهذا المستوى من السخافة والاستهتار؟ هل الأفاعي هي جزء من ثقافتنا أم أن الحيوانات والبهلوانات هي الثقافة العربية. هل من المفروض أن تبذر الميزانية المخصصة للثقافة العربية من قبل بلدية تل أبيب يافا والتي تصل إلى 400 ألف شيكل بهذا الشكل؟ أعتبر أن المشاركة المحدودة بما يسمى بالمهرجان كان الرد والتوقعات بمشاركة المئات كانت مخيبة للآمال أو بعبارة أخرى أهلنا في يافا يرفضون هذا المستوى من التعامل لذلك عاد من شارك بجزء من المهرجان بخفي حنيّن. وأترك المجال مفتوحا أمام القارئ ليعبر عن موقفه من هذا المستوى من التعامل.
عبد القادر سطل يافا
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]