نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا تحدث فيه عن سلوك السلطات المصرية في قمع الاحتجاجات المناهضة للانقلابي عبد الفتاح السيسي والمطالبة بإسقاطه.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن قوات الأمن المصرية، التي نشرت “عصابات” من رجال ملثمين مسلحين وشرطة مكافحة الشغب، قامت باتخاذ إجراءات صارمة وتضييقات في المناطق الوسطى من القاهرة يوم الجمعة، ما حال دون قيام المتظاهرين المناهضين للحكومة بتوجيه تحدٍ رئيسي ثان للنظام في غضون أسبوع واحد، على الأقل حتى الآن.
وقالت الصحيفة إن قوات الأمن أغلقت أكثر من عشرة من الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير، مهد الربيع العربي في مصر ومركزه عام 2011 التي أطاحت بحكم الحكم الاستبدادي الطويل حسني مبارك، مؤكدة: “كانت الشوارع مهجورة، مع وجود قوات الأمن فقط، مما جعل المنطقة مثل القلعة التي لا يمكن اختراقها.
وأشارت إلى أنه تم إغلاق بعض محطات المترو في وسط القاهرة. “وعند نقاط التفتيش، قام ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي العسكري بإيقاف الأشخاص بشكل عشوائي، وخاصة أولئك الذين يستخدمون الدراجات النارية، مطالبين برؤية وثائق هويتهم وحتى محتويات هواتفهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وعند ليلة الجمعة، كانت هناك تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي عن اثنتين من الاحتجاجات قصيرة الأجل: واحدة في منطقة القاهرة والأخرى في مدينة جنوبية أخرى.
وأضافت الصحيفة أنه “مع قيام الحكومة بخنق الحركة والتجمع ومنع حرية التعبير للعديد من المصريين، إلا أنها جلبت عشرات الآلاف ليخرجوا ويتجمعوا في مدينة نصر بالقاهرة. نٌظمت المظاهرة الموالية للحكومة على بعد دقائق قليلة من ميدان رابعة، حيث قتلت قوات الأمن المصرية المئات من المحتجين المناهضين للحكومة في عام 2013”.
وبحلول الليل، أصبح التجمع حفلا ضخما مع شاشات فيديو وأضواء ساطعة لدعم الرئيس المصري المستبد عبد الفتاح السيسي. وهتف الحشود “سيسي ، سيسي ، سيسي” ، يحملون أعلاما مصرية وملصقات للرئيس.
وقالت الصحيفة إنه على مدار الأسبوع، كانت الحكومة تستعد لهذا اليوم لتنفذ أكبر حملة أمنية لها منذ ست سنوات. بحلول يوم الجمعة، كانت أكثر دول العالم العربي اكتظاظا بالسكان، أكثر توترا من أي وقت مضى منذ تولي السيسي السلطة قبل خمس سنوات.
وفي يوم الجمعة الماضي، خرج مئات المتظاهرين إلى الشوارع في مظاهرات بالعديد من المدن، في حركة كانت بمنزلة التحدي الأكبر لحكم السيسي. وحث المقاول ورجل الأعمال محمد علي، الذي هزت فيديوهاته عن فساد الجيش وكبار الضباط وعلى رأسهم السيسي المصريين المحبطين، حث الملايين على الاحتجاج يوم الجمعة ضد السيسي.
وقال محمد شوقي، 19 عاما، طالب جامعي، صباح الجمعة: “سنحتج لأننا على الجانب الصحيح، الجانب الجيد”. نحن نفعل هذا لأننا نؤمن بعدالة قضيتنا. هذا ما يجعلنا أقوى حتى عندما نخاف حتى الموت. إنه يعطينا الإيمان، حتى عندما يكون لدى النظام أسلحة وجنود”.
ولكن بحلول ليلة الجمعة، لم تخرج المظاهرات التي طال انتظارها. حث علي في شريط فيديو ليلة الخميس المصريين على تجنب ميدان التحرير والاحتجاج في أجزاء أخرى من القاهرة، لكن قوات الأمن كانت موجودة في جميع أنحاء المدينة.
وفي وقت مبكر من مساء الجمعة، كان شوقي محبطا. كان يحاول مقابلة زملائه المحتجين في مكان مفتوح في منطقة بولاق أو في المناطق القريبة. وقال شوقي: “كل الأماكن التي يمكن أن نتجمع بها في بولاق أو في أي مكان آخر تقع تحت سيطرة الأمن”. “لا يمكننا حتى اللقاء”.
وعززت قوات الأمن المصرية وجودها في القاهرة، وهو ما عرض الناس للتخويف على عكس أي شيء شوهد منذ سنوات. ووقفت مركبات مصفحة وشرطة مكافحة الشغب أمام المساجد والمباني الحكومية.
وفي الأحياء التي احتج فيها السكان في الماضي، كان رجال الأمن بملابس مدنية يحملون أجهزة اتصال لاسلكية ومسدسات مرئية، وكانوا يبحثون عن الناس ويستجوبونهم.
وفي ميدان رمسيس في القاهرة، كانت شاحنة صغيرة وحافلات صغيرة تحمل العشرات من الرجال المدججين بالسلاح الذين يرتدون أقنعة بالأكلافا السوداء. لقد تبعوا قافلة من مركبات الشرطة، تضمنت عربات مدرعة كبيرة، تسير في اتجاه منطقة معروفة بالمعارضة.
وخلال الفترة الماضية، اعتقلت الحكومة أكثر من 2000 شخص، وفقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومن المرجح أن يرتفع العدد. وقال محامو حقوق الإنسان، إن الكثيرين اعتُقلوا تعسفيا في عمليات تمشيط عشوائية.
وكان من بين المعتقلين سياسيون معارضون وصحفيون ونشطاء، إلى جانب سبعة أجانب على الأقل، بينما تحاول حكومة السيسي تصوير المعارضة الناشئة على أنها مدبرة من قبل القوى السياسية الأجنبية. السيسي، في اجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ألقى باللوم على الاحتجاجات على “الجماعات الإسلامية السياسية”.
ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش، الجمعة، الحملة الأمنية التي شملت تقييد العديد من خدمات الإنترنت والمواقع الإلكترونية، بأنها ربما تكون الأكبر منذ الإطاحة عام 2013 بمحمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، الذي أطيح به في انقلاب عسكري من تدبير السيسي.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]