مما لا شك فيه أن الطلاق معول هدم للأسر, ومشرط تمزيق لنسيج المجتمع, ومما يدعو للقلق أن كثيرا من الأسر باتت يحوم فوقها شبح الطلاق, ولا يخفى على احد ما يترتب على الطلاق من أضرار مادية ومعنوية, تطال كل أفراد الأسرة, الزوج والزوجة والأولاد, ومن آثار سلبية على المجتمع بأسره.
ومما يدعو للقلق أننا نشهد ازديادا في حالات الطلاق, وهذا يعني مزيدا من التمزُّق في نسيج المجتمع, ومزيدا من الهدم في بنيته, ومزيدا من تشريد الأولاد وضياعهم, يتساءل الكثير من الناس ما هي الأسباب المؤدية إلى تزايد حالات الطلاق, وهو ابغض الحلال إلى الله ؟.
هناك أسباب كثيرة ومتعددة, منها أسباب ماديّه مثل المسكن الذي بات معضلة في هذه الأيام, وتكاليف المعيشة, وكثرة المصاريف في ظل الغلاء الفاحش, ومحدودية الدخل الشهري للزوج أو للزوجين معا, ومنها أسباب معنوية مثل تباين الأخلاق وتنافر الطباع وسوء العشرة, وهناك أسباب أخرى كثيرة, يصعُب تحديد سبب بعينه.
ففي كثير من الحالات يكون أكثر من سبب, ويمكن القول أن السبب الرئيس هو تكلفة الزواج, ابتداء من شراء مسكن, وتجهيزه للزواج, وما يتبعه من استحقاقات سداد ديون الناتجة عن ذلك لجهات عدّه, أثقلها حملا وأشدها عبأ, استحقاق دين المشكنتا, طويل الأجل والذي يمتد سداده إلى سنين طويلة, ويتحول إلى مبلغ ضخم بسبب نسبة الربا ألمرتفعه التي يفرضها البنك الدائن, ناهيك عن نفقة المعيشة ومستلزماتها, من مستحقات خدمات البلدية (الارنونه) والمياه والكهرباء, ومتطلبات الأولاد والمدارس والمأكل والملبس, هذه المستحقات والمتطلبات, تفوق بكثير الدخل المحدود للزوج إن كان عاملا أو موظفا.
وان كان هو المعيل الوحيد للاسره, وأحيانا دخل الزوجين معا لا يكفي لتغطيتها, هذا يسبب حاله من القلق, ومن الإحباط, والشعور بالعجز, والتوتر لدى الزوج المكلف والمسئول عن توفير هذه المتطلبات, خاصة إذا كانت الزوجة لا تتفهم ولا تراعي الظروف, ولا تحسن التدبير والإدارة المنزلية, ولا يهمها إلا تحقيق رغباتها, والاهتمام بشكلها الخارجي, وتلبية طلباتها, هذا من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات الزوجية وإفسادها, وهذا يوصل حتما إلى نزاع وشقاق بين الزوجين ينتهي إلى الطلاق.
لاجتناب ذلك والحفاظ على الحياة الزوجية, وعلى الأسرة والأولاد من التشرّد والضياع, يتعيّن على الزوجين منذ بداية حياتهما الزوجية القيام بعملية تنظيم لمسار حياتهما, الدخل والمصاريف بأنواعها, ورسم خريطة لمستقبل الأسرة والأولاد, ثم العيش وفق هذا النظام وهذه الخريطة, مهما كانت الصعوبة في التطبيق, وتطلب الأمر إلى الاستغناء عن بعض المُتع الدنيوية, وخاصة السفر للنزهة خارج البلاد, يمكن الاستغناء عن طابا, وعن شرم الشيخ, وعن تركيا واسبانيا, والتي تسددُ تكلفتها بأقساط شهريه, دين إضافي على الديون المتراكمة, وكما قيل الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة, في مقال لاحق نتحدث إن شاء الله تعالى, عن سبب معنوي يؤدي إلى الطلاق, وهو سوء العشرة.
اللهم اجعلني هاديا مهديا
سعيد سطل أبو سليمان
12/12/2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]