تقدمت عضو البرلمان الإسرائيلي أنستاسيا ميخائيلي باقتراح سن قانون يمنع استعمال مكبرات الصوت في الأذان, مدّعيه أن الأذان في مكبرات الصوت يقضُ مضجع الكثير من المواطنين الإسرائيليين, ويسبب لهم إزعاجا, ويمس بالبيئة وجودة حياتهم.
ونحن نتساءل, ما الذي يزعج المواطن الإسرائيلي وتحديدا اليهودي, ويقضّ مضجعه ويُنغّص عليه عيشه ؟ أهو صوت المؤذن, أم الأذان ذاته ؟ نحن المسلمين يزعجنا من الأذان الصوت القبيح , سواء كان عبر مكبّر الصوت, أو بدون مكبر الصوت, , ويزعجنا اشد الإزعاج أن يُقصى ندي الصوت التقي العالم بالسنّة, ويتقدم ويزاحم على الأذان قبيح الصوت الجاهل بالسنّة, فعند الحنفية يُسن أن يكون المؤذن رجلا عاقلا تقيا عالما بالسنة, وبأوقات الصلاة, لأنه مؤتمن, يُرجع إليه في الصلاة والصيام, وعند الجمهور أن يكون حسن الصوت, ليرق قلب السامع ويميل إلى الاستجابة, والأذان معناه اللغوي الإعلام, يُراد منه الإعلام بدخول وقت الصلاة, ومكانها والدعوة إلى الجماعة, ومن حديث ابن عباس, ليؤذن لكم خيارُكم ويؤمكم قراؤكم, وفي سنن أبي داوود والترمذي وغيرهما, صح حديث عبد الله بن زيد الأنصاري أنه رأى الأذان في المنام, فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره به, فجاء عمر فقال, يا رسول الله, والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى, فقال رسول الله لعبد الله بن زيد, القه على بلال فانه أندى صوتا منك, قيل معناه ارفع صوتا, وقيل أطيب صوتا, فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت حسنه وهذا متفق عليه, فالصوت الحسن تطرب له الأذُن, ويرق له القلب, ويُنعش البدن.
فنحن المسلمين يزعجنا من الأذان الصوت القبيح, أما الذين يناصبون الإسلام والمسلمين العداء, فيزعجهم الأذان ذاته, كلمات الأذان هي التي تزعجهم, وتقضُ مضاجعهم, وتنغّص عليهم عيشهم وترعبهم, وأكثر ما يرعبهم من كلمات الأذان, كلمة الله اكبر, لأن صداها يقرع آذان الطغاة المفسدين في الأرض, ويخترق قلوبهم فيزلزلها, ينزل عليهم كالصاعقة من السماء, يأتيهم من كل اتجاه لا تمنعه حصونهم المدججة بالسلاح, كلمة الله اكبر كالنار الملتهبة النازلة من السماء, يشعرون بلهيبها يلفح وجوههم, تنذر وتتوّعد كل الطواغيت في الأرض, بتطهير الأرض من رجسهم إذا لم يقلعوا عن ظلمهم وطغيانهم, كلمة الله اكبر يرونها بآذانهم سيفا بتّارا مسلطا على رقابهم, لأنها كلمة حق, والله عز وجل هو الحق, فهل يوجد في الكون شيءٌ اكبر من الله, هل توجد قوّةٌ على وجه الأرض اكبر وأقوى من قوّة الله, الطغاة في كل مكان هم أول من يعرف هذه الحقيقة, فالله اكبر من كل شيء, واكبر واعدل من أن يضيع عنده حق, هؤلاء المحتلون الذين يعيثون في الأرض فسادا, يقتلون الأبرياء, ويهدمون البيوت, ويقتلعون شجر الزيتون, ويتلفون الحقول, ويعتدون على المقدسات, يحرقون المساجد, كل هذه الممارسات الإجرامية, تقع وتجري تحت أعين الجيش وحمايته, وبتخطيط من حكومة الاحتلال, لا مُساءلة من احد ولا مُحاسبه, لا جامعه عربيه, ولا انظمه عربيه, ولا انظمه دوليه, ولا سُلطه فلسطينيه, الكل يصم أذنيه ويغمض عينيه, لا يريد أن يسمع أو أن يرى, ولكن الله يسمع ويرى, لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء.
فكلمة الله اكبر عندما يصدع بها المؤذن عالية من فوق المآذن عبر مكبرات الصوت, في جميع أصقاع الدنيا, خمس مرات في اليوم والليلة, تذكّر جميع الطواغيت بطغيانهم وبجرائمهم, وأنهم لن يفلتوا من العقاب, وبخاصة الذين يحتلون بلاد المسلمين ويعيثون فيها فسادا وعلى رأسها فلسطين, تذكرهم أنهم محتلون, وأن وجودهم مؤقت, وأنه إلى زوال, عندما يأذن اللهُ بذلك, هذه حقيقة يدركونها لا تخفى عليهم, لذلك لا يريدون سماع ما يذكرهم بهذه الحقيقة في الليل والنهار خمس مرات, فالأذان يؤذنهم باقتراب النهاية, والله غالبٌ على أمره.
سعيد سطل أبو سليمان
11/1/2012
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]