يكاد لا يخفى على أحد موقف اليمين المتطرف في هذه البلاد من أهلها العرب، فهو لا يريد رؤيتهم فيها قط، وخاصة سكان المدن المختلطة، فقد تم استقدام الكثيرين ممن ينتمون إلى مجموعات اليمين أمثال " هجرعين هتوراني" إلى مدينة اللد، ويافا، وعكا، وغيرها من المدن المختلطة لأسباب ايديولوجية صرفة وواضحة وضوح الشمس في وضح النهار، تعتمد في جلها على تهويد هذه المدن وإن كانت تبطن بتصريحات مثل تصريحات هذه المجموعة التي تم توطينها في مدينة اللد التي تبدو لأول وهلة أنها ترغب في " تعزيز المدينة" لكن هذه التصريحات لم تصمد طويلا أمام عنصرية هذه المجموعات حيث تجلى زيف هذه التصريحات في تصريحات أخرى مفادها أن هذه المجموعة جاءت إلى مدينة اللد لكي تغير التوازن الديموغرافي في المدينة ولكي تتصدر قيادة المدينة لتتمكن من تقليص ومحاصرة دور سكان المدينة العرب.
لكن من عجيب المفارقات أن هذه المجموعات وغيرها من اليمين لا تتقيد بمبدأ عندما يتعلق الأمر بالعرب مواطني البلاد الأصليين فها هي بعض أوساط اليمين تحرص فجأة على زيادة عدد العرب في اللد من خلال تأيدها لقرار ضم قرية دهمش إلى مدينة اللد وعدم رفضها ومعارضتها لهذا الضم مع أن ضم قرية دهمش إلى مدينة اللد يزيد عدد السكان العرب في المدينة بحوالي 600 نسمة ويضيف حيا أخر إلى الأحياء العربية في المدينة التي يعتبرها اليمين السبب في تدهور أوضاع المدينة ويرى أن المدينة بحاجة ماسة إلى استقطاب مجموعات سكانية يهودية قوية لانتشال المدينة من الأوضاع التي تعاني منها.
لم يأتي تأيد اليمين لضم قرية دهمش إلى مدينة اللد من منطلق الحرص على اللد ولا على مصلحة سكان دهمش العرب بل لأنه يعتبر ضم قرية دهمش إلى اللد بمثابة " أخف الضررين" حيث لا يوجد أمامه إلا خيارين اثنين لا ثالث لهما إما الاعتراف بقرية دهمش كقرية ضمن منطقة نفوذ المجلس الإقليمي " عيمك لود" وبالتالي يتم تلويث النقاء العرقي لسكان القرى اليهودية التابعة لهذا المجلس عندما يضاف إليهم حوالي 600 مواطنا عربيا سيخلون لا محالة بالتوازن الديموغرافي داخل المجلس الإقليمي هذا التوازن الذي حرص اليمين نفسه عليه من خلال زيادة عدد اليهود في اللد، وإما ضم قرية دهمش لمدينة اللد لتصبح حيا عربيا أخر يعاني حاله حال باقي الأحياء العربية في اللد من الإهمال والتهميش.
إن التفسير الوحيد لهذه المعادلة التي يتبعها اليمين عندما لا يريد ضم سكان قرية دهمش العرب إلى المجلس الإقليمي " عيمك لود" ويقبل بضمهم إلى مدينة اللد المختلطة ذات الأغلبية اليهودية مع أنه لا ينفك عن ترديد حرصه على " تعزيز مدينة اللد" من خلال جلب مجموعات سكانية قوية إليها كحل لمشاكلها، هو اعتراف اليمن نفسه بزيف ادعائه بأنه حريص على " تعزيز مدينة اللد" خاصة وإن ضم سكان قرية دهمش إلى اللد مع أن أوضاعهم الاقتصادية سيئة ومع أن قريتهم تفتقر إلى ابسط البنى التحتية من شوارع ومجاري وشبكة مياه ناهيك عن خلوها من أي مرفق عام لا ولن يساهم في " تعزيز مدينة اللد" البتة.
أهالي قرية دهمش مرحب بهم في اللد مادام انضمامهم إلى اللد يخدم مصلحتهم وما داموا متنبهين إلى الصفقة التجارية التي تقف وراء تأيده اليمين لضم قريهم إلى اللد، فبمقتضى هذه الصفقة التجارية سيتم مقايضة قرية دهمش بآلاف الدنمات من الأرض التابعة للمجلس الإقليمي ستتسلمها اللد ثمنا لقبولها ضم دهمش إلى منطقة نفوذها حيث لن يكون نصيب سكان اللد العرب بما في ذلك سكان دهمش إلا ترسيخ تهميش وإهمال الأحياء العربية وبناء العديد من الأحياء اليهودية والمعاهد الدينية اليهودية على هذه الأراضي التي ستتسلمها بلدية اللد مقابل دهمش ومن هنا أصبحت قرية دهمش غالية فاستنفر اليمين المتطرف.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]