كشفت الأحداث الأخيرة التي انتصر فيها أبناء الداخل الفلسطيني للقدس والأقصى والشيخ جراح وغزة، عن حجم السواد والحقد في عقيدة الشرطة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية المختلفة على أبناء الداخل الفلسطيني لا سيّما الجيل الشاب الذي ظنّت المؤسسة الإسرائيلية أنه استسلم للواقع الإسرائيلي ومخططات دمجه وحرفه عن بوصلته الوطنية والدينية.
اعتمدت الأجهزة الشرطية والأمنية الإسرائيلية كافة أسلحتها النارية والقمعية للبطش بالمتظاهرين السلميين في البلدات العربية الذين هبوا كرامة للقدس والأقصى وغزة.
ووثّقت الكاميرات والصور خلال الأحداث، اعتداءات الشرطة وحرس الحدود والجيش والوحدات الخاصة وغيرها، على المتظاهرين العرب، بالضرب الوحشي، والرصاص الحي، كما في كفر كنا، والرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع وسيارات رش المياه العادمة، هذا إلى جانب اقتحام قوات الشرطة والمخابرات لمنازل المواطنين العرب خلال حملة الاعتقالات التي تزامنت مع المظاهرات وفي أعقابها، في ساعات متأخرة من الليل، وبث أجواء رعب وتهديد للآمنين والعبث بمنازلهم دون أن يسلم المعتقلون من اعتداءات وحشية تركت بعضهم في إعاقة دائمة.
وقال المحامي حسان طباجة في حديث لـ “موطني 48″، إن اعتداءات الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة على الشبان العرب بصورة وحشية تعكس نهجا عنصريا فاشيا لدى المؤسسة الإسرائيلية ما يجعل الشرطي أو عنصر الأمن يأمن تعرضه للمساءلة والعقاب.
وأضاف: “في الاعتداءات التي وقعت على أهالي كفر كنا خلال حادثة اعتقال الشيخ كمال خطيب، لاحظنا أن الحدث تمت إدارته من قبل جهاز الأمن العام (الشاباك) من الألف إلى الياء، ونحن حتى هذه اللحظة لا نعرف أسماء الوحدات التي قمعت الأهالي بكل أنواع الأسلحة وكان يرمز إلى هذه الوحدات بالأرقام فقط وهو ما يشير إلى أنها تابعة للمخابرات”.
ويرى طباجة أن اعتداءات الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة على المتظاهرين ومن جرى اعتقالهم لاحقا، خلال الاحداث الأخيرة ومن أحداث سابقة، أكدت أن هذه الجهات الشرطية والأمنية يتم تغذيتها من الجهات السياسية، واضح أن الشرطي حين يمارس بطشه وإجرامه على العربي يشعر بالأمان والحصانة، ربما يقال له “اضرب بيد من حديد ولا تخف المساءلة والعقاب فنحن نتعرض لحرب وجودية”، لذلك يقوم هذا الشرطي بالتنكيل بالعرب في كل مناسبة”.
ويعتقد أنه “بالإضافة إلى ذلك فإن أجهزة الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية تضم العديد من العناصر العنصرية والمريضة التي لا تتورع عن ارتكاب أي شيء من منطلقات عنصرية قومية”.
وساق طباجة أمثلة على البطش الشرطي والمخابراتي، وقال “في واحدة من حالات الاعتقال والتنكيل بالشبان، في مدينة الناصرة، قاموا بإدخال الشبان إلى غرفة واعتدوا عليهم بالأحذية. وفي حادثة أخرى جرى اعتقال قاصر وضربه بطريقة وحشية، عندما دخلت إليه في الزنزانة بدأ يبكي، فقت له “انت رجل لماذا تبكي”، فأجابني بالقول “أنا لا أبكي من الضرب، ولكن لأنهم كانوا يضحكون خلال التناوب على ضربي والاعتداء علي”.
وحول جدوى الشكاوى إلى وحدة التحقيقات مع الشرطة “ماحاش”، قلل المحامي حسن طباجة من جدوى ذلك بالقول: “يتم التعامل مع الشكاوى ضد عناصر الشرطة من قبل ماحاش، بطريقة هزيلة وتافهة تبرر في نهاية التحقيق ما قام به الشرطي!! لو كانت هذه الشكاوى ضد الاعتداء على يهودي لقامت الدنيا ولم تقعد في ماحاش ولكانت التحقيقات جذرية وعميقة ولكن حين يتعلق الأمر بالعرب ينتهي التحقيق بسرعة وسطحية وغالبا يتم إغلاق الملف دون محاكمة أحد أو يكون هنا مجرد لفت نظر!!”.
ووفق مركز “عدالة الحقوقي بحسب بيان صادر عنه فإنه “في الأحداث الأخيرة رصدت انتهاكات كثيرة أشارت إلى تصعيد من قبل الشرطة في الاستعمال القاتل لأسلحة التفريق المختلفة، وان مئات من الإصابات خلفتها هذه الأسلحة في الهبة الأخيرة، منها وصفت بالخطيرة والحرجة، وبعض الإصابات أفقدت المتظاهرين أعينهم أو تسببت لهم بإعاقات مستديمة”.
علامات الحقد الشرطي
الشاب يوسف عيسى من مدينة اللد، أصيب خلال الأحداث، برصاصة مطاطية بالرأس أبقته مقعدا، أطلق الرصاصة بحسب شهادته عنصرا من الشرطة كان يقف على بعد أمتار منه.
ورقد عيسى في المستشفى في حالة غيبوبة نحو 3 أسابيع، ويعتقد أن الشرطة أرادت قتله عبر استهداف رأسه، في حين لم يشكل أي خطر.
أحد الشبان الذين تعرضوا للاعتقال والاعتداء عليهم فضّل عدم الإفصاح عن هويته، قال إنه تعرض للشتم بألفاظ نابية من قبل عنصرين من الشرطة ممن أحاطوا به إلى جانب الضرب المبرح، وأضاف في حديث لـ “المدينة”، أنه “لم يتوقف الضرب والسباب بعد اعتقالي بل زادوا في توجيه الإهانات والتهديد لي بالانتقام من أهلي”.
وتابع الشاب بقوله “حاولوا تجنيدي لصالحهم ورفضت ذلك، وقالوا إنهم سيعيقون تقدمي في حياتي، في الحقيقة الضغوط النفسية والاعتداء الذي تعرضت له أثر بي بشكل كبير جدا، وزاد من كراهيتي لهذه المؤسسة الحاقدة”.
أحد الشبان الذين تركهم الحقد الأسود، في حالة إعاقة، هو محمد شيخ يوسف من الطيبة، وقد أصيب بقنبلة صوت في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة، بعد اقتحامه من قبل قوات الشرطة، أدت إلى فقدانه العين اليمنى.
وتحدث إبراهيم سوري من يافا، عن إصابته برصاصة مطّاطيّة في وجهه داخل بيته حين كان يوثق اعتداءات الشرطة، ما تسبب له بكسور في وجهه، ولا يزال يرقد في المستشفى بسببها.
وروى سوري لحظات إصابته، قائلا إنه “كنت جالسا في البيت، في وقت عاثت الشرطة فوضى في الحيّ، ولمّا مرّوا من تحت منزلي، سمعتهم يسبون النبيّ محمّد، هنا أردت أن أوثّق تصرفاتهم، ولما رآني أحدهم، لمحتهم يتبادلون الإشارات بينهم وهم ينظرون إليّ بحقد”.
وأكد سوري أن “الشرطي الذي أطلق عليّ النار تعمد إصابتي في منطقة الرأس”.
وتحدث عدد من الناشطين عن إصابات مختلفة تعرضوا لها خلال الاحداث وأن الشرطة لم تقصد خلال المظاهرات عملية تفريقهم فقط بل هدفت إلى تحقيق إصابات مباشرة في صفوفهم ربما بهدف تمرير رسالة تهديد وإرهاب لكل من يتظاهر ويحتج على السياسات العنصرية الإسرائيلية.
وقال الممرض والمسعف الميداني، طه اغبارية، الذي عالج الكثير من المصابين في الهبة الأخيرة، في حديث معه إن “أغلب الإصابات كانت من جراء أسلحة التفريق، الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والمسيلة للدموع، وجزء كبير منها في القسم العلوي”.
وأشار إلى أن “أكثر الإصابات كان من الغاز المسيل الدموع، الاختناق والسعال الشديد وتشويش في النظر، ثم إصابات بالرصاص المطاطي وأغلبها يظهر على شكل كدمات زرقاء كبيرة على الجسم مع ألم شديد جدا للمصاب، وإصابات متنوعة بالقنابل الصوتية بسبب الشظايا أو حروق درجة أولى بسبب انفجارها”.
نقلاً عن موقع موطني 48
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]