يقول الله تعالى : يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين . في كتاب ربنا عز وجل ايات تربويه كثيره , هذه واحدة منها نزلت لسبب , وما يهمنا هو العبرة لا السبب , لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , في كل مجتمع من المجتمعات , هناك من يشيع الاكاذيب والاباطيل وينشر الاخبار الكاذبه , يتهم الناس ويفتري عليهم , افك وكلام لا اصل له من الصحة , هناك علاقات كثيره فسدت , وروابط اخويه تقطعت , وبيوت هدّمت بسبب اشاعه او خبر كاذب.
الفاسق هوالذي ينشر الاشاعات والاكاذيب بين الناس بغية الافساد , الفاسق هو الخارج عن امر الله , فسق خرج عن امر الله , كقوله تعالى عن ابليس , إلا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه , الفسوق من الاسماء المذمومه , بئس الاسم الفسوق بعد الايمان , النبأ وهو الخبر الهام , قد يتعلق بفرد او بجماعه او بجهة او بدوله او بأمّه , قد يجيء به شخص , وقد تروّجه جهة مغرضةٌ , وقد تنشره وسائل الاعلام المختلفة , وتتناقله الألسنه في مختلف المجالس والأماكن الخاصة والعامة , وقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين بصيغة الأمر , فتبينوا , تبيّنوا أي تحققوا تثبّتوا , متى يكون التحقق والتثبت ولماذا ؟.
عندما ينقلُ الخبر فاسقٌ , حينها يكون التثبت واجبا , لأن الفاسق مظنة الكذب , الفاسق من صفاته الكذب والافتراء والفجور , لهذا لا يُؤمَن جانبه , لأنه يسعى للوقيعة بين الفرقاء , بين الاخوة والأحبة والأصدقاء , بين ابناء البلد الواحد , والشعب الواحد , والملة الواحدة يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا , التعليل ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين , هذه الآية منهج تربوي للمؤمنين , فلا يخلو مجتمع من فاسق منافق , ولا من وسيلة اعلام مغرضة , يسعون في الارض فسادا يشيعون الاكاذيب والأباطيل , ونشر الاخبار الكاذبة التي تحدث بلبلة في المجتمع , وتدفع الى اشد انواع العداوة والبغضاء والاقتتال بين ابناء البلد الواحد.
كما هو حاصل الآن في العديد من الدول العربية , هناك وسائل اعلام وقنوات فضائيه لها دور مركزي في تأجيج نار الفتنة والاقتتال وإشعال نار الحرب , وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار , ما يسمى بالفوضى الخلاقه , في الدول العربية , تقوم بهذا الدور خدمة لأجندة أجنبية على رأسها الولايات المتحدة الامريكيه وإسرائيل , وبعض كبار العلماء زجوا بأنفسهم في خضم هذه الفتنه دونما تحقيق وفحص وتدقيق , لا نشك بإخلاصهم وصدق نواياهم غير انهم لم يتحققوا ولم يتريّثوا ولم يلتزموا خط الوسطية من الاحداث الدائرة في العديد من الدول العربية والاسلاميه , فالأخبار التي تردُهُم قد تكون صحيحة , وقد تكون كاذبة , فواجبهم قبل ان يصدروا حكما , او يتخذوا موقفا من جهة ما , ان يتحققوا اولا من مصدر الخبر , ومدى مصداقية هذا المصدر , فالله تعالى يلفتنا الى ذلك في حكايته عن سليمان مع الهدهد , فعندما جاء الهدهد سيدنا سليمان عليه السلام وأنبأه عن قوم تملكهم امرأة , وأنهم يعبدون الشمس من دون الله , قال سليمان عليه السلام : قال سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين , لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا السياق ان قال : التثبت من الله والعجلة من الشيطان , وكما ان آية التحقق والتثبُت مخاطب بها كل مؤمن , يا ايها الذين أمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...كذلك الآية التي وردت على لسان سليمان , قال سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين ,هي لكل مؤمن وبخاصة العلماء , ومن يتصدرون الفتوى منهم , فكم من تقرير كاذب , وكم من فرية كاذبة , وكم من رواية غير صحيحة , وكم من نبأ مصدره مشكوك فيه.
فيجب على كل انسان وبخاصة من بيدهم الحل والعقد , ومن ولاهم الله امور البلاد والعباد , ان يضعوا هذه الآية امامهم , يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين صدق الله العظيم .
سعيد سطل ابو سليمان يافا 7 /3 / 2012
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]