صدر حديثا، كتاب “نبش الذاكرة سيرة داعية ومسيرة دعوة”، للشيخ كمال خطيب، إمام مسجد “عمر بن الخطاب” في كَفر كنا ورئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا.
ويراوح الكتاب ما بين المذكرات الشخصية لمؤلفه، من مرحلة الطفولة والشباب حتى انهاء دراسته الجامعية في كلية الشريعة في جامعة الخليل، وبين سيرته الذاتية كداعية وشخصية قيادية في الداخل الفلسطيني وكعضو مؤسس في مشروع الصحوة الإسلامية، منخرطا ومؤثرًا وشاهدا على الأحداث طوال 42 عاما في مسيرة العمل الإسلامي ومسيرة شعبنا الفلسطيني في الداخل.
ويستمد الكتاب أهميته القصوى من عنصرين: أولها أنه يُعد تاريخا لصيقا بالحدث نفسه؛ نظرا إلى خصوصية أن القائد الإسلامي الشيخ كمال خطيب صار الكاتب، وثانيهما أنه يبيّن تجربته ويعرضها على الرأي العام لاستخلاص العبر على المستوى القيادي والشعبي في مسيرة شعبنا وعلى مستوى ترشيد وتأصيل المشروع الإسلامي وتسليط الضوء على محطات فارقة في تاريخ الصحوة الإسلامية في البلاد والحوادث التي سبقت انقسام الحركة الإسلامية عام 1996، وما تلى ذلك من تصحيح للمسار قاده الشيخان رائد صلاح وكمال خطيب.
وينقسم الكتاب الذي جاء في 460 صفحة من القطع المتوسط، إلى 12 فصلا.
يقول الشيخ كمال خطيب عن مادة الكتاب وما حوته دفتاه: “لم احتكر الحقيقة ولم ادّع العصمة، ولكنني أعتز أنني كنت صادقًا في روايتي وتدوين سيرتي الشخصية ومسيرتي الدعوية ليقرأ ويعرف الشباب خاصة من أبناء المشروع الإسلامي تفاصيل تلك المرحلة”.
يضيف في مقدمة الكتاب: “يعلم الله تعالى كم حرصت على انتقاء الكلمات والجمل، وكم مرة لجأت إلى الله تعالى أن يرزقني الإخلاص في كل كلمة أو حرف أكتبه وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، ولكن ومع ذلك فإنني أرجوه سبحانه وتعالى أن يغفر لي بما يمكن أن يكون اختلط فيه طرح الحقيقة كما أراها مع نزعة من نفسي التي هي مثل كل نفوس البشر {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آية 53 سورة يوسف”.
البداية والأسباب
للوقوف أكثر على تفاصيل هذه السيرة الذاتية، سألت “موطني 48” الشيخ كمال خطيب، عن بدايات التفكير في الكتابة في هذا الاتجاه والفترة الزمنية التي استغرقتها هذه المهمة الصعبة والمركبة فأجاب: “دائما كان يُلَح عليَ أنه لا بد من كتابة هذه المذكرات، ليس لذاتي- لا سمح الله- بقدر ما أنها تجربة دعوية اجتماعية سياسية لا بد أن يُستفاد منها، ولكن في غمرة الانشغالات كنت لا أعطي للموضوع الاهتمام اللازم، إلى أن جاءت جائحة كورونا بداية العام 2020، وهنا كان الفضل بالإلحاح- بعد الله تعالى- لابنتيّ صفا ومروة، فقد ساهم هذا الإلحاح والتشجيع منهما ومع التزام البيوت والاغلاقات التي حصلت-بسبب كورونا- ومنع التواصل ومنع الصلوات في المساجد، ساهم هذا الأمر في أن استجمع بعض الخطوط العريضة. وهنا كانت البداية واستمر الموضوع لأكثر من سنة ونصف. أنهيت المادة في خطوطها العريضة في رمضان 2021، وبعد الاعتقال في 14/5/2021، قمت بتضمين الكتاب- بناء على اقتراح- بمادة وفصل عن ظروف الاعتقال والأسباب والدروس منه، وأنهيت المادة كلها في شهر آب عام 2021”.
وجرى تنضيد الكتاب- بحسب خطيب- في مكتب متخصص في عمان، لكن المراجعات اللغوية والقانونية والمراجعات ذات الصلة بطبيعة التجربة، عُرضت على نخبة من الأساتذة، من بينهم: الشيخ عبد الرحيم خليل، والدكتور حسن صنع الله، والأستاذ توفيق محمد جبارين، والأستاذ مصطفى سهيل محاميد. وثمّن خطيب جهود وبصمات كل من اطّلعوا على الكتاب قبل صدروه منوّها “كانت لهم بصمات مباركة في ترشيد الكتاب وإبداء ملاحظات مهمة استفيد منها في مادة الكتاب”.
المنهج والمضمون
حول مضامين الكتاب ومنهجه في الكتابة، أردف الشيخ كمال خطيب: “يقع الكتاب في 460 صفحة قسّمت إلى 12 فصلا، تتضمن: صورا من الطفولة والشباب، ومشاهد من الاعتقال الأخير، اجتهدت أن أضع الفصول في مواضيع ما بين الطفولة والثانوية والمرحلة الجامعية، وما بين الانتقال من القرية التي ولدت فيها (العزير)، ثمّ إلى جامعة الخليل، ثمّ بعد ذلك الانتقال إلى كفر كنا وتولي مهام الإمامة في مسجد عمر بن الخطاب وهكذا… في منهجي بالكتابة اعتمدت بطبيعة الحال على الذاكرة، كما استعنت ببعض الروايات الشفوية كما استندت أيضا إلى أرشيفي الخاص الذي احتفظ فيه بكثير من القضايا والملفات. كذلك استعنت بمقالات كنت اكتبها ببعض المناسبات وأقف فيها على بعض تفاصيل غابت عن ذهني مع مرور الأيام”.
وحول إن كانت هناك استدراكات على الكتاب فاتت المؤلف أو غفل عنها، قال خطيب: “صدر لي قبل هذا الكتاب 27 كتابا كلها كانت مقالات كتبتها خلال الفترة التي أكرمني الله فيها بتسخير قلمي في خدمة المشروع الإسلامي، ولكن هذا الكتاب يختلف تماما لأنّه يمثّل سرد رواية لها بداية ولها نهاية زمنية، وبالتالي فلن يختلف كمال عن أي كاتب حين يراجع كتابه، فحتما سيجد فيه بعض ملاحظات إمّا يضيفها وإمّا يعدلها، هكذا هي طبيعة الانسان، الضعف والنقص والسهو. وبالتالي يمكن في طبعة قادمة تدارك ما يُظن فيه الأفضل ممّا ورد في الطبعة الأولى”.
محطات فارقة
عن محطات مفصلية وفارقة وردت في الكتاب، يتابع خطيب: “لا شك أن دراستي في المرحلة الثانوية بمدرسة أهلية مسيحية (تراسنطة) كانت تمثل محطة مهمة، وغالبا تتم في هذه المرحلة صياغة الشخص بشكل مختلف عن بيئته التي نشأ فيها. الحمد لله أنّ دراستي في هذه المدرسة ترجمت إلى مردود آخر مختلف، فخلال فترة قصيرة (عدة أشهر) من انهائي للثانوية، انتقلت إلى جامعة الخليل. كذلك أن أتولى إمامة مسجد وأنا ابن 21 عاما، كانت مسؤولية كبيرة وأمانة ثقيلة أعانني عليها الله سبحانه وتعالى. ومن المحطات الهامة جدا التي تضمنها الكتاب، كانت ما حصل في الحركة الإسلامية عام 1996 من انقسام، قبل هذا التاريخ، ملامحه وتفاصيله، ويقيني أنّ هذه المادة ستضيف شيئا جديدا جدا على تعارف عليه الناس عن تلك المرحلة، لا بل إن ما يحصل الآن من ترد في الأداء السياسي لدى الأخوة الذين كنا وإياهم في نفس المركب، يؤكد صواب ما ذهبنا إليه وصواب رؤيتنا التي كانت قبل العام 1996 وما بعده”.
شكر وتقدير
توجّه الشيخ كمال خطيب، في كتابه، بالشكر إلى والديه وزوجه وأفراد عائلته، وقال “إنهم دفعوا الثمن من خلال تقصيري الذي حصل في البيت والأسرة بسبب انشغالاتي الكثيرة على مدار السنين”، كذلك توجّه بالشكر إلى أبناء المشروع الإسلامي والدعاة والداعيات، مضيفا “معهم كنّا نعاكس تيار الواقع الصعب في مجتمعنا، وببركة جهدهم كان المشروع الإسلامي ولا يزال ملء سمع الدنيا وبصرها رغم القرار الظالم بحظر الحركة الإسلامية عام 2015، غير أنه لا يمكن لأي حظر أن ينجح في تحييد أو طمس المشروع الإسلامي وأبنائه”.
تجدر الإشارة- بحسب الشيخ كمال خطيب- إلى أن كتاب “نبش الذاكرة سيرة داعية ومسيرة دعوة”، يتوفر الآن في مكتبة “الفردوس” في كفر كنا وهو بصدد التوزيع في البلدات العربية. كما أن إحدى دور النشر في إسطنبول بتركيا، بصدد طباعة الكتاب على أمل توزيعه خارج الوطن.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]