إن القلب ليبكي دماً ، ويعتصر ألماً ، على ما نراه من أحوال إخواننا في سوريا الأبية ، رائحة الموت قد عمّت البلاد ، ولم يسلم منها أحد ، وليت القاتل من الأغراب لكان ذلك على النفس أهون ، بل هو من صُلب العرب .
أطفالٌ لطالما حلموا بالحقول الخضراء ، والسماء الزرقاء ، وجدوا أرضا محترقة ، وسماء مظلمة ، أُمروا بالسجود لغير الله فسجدوا خوفا ورهبة من التعذيب والقتل والتبديد .
رجال يُداس على وجوههم بالنعال ، يُضربوا كأنهم بِغال ، أطفالهم يقتّلون ، ونسائهم تغتصب أمام أعينهم ، يسمعون آهاتهم ، ويشهدون معاناتهم ، أرواحهم تفارق أجسادهم وهو عاجزٌ عن نجدتهم .
سجون الظلم تحتوي على آلاف المساجين ، مجهولين ، لا تعرف هويتهم إلا أنهم "أحرار " تدنس كرامتهم وعزتهم ، وصوت ضحكات سجّانيهم العوية تعلوا ولا حول لهم ولا قوة إلا بالله العلي العليم ، قال تعالى :( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) .
وبعد هذا – ولم أقل شيئا بعد – نرى أناس يدافعون عن الظلم والظالمين ، يدعمونهم بالرأي ، ويساندون أكاذيبهم وألاعيبهم بأسباب واهية كبيت العنكبوت قال تعالى :( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) . فيا من يدافع عن بشار وأنصاره (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) محصّوا أعمالكم ، وتدبروا أقوالكم ، وانتقوا اتجاهاتكم ، فلا والله لن يرضى الله عز وجل بقتل إنسان واحد بغير حق فما بالكم اغمضتم أعينكم ، ووضعتم أصابعكم في آذانكم عما يحصل في الشعب السوري ، هذا هو علاج المؤامرة التي تدعونها ؟! قتل ، وتشريد ، وأسر ، وحرق ، واغتصاب ، أمر الناس بالسجود لبشار ، هتك لحرمات المساجد ... لا والله ؛ قال الله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) أحذروا من أعمالكم وأقوالكم وآثارها ، فإنها ستتبعكم إلى يوم القيامة ، لا تجعلوا الظالم هو المظلوم والمظلوم هو الظالم .
حُكي أن الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق من قبل الأمويين حبس رجلاً ظُلماً ؛ فكتب إليه الرجل ورقة فيها: " قد مضى من بؤسنا أيام ، ومن نعيمك أيام ، والموعد القيامة ، والسجن جهنم ، والحاكم لا يحتاج إلى بينة ؛ وكتب في آخرها هذه الأبيات:
ستعلم يا لؤومُ إذا التقينا **** غداً عند الإله منِ الظلومُ
أما والله إن الظلمَ لؤمٌ **** وما زال الظلوم هو الملومُ
سينقطع التلذذ عن أناس **** أداموه وينقطعُ النعيمُ
إلى ديّانِ يوم الدين نمضي **** وعند الله تجتمع الخصومُ
سماح خالد الريفي
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]