هو نداء من المفروض أن يكون موجهاً لكل إنسانٍ مؤمنٍ على وجه الأرض, نداء ربّاني يقول للإنسان المؤمن:" لا تقف وقفة المتفرج , فهناك من يأمرك أن تفعل , أن تؤدي واجبك نحو الله والمجتمع , نحو بيتك وأسرتك نحو جيرانك أن تدرك ما يدور حولك" , هذا الإدراك سيقودك لفعلٍ ما قد تغيّر من خلاله الواقع الذي تعيشه بدلاً من السكون وانتظار القدر. الواقع الذي نعيشه في يافا لم يعد يحتمل الانتظار والجلوس في البيت إلى أن تصل الجرّافات أو أوامر الإخلاء أو مستثمر يهودي يدفع لك مبلغاً من المال لترحل ...
مسلسل كانت بدايته مع نكبه عام 48 وما زال مستمرا حتى يومنا هذا فالصورة أمست جلية وواضحة لا التباس فيها . أنت أيها العربي الصامد على أرضك وفي بيتك في يافا مستهدف !! هناك من يؤرق نومَه وجودك , ويعمل جاهدا ليل نهار لإخراجك من بيتك وأرضك .
من يتابع تاريخ مدينة يافا بعد النكبة يكتشف أن هناك مخططا بدأ عام النكبة وما زال مستمرا حتى يومنا هذا. فبعد أن قامت الحركة الصهيونية بتهجير ما لا يقل عن 96% من سكان مدينة يافا العرب حيث هُجّر ما يقارب أل 116,000 مواطناً عربياً من يافا عبرَ البر والبحر أو استشهدوا على ثرى الوطن وبقي في يافا ما يقارب الأربعة آلاف مواطن تم تجميعهم في حي العجمي وفرض عليهم الحكم العسكري إلى أن تم ضم مدينة يافا إلى مدينة تل أبيب بقرار مجحف بحق يافا وأهلها من البرلمان الإسرائيلي في العام 1950.
هذا القرار الذي دمج بين العراقة والتاريخ والحضارة وبين مدينة فتية تكاد تكون حيّاً من أحياء يافا . أمام كل بيت كان يقام في تل أبيب كانت بلدية تل أبيب , وعلى مدى عقود طويلة , تهدم بيوت يافا العربية والقصور التي بناها أهلنا في يافا قبل النكبة ولم يكن هذا مخططاً اعمارياً بل سياسة موجهة تهدف إلى اقتلاعنا من جذورنا ومحو معالم مدينة يافا التي تحمل تاريخ أكثر من خمسة ألاف عام .
ما بين الأعوام 1970 - 1985 هدمت بلدية تل أبيب يافا في حي العجمي ما يقارب أل 3250 وحدة سكنية عربية وقامت بإخلاء العديد من عرب يافا من حي العجمي والجبلية , جزء منهم نقل إلى حي النزهة أو إلى ما يسمى بشيكونات العرب في الجبلية وتم تحويلهم من مستأجر محمي إلى مستأجر غير محمي تعمل اليوم الشركة الحكومية( حلميش) على إخراجهم من بيوتهم لأسباب عدة ولكن الهدف من هذه السياسة تهيئة الأحياء العربية المحاذية للبحر لاستقبال الأثرياء من اليهود كما هو الحال في مستوطنة أندروميدا وغيرها من المشاريع السكنية التي تخلو من العرب وهناك من يعمل على أن لا يكون العرب جزءً من هذه المشاريع.
واليوم يواجه العرب في يافا خاصة والمدن المختلطة عامة موجات من الاقتلاع والتهجير من خلال أوامر الإخلاء وطوابير العملاء والمستثمرين الذين يدفعون أموالاً طائلة لخدمة عملية التطهير العرقي ونقول أن هناك وللأسف من أبناء جلدتنا ممن يساهمون في هذا المخطط أو على الأقل يعرفون عنه ولا يحركون ساكنا لتغيير الوضع المأساوي لأهلنا في يافا .
ليس الهدف من المذكور أعلاه هو كتابة نص إنشائي كما يعتقد البعض وإنما رسالة لا بد من وضعها أمامكم مفادها أننا اليوم نعيش أمام خطر داهم فيافا كالأقصى في خطر ولا بد لنا أن نتخذ موقفاً نعلن فيه عن تجندنا للوقوف أمام هذا الخطر وبكل ما نملك من قوة وضمن ما يسمح به القانون فمن حقنا التظاهر ورفع الشعارات ومن حقنا التوجه للمحكمة للمطالبة بحقوقنا . ومن حقنا أن نقول لا للسياسة العنصرية ضدنا ومن حقنا أن نرفع صوتنا عاليا ليسمعه القاصي والداني.
كل يوم نواجه قرار هدم أو إخلاء , كل يوم تصدر المحاكم في إسرائيل القرارات تلو القرارات ضد أهلنا في يافا وباقي المدن. كل يوم تصدر حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة قرارات عنصرية ضدنا نحن العرب ولا نحرّك ساكنا , ما أن نكتب كلمة حق في موقع ما حتى يخرج من يشكك في الأمر أو يطعن ويتحفظ منه. أنا شخصيا سئمت كلمة وحدة لأنها أمست مصطنعة خالية من المضمون لا قاعدة لها وأقول بصراحة أن الوحدة التي لا تقف وراءها جماهير شعبنا في يافا أو خارج يافا مرفوضة , وأقول رأيي بصراحة أنه من يعتقد أن إقامة ما يسمى المجلس البلدي هو نداء للوحدة فهو مخطئ والحق هو أن هذا المجلس أقيم لضرب الوحدة في يافا وإحداث شرخ في وحدة الصف التي ينادي بها ويطمح لها الجمهور اليافي . وكان المثال الأخير الوقفة المشرفة لأهلنا في يافا مع الجمعية الأرثوذكسية ضد مستوطنة أندروميدا.
نحن نطمح لوحدة مدعومة من الشعب من الناس وليس وحدة مظاهر تكون مرضية من السلطة. ناقوس الخطر سمع في يافا ليس اليوم ولا بالأمس القريب ولكن منذ زمن طويل وهناك من يحاول أن يشوّه الصورة الحقيقية لما آلت إليه الأمور . المجتمع العربي في يافا يواجه اليوم سياسة ومخططاً يهدف إلى تهديد وجوده في بلده الحبيب يافا والصورة واضحة وجلية للجميع والآن علينا أن نقرر إذا كنا نريد أن نكون ممن يعملون أم ممن ينتظرون قدرهم. والله شاهد على ما أقول.
عبد القادر سطل يافا
الرابع من كانون ثاني 2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]