كشف الرئيس السابق لقسم التحقيقات مع أفراد الشرطة الإسرائيلية "ماحاش" أوري كرمل الذي قاد التحقيق في استشهاد المربي يعقوب أبو القيعان برصاص الشرطة الإسرائيلية في قريته أم الحيران عن أن أبو القيعان بريء من الاتهامات التي لا يزال المفتش العام للشرطة في حينه، روني ألشيخ، يوجهها لأبو القيعان ويزعم فيها أنه "مخرب" وأنه "تعمد دهس" شرطي.
وأشار كرمل في مقال نشره بصحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، إلى أن الشاباك وهو الجهة المسؤولة في "إسرائيل" عن تقصي الحقائق في أحداث ذات طابع أمني، أجرى تحقيقًأ في الموقع بعد الحدث مباشرة. وبعد أن ساد انطباع لدى أفراد الشاباك بأن الحديث لا يدور أبدا عن عملية معادية، خرج الشاباك من الصورة ونقل المواد التي بحوزته إلى ماحاش.
ووفقًا لكرمقل فقد أضاف الشاباك أن "جميع الوثائق والمواد المتعلقة بظروف الحدث نفسه وبأبو القيعان نُقلت إلى "ماحاش"، ولا توجد بحوزته مواد أخرى.
وشدد كرمل على أن الشاباك لم يكن سيفقد الاهتمام بالواقعة وينقل جميع المعلومات التي بحوزته إلى "ماحاش" لو لم يعتقد قادته أنه لا يوجد أساس معقول للاشتباه بأن هذه "عملية إرهابية"، مضيفًا أن "ماحاش بقي جهة التحقيق – القانونية الوحيدة المخولة التي تقصت الحقائق حتى النهاية".
وتابع كرمل أنه الأدلة أشارت في نهاية تحقيق جذري إلى التسلسل التالي للحدث، حيث "جلس أبو القيعان في سيارته قرب بيته، عند أعلى التلة، وفيما السيارة محملة بأغراض أخرجها من بيته، محركها يعمل، نوافذها مغطاة وأضواؤها مطفأة، وبعد أن أضاء ضابط شرطة بفانوس باتجاه السيارة، أضاء أبو القيعان أضواء السيارة وبدأ بقيادتها ببطء في منحدر سبيل ترابي باتجاه الخروج من بيته، الذي تحرك فيه أفراد شرطة إسرائيلية في الوقت نفسه، وفي هذه المرحلة طالب أفراد الشرطة أبو القيعان بأن يتوقف، وحتى أن أحدهم ضرب بفوهة سلاحه على السيارة، وبعد ذلك أطلق أفراد الشرطة الإسرائيلية النار على إطارات السيارة، لكن أبو القيعان استمر بقيادة السيارة ببطء لمسافة قصيرة أخرى، لم يشكل فيها أيضًا خطرًا على أفراد الشرطة".
إلا أن كرمل لفت إلى أنه "خلال التحقيق اتضح من إفادة المسؤول عن تحقيق الشاباك والتقرير الذي قدمه، عندما كانت السيارة تتقدم ببطء، رغم إطلاق النار على الإطارات، أطلق الشرطي نفسه النار مرة أخرى، وكان هذه المرة موجهًا من مسافة قصيرة نحو أبو القيعان، وأنه قبل الدهس فُتحت نيران مكثفة من جميع الاتجاهات نحوه، وفقط بعد إطلاق النار الموجه هذا، بدأت السيارة تسرع وتنزل في المنحدر، وعُثر في جسد أبو القيعان أثناء التشريح على جرح سببته رصاصة دخلت من ظهره وخرجت من صدره، وجرح رصاصة أخرى دخلت إلى فخذه الأيمن".
وأشار كرمل إلى أن "ماحاش" أعاد تمثيل الواقعة بواسطة سيارة مشابهة لسيارة أبو القيعان، حيث تبين عندها أنه من دون أن يلمس السائق المقود أو دواسة، وفيما لا توجد سيطرة على السيارة، تدحرجت السيارة في المنحدر وانحرفت مثلما انحرفت تمامًا سيارة أبو القيعان، ودهسها بقوة الأجسام المصنوعة من البلاستيك التي جرى وضعها في المكان الدقيق الذي تواجد فيه أفراد الشرطة الذي أصيبوا".
وأضاف أن "نتائج إعادة التمثيل الموضوعية تلاءمت بالكامل مع إمكانية أن سائق سيارة أصيب بإطلاق نار نحوه، ونتيجة لذلك فقط السيطرة على السيارة التي نزلت في منحدر وأصابت أفراد شرطة تواجدوا في مسار نزولها".
وقال كرمل إنه إضافة إلى إعادة التمثيل جرى أثناء التحقيق جمع أدلة كثيرة جدا دلت على براءة أبو القيعان، فقد أفاد ابن شقيقه بأنه قبل الحدث بوقت قصير ساعد عمه بإخلاء أكياس تحتوي على ملابس، أدوات وجهاز تلفزيون من بيته الذي سيهدم، وفعلًا، وُجد داخل سيارة أبو القيعان على هذه الأغراض التي تثبت أنه انشغل بإخلاء بيته وليس بالإعداد لـ "عملية".
ولفت كرمل إلى أنه كان هناك إجماع شامل من جانب جميع الجهات المهنية، وبضمنها النيابة العامة الإسرائيلية حينذاك، أن أفراد الشرطة الذي تواجدوا في الموقع أدلوا أثناء التحقيقات معهم بتفاصيل كاذبة، ونفتها أدلة موضوعية.
وأكد كرمل على أن "قاعدة الأدلة الواسعة والواضحة هذه، التي لم تترك أساسًا لاشتباه ضد أبو القيعان، كانت مفصلة بتوسع في توصية ماحاش، التي للأسف الشديد لم تقدمها النيابة العامة الإسرائيلية أبدًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وهكذا لم تحظ أبدًا أي من أدلة البراء التي جُمعت بتطرق في قرار الحكم الذي صدر.
ولفت كرمل إلى خطوة غير قانونية أقدم عليها المفتش العام للشرطة ألشيخ، بأن توجه إلى الشاباك سرًا طالبًا الحصول على التقرير السري الذي يبريء أبو القيعان والذي يعترف فيه الشرطي الذي أطلق النار مباشرة على أبو القيعان أمام محقق الشاباك، وذلك بعد أن شعر ألشيخ أن نتائج تحقيق "ماحاش" لن تكون ملائمة مع تصريحاته وميوله السياسية اليمينية المتطرفة.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]