ما زال موقع يافا 48 مستمر معكم في نشر مختارات من أجمل القصائد، مع مقاطع جوية ساحرة لمدينة يافا، وهذه المرة نستمع لقصيدة "طولُ التَعاشُرِ بَينَ الناسِ مَملولُ" للشاعر أبو العتاهية والتي يقول فيها :
طولُ التَعاشُرِ بَينَ الناسِ مَملولُ
ما لِاِبنِ آدامَ إِن كَشَّفتَ مَعقولُ
لِلمَرءِ أَلوانُ دُنيا رَغبَةً وَهَوى
وَعَقلُهُ أَبَداً ما عاشَ مَدخولُ
يا راعِيَ النَفسِ لا تُغفِل رِعايَتَها
فَأَنتَ عَن كُلِّ ما اِستُرعيتَ مَسؤولُ
خُذ ما عَرَفتَ وَدَع ما أَنتَ جاهِلُهُ
لِلأَمرِ وَجهانِ مَعروفٌ وَمَجهولُ
وَاِحذَر فَلَستَ مِنَ الأَيّامِ مُنفَلِتاً
حَتّى تَغولَكَ مِن أَيّامِكَ الغولُ
فَالدائِراتُ بِرَيبِ الدَهرِ دائِرَةٌ
وَالمَرءُ عَن نَفسِهِ ما عاشَ مَختولُ
لَن تَستَسِمَّ جَميلاً أَنتَ فاعِلُهُ
إِلّا وَأَنتَ طَليقُ الوَجهِ بُهلولُ
ما أَوسَعَ الخَيرَ فَاِبسُط راحَتَيكَ بِهِ
وَكُن كَأَنَّكَ عِندَ الشَرِّ مَغلولُ
الحَمدُ لِلَّهِ في آجالِنا قِصَرٌ
نَبغي البَقاءَ وَفي آمالِنا طولُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِن خِذلانِهِ أَبَداً
فَإِنَّما الناسُ مَعصومٌ وَمَخذولُ
إِنّي لَفي مَنزِلٍ ما زِلتُ أَعمُرُهُ
عَلى يَقيني بِأَنّي عَنهُ مَنقولُ
وَأَنَّ رَحلي وَإِن أَوثَقتُهُ لَعَلى
مَطِيَّةٍ مِن مَطايا الحَينِ مَحمولُ
فَلَو تَأَهَّبتُ وَالأَنفاسُ في مَهلٍ
وَالخَيرُ بَيني وَبَينَ العَيشِ مَقبولُ
وادي الحَياةِ مَحَلٌّ لا مُقامَ بِهِ
لِنازِليهِ وَوادي المَوتِ مَحلولُ
وَالدارُ دارُ أَباطيلٍ مُشَبَّهَةٍ
الجِدُّ مُرٌّ بِها وَالهَزلُ مَعسولُ
وَلَيسَ مَن مَوضِعٍ يَأتيهِ ذو نَفسٍ
إِلّا وَلِلمَوتِ سَيفٌ فيهِ مَسلولُ
لَم يُشغَلِ المَوتُ عَنّا مُذأُعِدَّ لَنا
وَكُلُّنا عَنهُ بِاللَذاتِ مَشغولُ
وَمَن يَمُت فَهوَ مَقطوعٌ وَمُجتَنَبٌ
وَالحَيُّ ما عاشَ مَغشِيٌّ وَمَوصولُ
كُل ما بَدا لَكَ فَالآكالُ فانِيَةٌ
وَكُلُّ ذي أُكُلٍ لا بُدَّ مَأكولُ
وَكُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُنيا فَمُنتَقِصٌ
وَكُلُّ عَيشٍ مِنَ الدُنيا فَمَملولُ
سُبحانَ مَن أَرضُهُ لِلخَلقِ مائِدَةٌ
كُلٌّ يُوافيهِ رِزقٌ مِنهُ مَكفولُ
غَدّى الأَنامَ وَعَشاهُم فَأَوسَعَهُم
وَفَضلُهُ لِبُغاةِ الخَيرِ مَبذولُ
يا طالِبَ الخَيرِ أَبشِر وَاِستَعِدَّ لَهُ
فَالخَيرُ أَجمَعُ عِندَ اللَهِ مَأمول
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]