بيَّن استطلاع أجرته منظمة العفو الدولية (أمنستي) في البلاد، أن التحريض على العلم الفلسطيني من قبل جهات إسرائيلية مختلفة طوال السنوات الماضية، نجح في زرع الخوف في نفوس معظم اليهود عند رؤيته، علما أن الاستطلاع أكد أن أكثر من 80% ممن يرفعون العلم الفلسطيني يقصدون به التعبير عن هويتهم الوطنية أو الاحتجاج على سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها إسرائيل ضدهم.
وأظهرت نتائج الاستطلاع، وجود فجوة كبيرة في التعامل مع رفع العلم الفلسطيني ومعناه ورمزيته، وأن غالبية اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين في الداخل ينظرون لرفع العلم الفلسطيني نظرة مختلفة تمامًا عن الآخر.
ويكشف الاستطلاع الذي أجراه المختص بعلم النفس السياسي، د. حغاي الكايام، من مؤسسة “أيبانيل” لمنظمة العفو الدولية في البلاد على شريحة من 516 ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية، أنَّ هذه الفجوة هي نتيجة مباشرة لحملة التحريض الشرسة والمسعورة التي شنها سياسيون ومؤسسات إعلامية وجهات إسرائيلية مختلفة ضد العرب الفلسطينيين والعلم الفلسطيني في السنة الأخيرة، التي كانت تهدف لنزع الشرعية عن الهوية الفلسطينية والانتماء إليها.
تم استطلاع الآراء في شهر حزيران/ يونيو 2022، شارك فيه 408 يهود و108 عرب، جميعهم يحملون المواطنة الإسرائيلية، تم اختيارهم وفق شريحة تمثيلية بحسب الديانة، مكان السكن، الجنس والجيل. نسبة الخطأ في الاستطلاع تصل في الحد الأقصى إلى 4.85% ضمن المستطلعين اليهود و9.43% ضمن المستطلعين العرب.
كشف الاستطلاع أن نصف الفلسطينيين في الداخل يرون برفع العلم الفلسطيني جزءًا من الانتماء لهويتهم القومية والوطنية، ونحو 35% منهم يرون برفعه أيضًا احتجاجًا على التمييز ضده. بالمقابل، يرى أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين أن رفع العلم الفلسطيني يرمز إلى عدم الاعتراف بوجود إسرائيل، الأمر الذي لم يرد في أجوبة الفلسطينيين في الداخل.
تبين من الاستطلاع أن أكثر من 80% من الفلسطينيين يرون برفع العلم الفلسطيني جزءًا من هويتهم القومية والوطنية واحتجاجا على التمييز ضدهم، ولم يربطوه بعدم الاعتراف بوجود دولة إسرائيل أو العمل على محوها. لكن على الرغم من ذلك، يرى نحو 52% من اليهود أن رفع العلم الفلسطيني سببه عدم الاعتراف بإسرائيل و14.5% منهم يرون به كدعم لتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، وأكثر من 66% من اليهود ينسبون لرفع العلم الفلسطيني صفات ونوايا سلبية جدًا.
غالبية اليهود يؤيدون “طمس هوية شعب”
يعكس الاستطلاع المواقف المركبة تجاه رفع علم الأقليات القومية بشكل عام في مختلف دول العالم، خارج سياق القضية الفلسطينية. يتفق معظم المستطلعين اليهود مع العبارة التي مفادها أن “الدولة، أي دولة، لها علم واحد، ويجب حظر رفع أعلام الأقليات في جميع أنحاء العالم”. لكن يبدو أن موقفهم من هذه المسألة مليء بالتناقضات، لأنهم يتفقون أيضًا، مع القول بأن أعلام أقليات أخرى شرعية، لكن العلم الفلسطيني استثناء لأنه يعبر عن موقف متطرف. قال د. ياريف موهر: “ربما يمكن تفسير هذا التناقض بوسائل مختلفة، لكن الرغبة الشديدة في دعم مقولة أن أعلام الأقليات غير شرعية بشكل عام تثير القلق بشأن الموقف الإشكالي لليهود الإسرائيليين تجاه حقوق المواطنين والأقليات حتى خارج السياق الفلسطيني الإسرائيلي. وللمفارقة، مثل هذا الموقف يدعو إلى التشكيك في شرعية رفع العلم الإسرائيلي في المعابد اليهودية في الولايات المتحدة على سبيل المثال”.
هناك تناقض داخلي آخر يظهر لدى المستطلعين اليهود، وهو أنهم يميلون إلى الاختلاف مع الادعاء بأن محاولة محو هوية الشعب لم تنجح أبدًا. أي أنه على الرغم من التاريخ اليهودي، فإنهم يعتقدون أنه يمكن محو هوية شعب.
وأعرب المستطلعون الذين يعتبرون أنفسهم ضمن الوسط (سياسيًا) عن موقف محايد بشأن هذه المسألة، وأعرب المشاركون الذين يتماهون مع المواقف اليسارية عن اتفاقهم مع هذا الادعاء، في حين اختلف المستطلعون الذين يؤيدون مواقف اليمين مع هذا الادعاء.
في الوقت نفسه، وافق المستطلعون الفلسطينيون في الداخل بشدة على الادعاء بأن محاولة محو هوية الشعب لم تنجح أبدًا، ومالوا إلى الاختلاف مع الادعاءات التي تلغي شرعية رفع أعلام الأقليات القومية.
وأضافت “أمنستي” أن “هذا السلوك معروف منذ فجر التاريخ في الأنظمة القمعية والدكتاتورية حول العالم، قمع حرية التعبير لأقلية معينة هو مجرد بداية وتمهيد لقمع أقليات ومجموعات مستضعفة أخرى ومصادرة حقها في التعبير”.
وطالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) في البلاد، السلطات الإسرائيلية بـ “التراجع عن التعليمات التي أصدرها الوزير المسؤول عن جهاز الشرطة، إيتمار بن غفير، والتي بموجبها يمنع رفع العلم الفلسطيني في الحيز العام بشكل كامل وجارف، وحذَّرت المنظمة من أن هذه التعليمات تشكل انتهاكًا واضحًا للمادة 2 و7 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة، والتي تشكل حجر أساس للقانون الدولي، وهي:
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]