صورة توضيحية
تتسبب سياسة "كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق الدائم لإسرائيل –"كاكال") بمنع المواطنين العرب في منطقة الجليل في شمالي البلاد من شراء الأراضي، برفع أسعارها بشكل كبير جدا. وتعمل شركة "هيمنوتا" التابعة لـ"كاكال" في تنفيذ هذه السياسة العنصرية بميزانية تصل إلى ملياري شيكل.
و"هيمنوتا" هي شركة شبه سرية، ولا يتم اطلاع المواطنين في إسرائيل على نشاطها، كما أن "كاكال" تمنع المسؤولين في الشركة من التحدث إلى وسائل إعلام، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "ذي ماركر" اليوم، الخميس.
وتأسست "هيمنوتا" قبل قيام إسرائيل بهدف شراء أراضي في فلسطين لصالح المشروع الصهيوني. وتعمل هذه الشركة في السنوات الأخيرة على شراء أراض من مزارعين يهود، في إطار ما يوصف بـ"تخليص أراض معاكس"، أي منع مواطنين عرب من شراء هذه الأراضي الزراعية المعروضة للبيع وخاصة للبناء فيها.
ويصف تجار الأراضي "هيمنوتا" بأنها "المرشح الأوتوماتيكي تقريبا لأي صفقة"، خاصة عندما يكون المنافسون لشراء الأرض مقاولو بناء عرب، الذين ينظر بعضهم إلى صفقات كهذه على أنها "إعادة الأرض إلى أصحابها الأصليين"، حسب الصحيفة.
وتؤدي المنافسة على الأراضي، التي لا تخفى دوافعها القومية إثر سياسات التمييز الإسرائيلية، إلى ارتفاع أسعار الأراضي بشكل كبير. ويضطر "المشترون العرب لعرض سعر أعلى 20% - 30% من قيمة الأرض، التي ترتفع باستمرار"، بحسب مزارع يهودي. وقال آخر إنه بيعت قطعة أرض تقل مساحتها عن دونم بمبلغ 4 ملايين شيكل. وأضاف أن المشترين العرب "يأتون حاملين أموالا كثيرة".
ونقلت الصحيفة عن مزارع يهودي عرض 27 دونما للبيع، وأشارت إليه بالحرف "ج"، قوله إن "هذا الوضع مُغري جدا. وليس فقط أن المبلغ أعلى من قيمة الأرض، وإنما هم يعرضون قسما من المبلغ بمال أسود". وادعى أنه وآخرون من بلدات زراعية في منطقة طبرية رفضوا عروض شراء كهذه كي لا تُنقل ملكية الأراضي إلى عرب.
وعُقدت في السنوات الأخيرة صفقات لبيع مئات الدونمات الموجودة بحوزة مزارعين يهود. وقسم كبير من هذه الصفقات تمت من خلال وسطاء عقارات تعهدوا بعدم بيعها إلى عرب، "لكن البائعين فوجئوا لدى اكتشافهم أن الأرض اشتراها عرب وبصورة سريعة".
وتحولت "هيمنوتا"، وهي كلمة آرامية تعني الوصاية، في السنتين الأخيرتين إلى الجهة المركزية بكل ما يتعلق بالأراضي. وهذه الشركة هي الوصية على الأراضي التي سلمتها السلطات الإسرائيلية إلى "كاكال" بعد مصادرتها من العرب، أصحابها الأصليين، الذين يوصفون بـ"الغائبين".
وفي موازاة ذلك، تعمل "هيمنوتا" على مبادلة أراضي، عندما تشتري أراض يملكها عرب مقابل أراض في بلدات يهودية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشركة، مثل "كاكال"، تشكل الذراع الطويلة لدولة إسرائيل بكل ما يتعلق بالأراضي. وهي معفية من تسديد ضريبة الشراء والضريبة المفروضة على الربح من بيعها.
وقال مصدر للصحيفة طلب عدم نشر هويته إن "أي بيع أو شراء أراضي يمر عن طريق هيمنوتا. وهي لاعب مركزي في هذا الموضوع، وهي تخلص الأراضي اليوم أيضا".
وبحسب مزارع يهودي، فإنه "حتى قبل سنتين كانت هيمنوتا تشتري أراض من أصحابها المتواجدين خارج البلاد فقط. ولم تكن هناك إمكانية لبيعهم أراض. ولهذا السبب تزايدت المبيعات لوسطاء أو جهات في المجتمع العربي. والمزارع الذي لا يريد العمل بالزراعة وبحاجة إلى مال، اضطر للبيع لمن يريد أن يشتري". وأضاف أن "هيمنوتا أقامت وحدة جديدة تعمل في البحث عن شراء أراضي من الذين يريدون البيع".
ووفقا للصحيفة، فإن "هيمنوتا" اشترت خلال السنتين الأخيرتين أراض بمبلغ 400 مليون شيكل من مزارعين يهود. كذلك يتزايد عدد المزارعين اليهود الذين يفضلون التوجه إلى "هيمنوتا" بدلا من سماسرة الأراضي. "ولا يريد أي مزارع أن تصل أراضيه إلى عرب ولا يريدون الانشغال بمال أسود".
إلا أن مزارعين باعوا أراضيه إلى "هيمنوتا" يتذمرون من أن السلطات تطالبهم بتسديد ضرائب على صفقات البيع. وارتفعت هذه الضرائب إلى الضعف في السنوات الماضية، من 12% من قيمة الأرض في التسعينيات إلى 25% الآن.
وقال مصدر مطلع على أنشطة "هيمنوتا" إن "هذه الأراضي أعطيت في غالب الأحيان إلى أجداد وجدات المزارعين من دون أن يدفعوا مقابلها، وهي تباع اليوم بمبالغ مرتفعة، وهذه المبالغ تجعل هؤلاء المزارعين أثرياء جدا".
وأفادت الصحيفة بأنه يعمل في "هيمنوتا" 20 موظفا فقط، لكن ميزانيتها كبيرة جدا، ولأنها لا تخضع لقانون حرية المعلومات، مثل "كاكال"، فإنها ليست ملزمة بإصدار تقارير حول نشاطها وحول قائمة الأملاك بحوزتها، التي تقدر بـ1.7 مليار شيكل، بحسب تقديرات أثناء إعداد تقارير "كاكال" المالية، في العام 2020.
وتنشط "هيمنوتا" في الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وفي هذا السياق تعالى اسمها في صفقات مشبوهة حول بيع أراض للبطريركية اليونانية الأرثوذكسية وكذلك في سلوان وتسريبها إلى جمعية "إلعاد" الاستيطانية.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]