تمر في هذه الأيام الذكرى 75 لاحتلال مدينة يافا على يد العصابات الصهيونية حيث ضربت قوة من عصابات "الهاغاناه" ضمن لواء الكسندروني حصارًا على يافا بدءًا من 28 من نيسان/أبريل 1948 بهدف السيطرة على محيطها من الناحيتين الجنوبية والشرقية المحاذيتين لـ "تل أبيب"، حيث أطلقت العصابات الصهيونية على عملية احتلال يافا "بعور حميتس" أي "الخميرة".
وكانت مدينة يافا بحسب قرار التقسيم عام 1947 الصادر عن الأمم المتحدة ضمن الدولة الفلسطينية، ولذلك لم تشن "الهاغاناه" هجومًا مباشرًا على يافا قبل تاريخ 15 من أيار 1948، أي تاريخ انسحاب بريطانيا من فلسطين، كي لا تدخل في مواجهة من القوات البريطانية التي كانت قريبة من المكان.
ولذلك جاء حصار ميناء يافا خطة من قادة "الهاغاناه" التي توقعت أن يدفع الحصار بأهالي يافا إلى الاستسلام أو يجبرهم على الهرب، لتخلو يافا من سكانها من دون قتال، ودون مواجهة القوات البريطانية التي كانت قرب يافا.
أما عصابات الأرغون فكان لديها خطة أخرى، فخططت أن تشن الهجوم على يافا مع بداية عيد الفصح اليهودي الذي صادف 24 من نيسان/أبريل 1948، حيث هاجمت قوات من "المنظمة العسكرية القومية" التي تسمى بقوات "اتسل" أو "الأرغون" الصهيونية يافا، وكانت تعتقد القوات أن سقوط يافا سيؤدي لسقوط كل القرى المجاورة لها.
وفي يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر نيسان 1948، خرج ستمائة مقاتل من عصابات “اتسل” من “تل أبيب” لاحتلال يافا. وقبل البدء بالهجوم، ظهر إلى العلن للمرة الأولى مناحيم بيغين، قائد “اتسل” الذي كان يعيش متخفياً خشية أن تعتقله سلطات الانتداب البريطانيّ، وخطب في جنوده المتأهبين للهجوم. ظهور بيغين العلنيّ رفع معنويات جنوده.
وهاجمت “اتسل” يافا من اتجاهين على مدار يومين، وأمطرت المدينة بقذائف الهاون بشكل متواصل على مدار ثلاثة أيام، وفي أول يومين من القصف، قُذف مركز المدينة بتسعة أطنان من المتفجرات، وكان هدف القصف – بحسب قائد عمليات “اتسل” آنذاك عميحاي فايغلين ـ هو شلّ حركة المدافعين، وكسر روح المقاومة لديهم، وإجبار السكان المدنيين على الهرب بشكلٍ جماعيّ.
وقصفت العصابات حينها الأحياء السكنية والتجارية لمدة 3 أيام، على مدار الساعة، وشنت هجومًا من الشرق إلى الغرب ضد حي المنشية الذي كان يمتد ً شمالًا بمحاذاة البحر وتحيط به "تل أبيب" من الجهتين الشمالية والشرقية.
وكانت عصابات ايسل" تواصل هجومها في النهار ووفي الليل، كانت تعود لدفن قتلاها، وفي نهاية اليوم الثاني من القتال، استدعى بيغين قادة القوة المهاجمة وخاطبهم بالقول: “حاولنا ولم نستطع، لقد تصدّت لنا قوات تفوقنا عدداً، هذا ليس عاراً، فلننتظر فرصةً أخرى”، في حين رفض قادة "ايسل" حديث بيغن وواجهوه بالصراخ، حيث طالبه حينها أحد قادة العملية بأن يمنحه 24 ساعة إضافية لاحتلال يافا.
وكانت المقاومة ضد العصابات الصهيونية عنيفة وشرسة، ولكن مع ذلك تمكنت العصابات الصهيونية من تحقيق اختراق أوصلها إلى حافة البحر خلال نهار 27 نيسان/أبريل، وبذلك فُصلت المنشية عن بقية المدينة.
ونتيجة لقصف يافا، تدخلت القوات البريطانية، وقصفت في 29 نيسان/أبريل، ا مقر قيادة الأرغون في ضاحية تل أبيب بالمدفعية، وأُطلقت نيران المدافع الرشاشة من الطائرات على وحدات الأرغون في المنشية، ُفأرغمت على التراجع.
وفي ذلك اليوم نفسه، 29 من نيسان/أبريل، بدأت الهاغاناه تنفيذ عملية "بِعور حميتس"، التي كانت تأخرت بسبب عمليات الأرغون الأرضية، مضيقة بذلك الخناق على يافا نفسها. وتساقطت القرى الواحدة تلو الأخرى بسرعة تحت وطأة هجوم ألُوية الهاغاناه الثلاثة، كرياتي وألكسندروني ِوغ ْفعاتي.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]