اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

المحامي خالد زبارقة "مسيرة الأعلام الإسرائيلية والبحث عن السيادة المفقودة"

 
في قراءة من جانب آخر لمسيرة الأعلام الاسرائيلية الاستفزازية، في مدينة القدس المحتلة وفي مدينة اللد والرملة ويافا ومدن فلسطينية أخرى، نلحظ محاولات المحتل المستميتة للبحث عن سيادة مفقودة، اذ أن هذا الشعور الذي يرافق الاسرائيليين في هذه البلاد أنهم لم يجدوا السيادة الموعودة التي يبحثون عنها بالرغم من مرور كل سنوات التيه الخمس والسبعون.
 
وعلى الرغم من السيطرة الاسرائيلية الكاملة على الأرض، بفعل القوة العسكرية المتواصلة والمستمرة وتبتعها سياسات القمع والخنق، وهذه السياسات التي ميّزت اسرائيل منذ نشأتها، الّا أن هذه السيطرة لم توفر لهم الشعور الحقيقي  بالسيادة الحقيقية وبقي يرافقهم الشعور الدائم بالنقص؛ ونستطيع أن نقول، في هذا الجانب، لم يتغيير واقع إسرائيل،  منذ نشأتها وحتى هذا اليوم.
 
إن عسكرة الحياة المدنية الاسرائيلية واضح للعيان خاصة في كل ما يتعلق بالنظرة إلى العرب ولوجودهم وخاصة أنه أصبحت النظرة لمجرد اللوجود العربي القوي والمأثر عنصر قلق عند المجتمع الإسرائيلي وصناع سياساته لأنه دائماً يذكرهم بالحقيقه التي يردون أن يغيبوها وهي أن لهذه الأرض أصحاب، فأصبح التعامل مع التأثير العربي كخطر قومي وأصبحت رمزوهم الدينية والوطنية تذكرهم ايضاً بالحقيقة لذا فقد أصبح الوجود والتأثير والرموز عرضةً للملاحقة السلطوية الإسرائيلية.
 
ونستطيع أن نقول بكل ثقة ومن خلال رصد السلوك الإسرائيلي على مدار السنوات الخمس والسبعون الماضية أنه لا وجود لحياة مدنية حقيقية في إسرائيل. فكل شي يتحرك بالمفهوم العسكري، وبلغة السلاح والقتل، وملاحقة الخصوم السياسيين عسكرياً وأمنياً؛  وما زالت منطلقات النظرة الاسرائيلية للحياة المدنية، بما يتعلق بالوجود العربي ، يرتكز بالأساس على المنظور الأمني.
 
في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى البعد الأيدولوجي الديني في السياسة الاسرائيلية الذي يستمد منطلقاته على المفاهيم التلمودية  التي تبناها المشروع الصهيوني عند إقامة مشروع إسرائيل على الأرض المبارك أرض بيت المقدس.
 
في ظل هذا التيه الذي يعيشه المشروع الصهيوني الإسرائيلي على ارض فلسطين تأتي مسيرة الأعلام هذه لترمم النزيف المعنوي الذي يعاني منه الإسرائيليون بسبب الفجوة الكبيرة بين الوعود التي وعدها إياهم حاخاماتهم والمرتكزة على الوعودات التلمودية وبين الواقع الذي تحقق على الأرض، هذه الفجوة أدت إلى ضجر المجتمع الإسرائيلي من الانتظار لتحقيق الوعودات المزعومة.
 
إن تجند كل القوى الحزبية والسياسية الإسرائيلية لهذه المسيرة مع موجة إعلامية إسرائيلية غير مسبوقة ورسائل التضمين للمجتمع الإسرائيلي التي أطلقها ضباط الشرطة الإسرائليين بهدف تشجيعهم على المشاركة في اقتحام الأقصى وفي مسيرة الأعلام، وتجنيد القوات الإسرائيلية بكل اذرعها سواءً الشرطية والمخابراتية والجيش ورفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، من أجل رفع العلم الإسرائيلي في مدينة القدس لهو الدليل الأكبر على فقدان هذا السيادة وإنعدام أي فرصة لفرضها بالشكل الطبيعي سوى استعمال النفير والصوت المرتفع وخلق الأجواء المعادية واجواء الكراهية على العرب طمعاً منهم بتحقيق وعد مزعوم لن يتحقق مهما ملكت إسرائيل من عناصر القوة العسكرية او النفوذ العالمي او انسجام النظام الرسمي العربي.
 
إن مرور خمس وسبعون عاماً على إقامة إسرائيل وست وخمسون عاماً على احتلال القدس لم يعط إسرائيل أي سيادة حقيقية على الأرض المباركة ولم ينزع عنها سيادتها الحقيقة، سيادة أصحاب الأرض والوطن والمقدس، على الرغم من كل سياسات التضليل والزيف والاستسلام العربي والتنسيق ونشر الفساد وسياسات تفتيت النسيج الاجتماعي لأصحابها الحقيقيون.
 
لن تستطيع مسيرة الأعلام مهما علا صوتها أو كثر عدد الأعلام المرفوعة فيها أن تغيير واقع السيادة، وكما أن السيادة الحقيقية لا تفرض بقوة السلاح والحديد والنار، وكما أن القوة وحدها لا تعطي شرعية والضعف وحده لا ينزع سيادة، فإن صمود أصحاب السيادة وثباتهم في وطنهم وحفاظهم على أرضهم وبيوتهم وحماية نسيجهم الاجتماعي كفيل أن يفشل كل المحاولات البائسة التي تبحث لها عن موطئ قدم في الأرض المباركة، فما بالكم إن كان تأييد الله سبحانه لهم ونصرته لهم وهم وحدهم، وليس غيرهم، وعد الله على هذه الأرض.
 
 
 
أرادوا ان تكون مسيرة الأعلام مسيرة فرض للسيادة المفقودة ولكنها في الواقع كشفت هشاشتها وزيفها وأعادت الثقة لأصحاب الأرض بإمكانية اعادتها الى حقيقتها.
 
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
اود ان اوجه تحية للاخ المحامي خالد الزبارقه على هذا الشرح والتوصيف الدقيق لما يجري على الساحة المقال لدليل على الفهم والوعي العميق للسياسة الاسرائيلية المتخبطه دمت ذخرا لفلسطين واهلها المهجرين والثابتين على ارضها وزادك الله فهما وعلما
سعيد سطل ابو سليمان يافا - 19/05/2023
رد
2
فعلا صدقت . لماذا يبحث هؤلاء طوال الوقت عن اثبات ان الارض لهم ،هذه افعال تدل على الثقه بانهم فعلا اصحاب حق. ولا ارى في اي دوله في العالم اهل البلد يرفعون اعلام بلادهم ويمشون الا من كان يريد ان يثبت شيء . ولماذا اصلا يبحث ان يثبت شيء !!! فالذي يحاول اثبات شيء هو اصلا شيء مشكوك فيه
قل لا حول ولاقوة الابالله - 19/05/2023
رد
3
السارق يعرف نفسه سارق ولكي يخدع الاخرين بأنه صاحب حق فهو كل حين من الوقت يصرخ يا ناس أنا لست سارقا هذه بضاعتي فهو بكل بساطه غير مرتاح بما سرق !!!
باسم ابو الامير - 19/05/2023
رد
4
يعني الحصل اليوم يعد انتصار لنا وأنهم فشلوا؟؟ عجبا لامركم كيف بتقلبوا الحقائق بكلمات وشعارات وبتزرعوا في عقول الناس أن الفشل أصبح انتصار.. طيب يا أهلنا في اللد ليش ما اطلعتوا مثل أهل يافا ورفعتوا الإعلام الفلسطينية للتأكيد اننا أصحاب الأرض يا أخي انتقلنا من تحميل مسؤوليه وادانة واستنكار إلى قلب حقائق وتصوير الفشل وكأنه انتصار.. الصراحة خلص الكلام &&&&&&
اللد - 18/05/2023
رد

تعليقات Facebook