حصل موقع يافا 48 على صور نادرة لمدرسة حسن عرفة الإبتدائية والتي تعود إلى عام 1972ويظهر في الصورة مبنى المدرسة والساحة واللتان بقيتا على حالهما منذ عام 1948.
يظهر في الصورة طلاب المدرسة أثناء الانتهاء من الدوام الدراسي .وتعد صورة نادرة كونها الصورة تحفظ في ذاكرتها المبنى الأساسي للمدرسة دون الاضافات التي ارفقت عليه في سنوات ال2000 وأعوام 2019.
يشار ان المدرسة بنيت 1937. إليكم معلومات عن المدرسة
من هو حسن عرفة
هو المحسن الكبير حسن سليم أحمد عرفة كان عميد عائلته. ولد سنة 1885 في حي المنشية/ المحطة لعائلة مصرية الأصل استوطنت يافا منذ القرن التاسع عشر. كان من كبار التجار من مستوردي الأقمشة والمنسوجات والغزولات ومحلاتهم معروفة في شارع إسكندر عوض أحدث وأهم أسواق يافا. كما كان يتعامل بتصدير البرتقال والحمضيات الأخرى حيث كانت له بيارة في قرية سكرير (صقرير)؛ تحلى بنشاط اجتماعي ووطني مشهود فكان من الشخصيات القيادية في المجتمع اليافي.1
تبرع الوجيه حسن عرفة بألفي جنيه
تبرع حسن عرفة ببناء مدرسة كاملة حديثة الطراز على نفقته الخاصة على قطعة أرض ملك للأوقاف الإسلامية، وسط حي العجمي الواقع في جنوب يافا، وهي تطل على البحر وتقع بالقرب من مقام العجمي.
وفيما يلي سرد للمراحل التي مر بها هذا المشروع الحيوي:
في الثلاثينيات من القرن الماضي عانت يافا من نقص في غرف التدريس ومن أزمة مستحكمة في المدارس الأهلية، بخاصة تلك الملائمة للإناث (البنات).
في 4 كانون الثاني/ يناير 1935 نشرت صحيفة الدفاع أنها سمعت أن وجيهًا من تجار يافا سيتبرع بـ2000 جنيه فلسطيني لإنشاء مدرسة، وهو السيد حسن عرفة بينما في 6 كانون الثاني/ يناير 1935 نشرت صحيفة فلسطين صورة للوجيه الثري حسن عرفة ذاكرة خبر التبرع بمبلغ ألفي جنيه لإنشاء مدرسة وطنية أهلية.
البدء في بناء مدرسة حسن عرفة
بدأ حسن عرفة بالتحضير للمشروع لكن العمل لم يبدأ إلا في عام 1937 وذلك بسبب عدم الحصول على موافقة دائرة الأوقاف على تسليم قطعة الأرض التي ستقام المدرسة عليها والإضراب العام الذي شمل جميع أرجاء فلسطين عام 1936. جاء تبرع الوجيه حسن في فترة كانت أزمة المدارس مستحكمة، وكان عدد كبير من الطلاب لا يجدون لهم محلا في مدارس الحكومة، وكانت الأزمة ما تزال قائمة. في 12 كانون الثاني/ يناير 1937 سئل حسن عرفة عن المال الذي تبرع به فأجاب أن المال موجود، وأنه لا يزال عند الوعد الذي قطعه على نفسه، وأن مواد البناء جاهزة وتصميم المشروع كامل لا ينقصه شيء غير موافقة دائرة الأوقاف على تسليم قطعة الأرض التي ستقام المدرسة عليها.
بيان لجنة مدرسة حسن عرفة وزيادة التبرع
تكونت لجنة لبناء المدرسة فقررت تسمية المدرسة باسم "مدرسة حسن عرفة" تخليدًا لاسم حضرة المتبرع الكريم، وقد تبين أن المبلغ لا يكفي لبناء مدرسة على الطراز الحديث، فزاد حسن عرفة 3000 جنيه فلسطيني أخرى. وجاء في البيان الصادر عن تلك اللجنة في 28 أيار/ مايو 1937 ما يلي:
1. كان حضرة الوجيه السيد حسن عرفة قد تبرع بألفي جنيه لبناء مدرسة في يافا. ولما أعدّ المهندس الخرائط والتصميمات الفنية للبناء، مرعيًا أن تكون النفقات على قدر الألفي جنيه، تبين أن البناء في هذه الحالة لا يكفي لمدرسة تامة على الطراز الحديث. وعلى هذا فقد زاد السيد حسن عرفة تبرعه، وكلف المهندس بتعديل الخرائط وزيادة البناء على القدر الكافي لمدرسة تامة.
ثم أضاف إلى هذا أن تبرع أيضًا بتأثيث المدرسة وتجهيزها بما يلزمها من مقاعد مدرسية. وعلى هذا بلغت نفقات المدرسة وأثاثها مبلغًا يقارب ثلاثة آلاف جنيه، دفعها السيد حسن عرفة.
2. احتوى بناء المدرسة على سبع غرف كبيرة للصفوف، وغرفتين للمدير والمعلمين، وغرفة للانتظار، وقاعة كبرى للطعام والاجتماعات، وغرفة للأشغال وأخرى للمطالعة، وممر داخلي أمام الصفوف، وآخر مفتوح ومسقوف لاتقاء الشتاء والمنافع الصحية الأخرى والملعب. وقد روعي في تصميمات البناء أن يحتمل بناء طبقة ثانية، إذا أريد ذلك في المستقبل.
3. أعطيت مقاولة البناء، بعد المناقصة بالظرف المختوم، إلى الحاج العمري والسيد محمود المرضعة، واشترط أن يتم البناء في أربعة أشهر، وعلى هذا ينتظر أن تفتح المدرسة أبوابها في أوائل السنة المدرسية التالية.
4. وقد رأت اللجنة أن تسمي المدرسة حسن عرفة تخليدًا لاسم حضرة المتبرع الكريم". ا
من مدرسة للإناث إلى مدرسة للذكور
استغرق العمل في بناء المدرسة سنتين ونيف، حينها بدأت إدارة المعارف بالإشراف عليها إشرافًا تامًا وأخذت البلدية بالإنفاق عليها، وفي شباط/ فبراير 1940 عقدت لجنة المعارف الأهلية الجديدة جلسة في مكتب قائم مقام يافا وبحثت في أمر إعداد مدرسة حسن عرفة للتدريس في أول السنة الدراسية التالية، وتقرر تخصيص حوالي 300 جنيه لتأثيثها بالأدوات اللازمة وتخصيص 1000 جنيه ميزانية لمصروفاتها المدرسية السنوية على أن تؤخذ هذه المبالغ من ضريبة 1% التي سوف تجبيها بلدية يافا من السكان باسم ضريبة المعارف الأهلية. وقد طلب صاحب المشروع السيد حسن عرفة أن تخصص مدرسته لتعليم الإناث (البنات) وأن يكون مستواها العلمي كبقية المدارس الأميرية الابتدائية وأن يكون عدد صفوفها الابتدائية كاملة، وقد وافقت إدارة المعارف على البندين الأخيرين ولكنها رأت أن تخصص المدرسة في الوقت الحاضر لتعليم الذكور إذ لا توجد معلمات للتدريس فيها، وقد تقرر أن يكون لإدارة المعارف الإشراف التام على جميع الشؤون المتعلقة بها. وقد تبرع صاحب المشروع حسن عرفة بإقامة سور حول المدرسة التي سميت باسم منشئها. وبهذا سد فراغًا كبيرًا في حاجة يافا للمدارس.8
بما أن قطعة الأرض التي أقيمت عليها المدرسة كانت تابعة للأوقاف جرى الاتفاق في نيسان/ أبريل 1940 بين لجنة المعارف الأهلية بيافا والمجلس الإسلامي الأعلى بالقدس على تأجير مدرسة حسن عرفة للجنة الأهلية لمدة ثلاث سنوات بإيجار سنوي قدره 50 جنيهًا على أن يجدد هذا الإيجار بعد ذلك لمدة سنتين. وقد طلبت اللجنة من مفتش معارف اللواء أن يقدم لها قائمة بالأثاث اللازم للمدرسة لتتمكن من شرائه قبل بدء السنة الدراسية التالية.9
إشراف إدارة المعارف على المدرسة
في 25 تموز/ يوليو 1940 وافق مدير المعارف العام على أن يكون تعيين مدير ومعلمي مدرسة حسن عرفة الجديدة بواسطة إدارة المعارف، وأن يكون برنامج الدراسة فيها حسب البرامج التي تتمشى عليها إدارة المعارف في فلسطين. وقد تقرر ذلك إثر اجتماع مدير المعارف العام مع لجنة منتخبة من لجنة المعارف المحلية بيافا برئاسة القائم مقام إحسان بك هاشم.10
افتتاح مدرسة حسن عرفة
في 14 آب/ أغسطس 1940 اجتمعت لجنة المعارف المحلية في لواء اللد لاتخاذ التدابير اللازمة لافتتاح مدرسة حسن عرفة بالعجمي. كما قررت أن تدعو المندوب السامي البريطاني لحضور الاحتفال الكبير بهذه المناسبة.11 في ذلك الوقت أدخلت مياه العجمي إلى المدرسة، وتقرر الشروع ببناء سور لها على أن يتم في أقرب فرصة.12 في 28 آب/ أغسطس 1940 بدأ تسجيل الطلاب للسنة الدراسية على أن تبدأ الدراسة كباقي المدارس في 16 أيلول/ سبتمبر 1940. 13
لم يحضر المندوب السامي إلى يافا للاحتفال بتدشين مدرسة حسن عرفة، واكتفى بأن أرسل في 10 أيلول/ سبتمبر 1940 مدير المعارف العام المستر فرل برفقة كبار مفتشي المعارف إلى يافا للاجتماع إلى حاكم لواء اللد مستر كروسبي وقائم مقام المدينة إحسان بك هاشم للبحث في أمر تعيين معلمي مدرسة حسن عرفة وتعيين موعد افتتاحها في 16 أيلول/ سبتمبر 1940. ثم اجتمعوا إلى رئيس البلدية، وزاروا عمارة المدرسة وأعجبوا بموقعها وترتيبها. 14
عدد طلاب مدرسة حسن عرفة وطاقمها
في آذار/ مارس 1941 كان عدد طلاب مدرسة حسن عرفة يزيد عن 320 طالبًا، بينما كان مدير المدرسة في ذلك الوقت الأستاذ سعيد الصباغ وهو من خيرة رجال التعليم العرب.15 في شباط/ فبراير 1943 كان مدير المدرسة الأستاذ عبد اللطيف الحبال وهو لبناني من بسطة بيروت، ثم تلاه الأستاذ بشير الدباغ. كانت دائرة المعارف تشرف على المدرسة فنيًّا، بينما تدفع بلدية يافا رواتب للمعلمين، وقد بلغ راتب المعلم الرسمي ثماني جنيهات وستة وستين قرشًا.16 احتوت المدرسة على سبعة صفوف ابتدائية، ثم زيد عليها صفان أول وثاني ثانوي، كذلك احتوت على مكتبة مدرسية تضم 1331 كتابًا بالإضافة إلى مختبرات علمية حديثة.17
في الأول من كانون الثاني/ يناير 1948 ضمت المدرسة 404 طلاب بينهم 54 طالبًا في الصفين الأول والثاني ثانوي.18
من بين المدرسين في مدرسة حسن عرفة كان: سليم الطاهر، مصطفى زكي الدجاني، معلم اللغة العربية أحمد أبو عمارة، معلم اللغة الإنجليزية خير الدين أبو الجبين.19
تبرع حسن عرفة بقطعة أرض لبناء مدرسة للإناث
في الجلسة التي عقدتها لجنة المعارف الأهلية المحلية في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1941 بحثت في موضوع هام هو افتقار محلة المنشية إلى مدرسة للإناث وضرورة تدارك هذا الأمر الجليل الفائدة، فما كان من أريحية الوجيه السيد حسن عرفة أن تبرع ثان بأرض تبلغ مساحتها دونم ونصف في محلة إرشيد أمام مدرسة دار العلوم وبمواجهة البحر، جاهزة الأساس ولا ينقصها إلا إقامة عمارة المدرسة عليها، وقدّر ثمن هذه الأرض بـ3000 جنيه. وقد سمح المتبرع باستبدال هذه القطعة بأخرى أحسن منها موقعًا إذا اتضح أن مكانها غير صحي، أو لا يصلح لإقامة مدرسة عليه، وهذه مأثره أخرى يضيفها حسن عرفة إلى مآثره التي تعتبر مثالا وقدوة. 20
في 5 شباط/ فبراير 1941 عقدت لجنة المعارف الأهلية بيافا جلستها الشهرية في مكتب قائم مقام المدينة بحضور رئيسها وجميع أعضائها ما عدا مسعود الدرهلي، وقد بحثت في أمر استبدال الأرض الرحبة الواقعة أمام شاطئ بحر إرشيد، التي تبرع بها المحسن الكبير الوجيه حسن عرفة لتقام عليها مدرسة حديثة للإناث، بأرض أخرى على أن تكون في محلة المنشية، وقد عرضت ثلاث قطع أرض كبيرة في تلك المحلة فوقع الاختيار على أرض رحبة جدًا قريبة من مسجد حسن بك. وقد وافق المتبرع على استبدال أرضه بالأرض التي تختارها اللجنة وذكر أنه مستعد لتسجيل الأرض باسم لجنة المعارف الأهلية مع بقاء الغاية الأساسية من هذا التبرع وهي إنشاء مدرسة باسمه في محلة المنشية.
تقديرًا لخدمات حسن عرفة الاجتماعية والوطنية انتخب في أوائل الأربعينيات عضوًا في المجلس البلدي.
وفاة الوجيه حسن عرفة
في يوم الثلاثاء الموافق 11 أيلول/ سبتمبر 1945 انتقل إلى رحمة الله تعالى الوجيه حسن سليم عرفة، وعن ذلك كتبت صحيفة الدفاع تحت عنوان "وفاة الوجيه المعروف السيد حسن عرفة" ملخصة مسيرة هذا الراحل العظيم:
"انتقل أمس إلى رحمة الله تعالى الوجيه والتاجر المعروف المغفور له حسن سليم عرفة، عن عمر يناهز السادسة والخمسين على أثر مرض لم يمهله إلا بضعة أيام. ونتجت الوفاة عن السكتة القلبية. وقد عرف الفقيد بأخلاقه الطيبة وشيّد المدرسة المعروفة باسمه في حي العجمي وأوقفها على أبناء المدرسة. وفكر بتثقيف الفتاة العربية فوهب الأرض اللازمة لإنشاء مدرسة للفتيات بالقرب من شاطئ البحر في حي إرشيد وعرف الفقيد بمقدرته التجارية وترأس الشركة الفلسطينية لاستيراد المنسوجات وشركة استيراد الغزولات بالإضافة إلى اعماله التجارية الخاصة. وكان أحد رؤساء جمعية التجار العرب بيافا وعضوًا في لجان متعددة منها لجنة الأيتام والأوقاف ولجنة المعارف المحلية بيافا وعضوًا في محاكم البلدية والإيجارات والمؤن، وخلال عضوية المرحوم في لجنة بلدية يافا اضطلع بمشروع تغذية فقراء المدينة من الطلاب والأحداث. وقد اختمرت في رأسه عدة مشاريع اجتماعية واقتصادية لهذا البلد كان ينوي تنفيذها بعد الحرب العالمية الثانية منها إنشاء جمعية على غرار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت لنجدة الفقير والمحتاج". 23
وأنجب الفقيد أربعة أبناء هم السادة: سليم وسامي وصلاح وسهيل ثقفهم تثقيفًا عاليًا في جامعات لندن وبيروت، كما أنجب ثلاث كريمات وثقفهن تثقيفًا عاليًا.
وشيع الجثمان من بيته الكائن في شارع يافا- تل أبيب بالقرب من مقهى لورانس، وصلي عليه في مسجد يافا الكبير، ودفن في مقبرة العجمي بجانب مدرسته.
في تأبين المرحوم حسن عرفة
بمناسبة مرور 40 يومًا على وفاة المغفور له حسن عرفة جرى في ساحة مدرسته في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1945 حفل تأبين للفقيد حضره علماء يافا وطائفة من شخصياتها ولفيف من كبار تجار المدينة ورجال الدين الروحيين ورجال التربية والتعليم، وقد ألقيت خطب كثيرة في تمجيد أعمال الفقيد ونشاطاته ومبراته. من بين الذين عددوا مناقبه كان الشاعر واللغوي الفلسطيني محمد العدناني الذي ألقى القصيدة العامرة التالية: كانت مدرسة حسن عرفة نموذجًا ناجحًا ومثالاً يحتذى به، ولكن الأغنياء تقاعسوا.
في شهر آذار/ مارس 1948 أغلقت المدرسة بسبب الحرب. في سنة 1950 صارت المدرسة دارًا للمعلمين العرب، لكن سرعان ما عادت إلى مدرسة ابتدائية من صف البستان حتى السادس للعرب في يافا، وما تزال تؤدي رسالتها التربوية حتى يومنا هذا.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]