أبرقَ مركز "عدالة"، مطلع الأسبوع الجاري، بواسطة المحامية ناريمان شحادة - زعبي رسالةً إلى كلّ من المستشارة القضائية للحكومة، والمستشار القضائي للشرطة، والمفوّض العامّ للشرطة، والنيابة العامّة الإسرائيلية، طالبهم فيها بـ"التدخل الفوري من أجل وضع حد للممارسات الشّرطية التعسفية وغير القانونية المستخدمة ضد الفلسطينيين المعتقلين على خلفية ممارسة حقهم بالتعبير، وخاصةً على مواقع التواصل الاجتماعي".
جاء في نصّ الرّسالة أن "قوات الشّرطة تنتهج أولا إساءة استخدام تهمة 'تصرّف يمكن أن له يخلّ بالنظام العامّ' وفقا للبند 216 لقانون العقوبات، وتستخدمها كوسيلة لقمع عشوائي للمواطنين الفلسطينيين الذين يعبّرون عن آرائهم في الإطار القانوني والشرعي".
وأضافت أن "هذا الاستخدام يأتي ليستبدل، بشكل ملتوٍ وغير شرعي، أمر النيابة العامّة الذي يلزم الشرطة باستصدار موافقة النائب العام للدولة من أجل فتح تحقيق في مخالفات تتعلّق بحرّية التعبير. إن آلية الرّقابة المذكورة أتت من أجل تقليص عمل المسار الجنائي للحدّ الأدنى وذلك من أجل منع المسّ بحقّ حريّة التعبير الدستوري. لكن الشّرطة تلتفّ حول ذلك الأمر وبالتالي إن اعتقالات كهذه هي غير قانونيّة في جوهرها، بل وتمسّ بالحقوق الدستورية للمواطنين، كما وتخلق مساحة قمع واسعة المدى في مخالفة صارخة للقانون".
كما سلّطت المحامية شحادة - زعبي الضوء أيضًا على "الممارسات التي تنتهجها الشرطة أثناء الاعتقال أيضًا؛ كتعصيب الأعين، تكبيل اليدين بأصفاد بلاستيكية، تصوير المعتقل ونشر صوره على الملأ، إذ تعتبر هذه الممارسات تجاوزا صارخا للحقّ في الكرامة والخصوصية، وتهدف إلى إخافة وإهانة المعتقلين. كما يتم تنفيذها بتجاوز تام لصلاحيات الشرطة وفق القانون كسلطات إنفاذ قانون والتي من واجبها الحفاظ على كرامة المعتقل وحقوقه أثناء اعتقاله والتحقيق معه".
وطالبت في نهاية الرّسالة الأطراف المعنيّة بأن "تمنع الشّرطة من مواصلة استخدامها التعسّفي للقانون كأداة للملاحقة السياسية وتقييد حرّيات المواطنين في تعبيرهم عن آرائهم، وخاصّةً على مواقع التواصل الاجتماعي، كما شهدنا في تعاظم الاعتقالات من هذا النوع، وكان آخرها انتشار فيديو لاعتقال السّيدة رشا كرّيم وتعصيب عيناها وتكبيل يديها بالأصفاد البلاستيكية". كما طالبت بـ"تحديد الإجراءات التي يسمح فيها للشرطي بتكبيل المعتقل بأصفاد بلاستيكية، وخاصّة في تهم متعلقة بحرية تعبير، وانتهاج عمليّات تصوير ونشر اعتقالات المواطنين التي ترمي إلى الإهانة والإذلال".
وكان المركز قد وجه رسالةً سابقة في ذات الصدد، يوم 21 نيسان/ أبريل 2024، تحدّثت فيها المحامية هديل أبو صالح عن "ذات الانتهاكات الشُّرطية للقانون ولحقوق المواطنين في مواقف عدة"، حيث عدّدت أربع حالات مختلفة "كان فيها استعمال هذا البند القانوني في غير مكانه، كاعتقال معلّم من بيته لعزفه أغنية معيّنة في الصفّ الطلابي، واعتقال ناشطة من سيّارتها بزعم أنها في طريقها لمظاهرة، واعتقال صحافي لمنشورٍ كان قد نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتّى اعتقال علم فلسطين مع شعارات مكتوبة من بيت ناشطٍ آخر". وأكدت أنه "في الحالات المذكورة، لا تتحقّق فيها شروط البند المفضي للشرطة بصلاحية اعتقال، فمساحات المواطنين الشخصية لا تصنّف كـ'حيّز عام' يمكن له أن يخلّ بالنظام. مما يدلّ على مدى تعسّفية استعمال هذا البند بالتحديد بشكل فضفاض وواسع من أجل تنفيذ اعتقالات لا أساس لها".
من جانبه، عقّب مركز "عدالة" أنه "نشهد في الأشهر الأخيرة تصاعدًا خطيرًا في تجاوزات الشرطة لنطاق صلاحياتها بتعاملها مع المواطن الفلسطيني بشكل عام، وفي مسّها لحريات التعبير بشكل خاص. مرّة تلو الأخرى، تسمح الشرطة لنفسها، من دواعٍ عنصرية، وغير قانونية، بأن تلتف على القانون في الاعتقالات وتحاول بكل الطرق قمع وإذلال وإهانة المعتقلين من أجل إخافتهم وإخافة الآخرين عن طريقهم، ضمن جو عامّ يتّسم بالعنصرية ويشجّع على هذه الممارسات، دون رقيب أو حسيب".
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]