عندما بدأت الكتابة في هذا المقال انتابني شعور غريب فإذا بالأحرف تعجز ، والكلمات ترتبك ، والأسطر تضطرب ؛ اتدري عمن تتكلم وعمن تكتب؟ إنه أعظم إنسان عرفته البشرية ووقفت أمامه وقفة إجلال وإكبار وتعظيم ، كيف لا وهو من زكاه الله في كلامه فقال (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) وزكاه في علمه فقال (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) وزكاه في قلبه فقال (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) وزكاه كله فقال (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) فهو أعظم إنسان فكيف يهان؟
صاحب الحوض المورود ، واللواء المعقود ، والمقام المحمود ، صاحب الغرّة والتحجيل ، المذكور في التوراة والإنجيل ، المؤيّد بجبريل ، خير الخلق في طفولته ، وأطهر المطهرين في شبابه ، وأنجب البشرية في كهولته ، وأزهد الناس في حياته ، وأعدل القضاة في قضائه ، وأشجع قائد في جهاده ؛ اختصه الله بكل خُلُق نبيل ؛ وطهره من كل دنس وحفظه من كل زلل ، وأدبه فأحسن تأديبه وجعله على خلق عظيم ؛ فلا يدانيه أحد في كماله وعظمته وصدقه وأمانته وزهده وعفته ، فهو أعظم إنسان فكيف يهان؟
اعترف كل من عرفه حق المعرفة بعلو نفسه وصفاء طبعه وطهارة قلبه ونبل خلقه ورجاحة عقله وتفوق ذكائه وحضور بديهته وثبات عزيمته ولين جانبه ، بل اعترف بذلك المنصفون من غير المسلمين :
يقول المستشرق الأمريكي واشنجتون إيرفنج : " كان محمد خاتم النبيين وأعظم الرسل الذين بعثهم الله تعالى ليدعوا الناس إلى عبادة الله".
ويقول عالم اللاهوت السويسري د.هانز كونج : "بحثت في التاريخ عن مثل ، فوجدته في النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم).
ويقول توماس كارليل: "قرأت حياة رسول الإسلام جيدًا مرات ومرات ، فلم أجد فيها إلا الخُلُق كما ينبغي أن يكون، وكم ذا تمنيت أن يكون الإسلام هو سبيل العالم".
ويقول المستشرق الفرنسي أميل ردمنغم: "... كان محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجًا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة ، بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته".
ويقول المستشرق الإسباني جان ليك : "أيّ رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأيُّ إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق".
أما وليام موير المؤرخ الإنجليزي فيقول في كتابه (حياة محمد): "لقد امتاز محمد عليه السلام بوضوح كلامه ، ويسر دينه ، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس وأحيى الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد".
فهو صلى الله عليه وسلم بشهادة هؤلاء وغيرهم من المنصفين أعظم إنسان فكيف يهان ؟
ايها القاري الحبيب إن هذه مواقف فلاسفة ومستشرقين أوروبيين وغربيين في حق المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم ، يقرون من خلالها بدور الإسلام في بناء وتشييد صروح الحضارة الغربية، وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة وفضله المتصل إلى يوم القيامة على البشرية في جميع أقطار المعمورة ، ليبين لنا أن التعصب الامريكي الأوروبي المسيحي لم يكن خطًا صاعدًا باستمرار، وإنما وجد هناك منصفون أكدوا الحقيقة ، ولكن الثقافة الغربية السائدة والمتشبعة بقيم التعصب والعناد والتمركز الحضاري حول الذات سعت إلى حجب هذه الحقائق وإخفاء هذه الأصوات حتى لا يتمكن الشخص الامريكي والأوروبي العادي من الإطلاع على ما أثبته أبناء جلدته من الكبار في حق الإسلام ونبيه ورسالته العالمية الخالدة ، وذلك كله بهدف تحقيق غرضين، الأول إبعاد الناس سواء الامريكيين والأوروبيين المسيحيين عن الإسلام الذي دل على قدرته على التغلغل في النفوس وملامسة صوت الفطرة في الإنسان، فهو يخيف الغرب المتوجس من تراجع عدد معتنقي المسيحية في العالم ,برغم ما ينفقه من الأموال والوقت لتنصير الشعوب، والغرض الثاني ضمان استمرار الصراع بين الغرب والإسلام والقطيعة بينهما لمصلحة الصهيونية والماسونية التي تعتبر نفسها المتضرر الأول والرئيس من أي تقارب أو حوار بين الإسلام والغرب , فنقول لهؤلاء المسيئين المعتدين الذين يريدون تشويه صورة أعظم إنسان مهما فعلتم ومهما أسأتم وصورتم لم تحجبوا شمسه الساطعة التي ستصل وتدخل الى كل بيوتكم بالغرب والشرق والشمال والجنوب .. شاء من شاء وابى من ابى فنوره ساطع ومجده باق (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]