الإساءات للإسلام والمسلمين التي تتابعت في الآونة الأخيرة , واتسعت دائرتها وامتدت وتواصلت عبر الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية من بلد لآخر , من أمريكا إلى فرنسا إلى اسبانيا , والى غيرها من دول أوروبا , دون رادع من سلطان , ولا وازع من دين أو خُلق , المستهدف هو الإسلام , ممثلا بكتابه وبنبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم , مبعوث العناية الإلهية , نبي الهدى والرحمة , نبي الفضائل والمكارم , هذه الهجمة المسعورة على الإسلام , لم تتوقف وان هدأت حدتها , بسبب التظاهرات الغاضبة للمسلمين في العديد من بلدان العالم , ألا فليعلم كل الحاقدين على الإسلام , انه لو أجمع كل قوى البغي في الأرض كيدهم , واعتمدوا كل أنواع الكيد والتدبير والتخطيط , ولو سلكوا كل سُبُل الشر , واستعملوا كل أساليب الكيد والتآمر , لأضل الله أعمالهم.
يؤكد ذلك الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة , والتاريخ القديم والحديث يثبت ذلك بالوقائع , من الآيات قول الله عز وجل : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم , وقوله تعالى : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله , فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون , مهما بلغت الإساءات ومهما بلغ الكيد لن يعيق أو يعرقل إظهار الإسلام , لأن الإسلام هو دين الله , والله عز وجل وعد بإظهار دينه على الدين كله رغم انف أعدائه يقول تعالى: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما الأحاديث النبوية الشريفه فعن تميم الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول : ليبلغنّ هذا الأمر ( الإسلام ) ما بلغ الليل والنهار , ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا ادخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ,عزا يعز الله به الإسلام , أو ذلا يذل الله به الكفر , حديث صحيح أخرجه الإمام احمد , أما الاستشهاد بالتاريخ الماضي والحاضر , فان القاصي والداني يعلم أن الإساءات للإسلام وكتابه ونبيه وللمسلمين ليست وليدة اليوم , إنما يعود تاريخها إلى بداية ظهور الإسلام في مكة المكرمة , تصدّر الإيذاء والإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه بضعة نفر من سادة قريش منهم عبد العزى ( أبو لهب) عم النبي , والوليد بن المغيرة , والعاص بن وائل وعلى رأسهم عمرُ بن هشام ( أبو جهل ) لما نزل قوله تعالى : تبت يدا أبي لهب وتب , كان لأبي لهب ثلاثة أبناء عُتبه وعُتيبة ومعتب , كان عتبه وعتيبة صهري النبي صلى الله عليه وسلم.
كانت أم كلثوم زوجة عتيبة , وكانت رقيه زوجة عتبه , فلما نزلت سورة المسد قال لهما أبوهما , رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد , أي لا أراكما ولا أكلمكما إن لم تطلقا ابنتي محمد , فطلقاهما قال عتيبة وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ,لآتين محمدا فلأوذيّنه في نفسه ودينه , فأتاه فقال يا محمد إني كافرٌ بالنجم إذا هوى , وبالذي دنا فتدلى , ثم بصق أمامه وطلق ابنته أم كلثوم وانصرف , فدعا عليه النبي قال : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك , فافترسه الأسد , ويروى ا ن أم جميل زوجة أبي لهب , لما سمعت ما انزل الله في زوجها وفيها , أتت رسول الله وهو في المسجد الحرام ومعه أبو بكر وفي يدها قطعة حجر حادة كالسكين , فلما دنت من رسول الله أعمى الله بصرها عنه فلم تر إلا أبا بكر , فقالت يا أبا بكر بلغني أن صاحبك يهجوني أنا وزوجي , فوالله لئن وجدته لأضربن بهذا الحجر وجهه , ثم أنشدت تقول , مذمما عصينا , وأمره أبينا , ودينه قلينا , أي ابغضنا , ثم انصرفت فقال أبو بكر يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ قال ما رأتني لقد أعمى الله بصرها عني الإيذاء اتخذ أشكالا مختلفة من التنكيل والسب والسخرية والاستهزاء كان المشركون يسبون رسول الله ويقولون مذمما بدل قولهم محمدا , فقال صلى الله عليه وسلم , ألا تعجبون كيف صرف الله عني أذاهم؟ إنهم يسبون ويهجون مذمما وأنا محمدا.
فالإيذاء ليس جديدا ولا مستحدثا , انه قديم بقدم الرسالة , هذا العداء الطويل والإساءات المتكررة للإسلام هو نتاج حقد يملأ قلوب أهل الباطل , يتوارثونه جيلا بعد جيل , هؤلاء وصفهم الله عز وجل قائلا : قد بدت البغضاء من أفواههم , وما تخفي صدورهم اكبر , فهذه الإساءات للإسلام والمسلمين غير مستغربه , المستغرب هو كيف يتحدى شرذمة من السفهاء مليار ونصف مليار مسلم , لا يحسبون لهم أدنى حساب , سبعٌ وخمسون دولة إسلامية لا يؤبه لها , ولا يحسب لها أي حساب الهبّات الغاضبة في بلدان مختلفة من العالم والتي اتخذ بعضها طابع العنف وأودى بحياة الكثير من المحتجين الغاضبين , لم تردع هؤلاء ولم توقف الإساءات , بل ازدادوا تحديا وإصرارا على الإساءة , فهذه مجلة فرنسية لا تساوي نكله في سوق الصحافة , تقوم بنشر رسومات كاريكاتيرية ساخرة عن النبي صلى الله عليه وسلم , في أوج الاحتجاجات الغاضبة في بلدان العالم , وبعدها ببضعة أيام صحيفة اسبانية تنشر رسوما مسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , كيف يستقيم ذلك ؟ وبما يُفسّر , إن استخفاف هؤلاء الشرذمة السفهاء بمسلمي الدنيا, يكشف مدى ضعف وعجز الدول العربية والإسلامية على الصعيد الدولي , سبعٌ وخمسون دولة في عداد الدول هم مجرّد رقم , الدول السبع والخمسون محلها في الإعراب الدولي , مفعولٌ بها , والعالم لا يحترم إلا الدول الفاعلة , يحترم الدول القوية التي تفرض نفسها على الساحة بقدراتها الذاتية وبسواعد أبنائها , أما الدول التي تسكت على هكذا إساءات لقرآنها ولنبيها ولدينها وترضى لنفسها الذل والهوان , فلا أكرم الله من يكرمها , ومن يُهن الله فما له من مكرم.
والله غالب على أمره
سعيد سطل أبو سليمان 19 / 10 / 2012
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]