أردت إلقاء الضوء على يوم من أعظم الأيام وأبهجها عند المسلمين , انه يوم الأضحى , أو يوم النحر , أو يوم العيد, تعددت الأسماء والمسمى واحد هو العيد , للمسلمين عيدان الفطر والأضحى , كل منهما يأتي عقب عبادة من العبادات , عيد الفطر يأتي عقب عبادة الصيام وهو أول يوم من شوال , وعيد الأضحى يأتي عقب عبادة الحج وهو اليوم العاشر من ذي الحجة , وليس للمسلمين عيد غيرهما , يوم العيد يوم مميّز عند المسلمين , المسلمون يحتفلون بعيدهم احتفال الطائعين لربهم , فأول عمل يقومون به في العيد هو الصلاة , طاعة لأمر الله , فصل لربك وانحر ,
شُرعت صلاة العيد في السنة الأولى بعد الهجرة , وصلاة العيد سُنّه مؤكده داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ,
ومن ابرز شعائر صلاة العيد التكبير ,الله اكبر الله اكبر الله اكبر , لا اله إلا الله , الله اكبر الله اكبر ولله الحمد , هذا التكبير يعتبر شعار العيد عند المسلمين , ففي عيد الفطر قال تعالى : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون , البقرة 185
وفي عيد الأضحى قال تعالى: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام , والدليل على إيجاب التكبير ومدته قوله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات , أي كبروا الله عقب الصلوات يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر , فعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفه إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات , فالتكبير في عيد الأضحى واجب عقب كل صلاة ولو كان المصلي منفردا , أو مسافرا من فجر يوم عرفه إلى ما بعد عصر اليوم الثالث من أيام التشريق , أي إلى رابع أيام العيد عصرا , ولو تأملنا هذا الشعار الذي تميزت به صلاة العيد , لوجدناه زينه يزين الإسلام بها أعياده فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها الذين يؤدون صلاة العيد , تلهج ألسنتهم بالتكبير والتهليل والتحميد , انه مظهرٌ من أعظم وأجمل وأبهج مظاهر العبودية لله ,لا مثيل له لدى الأمم السابقة ولا اللاحقة , الله اكبر الله اكبر الله اكبر , هل في دنيا المسلم شيء اكبر من الله ؟ هل في دنيا المسلم شيء أعظم من الله ؟ إذا استشعر المسلم عظمة الله في قلبه , صغُرت الدنيا وهانت في عينه , الله اكبر الله اكبر الله اكبر , لا اله إلا الله , الله اكبر الله اكبر , ولله الحمد ,الله اكبر تعظيم لله , يقول عز وجل : لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم
ويقول سبحانه :ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب , لا اله إلا الله كلمة التوحيد , كلمة العقيدة , كلمة الإيمان واصل الدين , وهي أفضل ما قاله الأنبياء , وجوهر الرسالات السماوية , الله اكبر الله اكبر , ولله الحمد , الحمد أي الثناء الجميل لله وحده , هو المستحق وحده للحمد , يُحمد لذاته , ولأفعاله , ولصفاته , وهو محمودٌ قبل أن يحمده الحامدون , ولله الحمد مفتاح كل خير , بهذه الكلمات المميزة يزين المسلمون عيدهم , الله جل في عُلاه يريد من المسلمين أن يحققوا هذه المعاني في العيد وبعد العيد ,
في يوم النحر أول أيام العيد يخرج المسلمون الصغار والكبار الذكور والإناث إلى بيوت الله ليئدوا صلاة العيد طاعة لله , فصل لربك وانحر , صل صلاة العيد , وانحر الأضاحي , فصل لربك وانحر الدين كله , الإسلام العظيم كله , في هاتين الكلمتين , صل الصلاة صلة بالله , وانحر صلة بالناس إحسان إلى الناس , إن جوهر الدين صلة بالله عز وجل , وإحسان إلى خلقه , هذا هو الدين كله ولا شيء وراء ذلك , فالخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله انفعهم لعياله , في صلاة العيد يلتقي المسلمون يقابل بعضهم بعضا ويهنئ كل مسلم أخاه وتتصافح الأيدي وتبتسم الوجوه , ترى المسلمين بأبهى صوره وأجمل مظهر , تلمس في تلك اللحظات صدق القلوب وطهارة النفوس وسلامة الصدور , لعله ببركة هذا العيد ببركة هذه الشعيرة المباركة , أن ينزع الله الحقد من القلوب , والحسد من النفوس , ويحل محلها الألفة والمودة والمسامحة والعفو ,
وليس ذلك على الله بعزيز ,
سعيد سطل أبو سليمان
8 ذي الحجة 1433
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]