حين يلتبس الحق بالباطل، وتخفى معالم الحق على كثير من أبناء مجتمعنا ، ويختلط الهوى بالهدى، فإن تقوى الله سبحانه هي التي تنير طريق الهداية، ويبدّد نورها ظلماتِ الجهل والغواية. فمن وهبه الله التقوى فقد وهبه نوراً يمشي به على درب النجاة. ألا ما أحوجنا اليوم إلى أن تُعمر قلوبنا وقلوب أبنائنا بالتقوى واليقين؛ ليتحقق النهوض بمجتمعنا نحو الصلاح والفلاح.
قضيتُنا الكبرى التي يجب أن لا تُنسى هي أننا أمة عقيدةٍ إيمانية صافية، ورسالةٍ عالمية سامية، أمةُ توحيد خالص لله، واتباع مطلق للحبيب رسول الله .
هذه القضية الكبرى هي حديثُ المناسبة وكلِّ مناسبة، والتذكير بها موضوع الساعة وكلِّ ساعةٍ إلى قيام الساعة. وإن خير ما عُني به المسلمون وتحدَّث عنه المصلحون العقيدةُ الإيمانية والسنة المحمدية والسيرة النبوية. فهي للأجيال خيرُ مربٍّ ومؤدِّب، وللأمة أفضل معلم ومهذِّب، وليس هناك أمتعُ للمرء من التحدث عمن يُحبّ، فكيف والمحبوب هو حبيب رب العالمين وسيد الأولين والآخرين، فهو مِنة الله على البشرية، ورحمته على الإنسانية، ونعمته على الأمة الإسلامية
وليس هناك أحدٌ من البشر نال من الحب والتقدير ما ناله المصطفى ، فباسمه تلهج ملايين الألسنة، ولذكره تهتزّ قلوب الملايين، ولكن العبرة أن يتحول هذا الحب إلى محض اتباع دقيق لكل ما جاء به عليه الصلاة والسلام، كما قال الحق تبارك وتعالى مبيناً معيار المحبة الصادقة: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31].
ايام معدودات تفصلنا عن ذكرى ميلاده العظيمة ,الا اننا تعودنا على ان تمر بنا هذه الذكرى العطرة مر السحاب , فلا احياء لسنة الحبيب ولا اقتداء بهديه المنير !! فالبعض منا يحصل على يوم اجازة فيلهو فيه , اما البعض الآخر يستمر في انشغاله بأمور دنياه , كلنا (الا من رحم ربي) هائم على وجهه منهمك بامور الدنيا جريا وراء اهوائه وغرائزه , نائيا عما فيه صلاح دنياه وآخرته !!
نعم ، إننا بحاجة إلى تجديد المسار على ضوء السنة المطهرة، وتصحيح المواقف على ضوء السيرة العطرة، والوقوف طويلا للمحاسبة والمراجعة. نريد من مطالعة السنة والسيرة ما يزيد الإيمان، ويزكي السريرة، ويعلو بالأخلاق ويقوِّم المسيرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].
لقد جمع حبيبنا محمد نواحي العظمة الإنسانية كلها في ذاته وصفاته وجميع أحواله فهو نبي يجب ان يُطاع , ورسول يجب ان يُتَّبع .
إن من المؤسف حقاً أن البعض منا لم يقدروا رسولهم حقَّ قدره حتى وهم يتوجهون إليه بالحب والتعظيم، ذلك أنه حبٌّ سلبي لا صدى له في واقع الحياة، ولا أثر له في السلوك والامتثال.
ففي مجال توحيده لربه صدَع بالتوحيد ودعا إليه ثلاث عشرة سنة بمكة وعشرا بالمدينة، كيف لا وهو المنزَّل عليه قوله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163]. وإن أول واجب على محبيه أن يُعنَوا بأمر الدعوة إلى توحيد الله التي قامت عليها رسالته عليه الصلاة والسلام . وفي مجال عبوديته لربه قام من الليل حتى تفطرت قدماه، فيقال له: تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيقول: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؟!)) . وفي مجال الأخلاق تجده مثال الكمال في رقة القلب، وسماحة اليد، وكفِّ الأذى، وبذل الندى، وعفة النفس، واستقامة السيرة. كان عليه الصلاة والسلام دائم البشر، سهل الطبع، ليّن الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وأعظم من ذلك وأبلغ ثناءُ ربه عليه بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلىَ خُلُقٍ عَظِيم [القلم:4]، فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لانْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]،
ألا فلتعلم الإنسانية قاطبة والبشرية جمعاء هذه الصفحات الناصعة من رحمة الإسلام ورسول الإسلام والسلام عليه الصلاة والسلام، ، وليعلم من يقفُ وراء الحملات المغرضة ضد الإسلام ورسول الإسلام وأهل الإسلام ما يتمتع به الإسلام من مكارم وفضائل، ومحاسن وشمائل.
فهل ندرك اليوم الطريقةَ المثلى لإحياء سنة رسولنا إحياءً عملياً حقيقياً، لا صوريا وشكلياً يوصلنا واولادنا واسرنا ومجتمعنا الى بر الامان ؟!
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]