قضية هدم البيوت ، وسياسة التهجير الناعم ...
على خلفية هدم بيتين في بيارة " أبو سيف "
بات من الواضح للجميع ( إلا أصحاب المصالح المتقاطعة مع السلطات ) أن ملف الإخلاء وهدم البيوت إنما هو ملف سياسي بامتياز ، فإن السلطات الإسرائيلية ومنذ نكبة 1948 تتعامل مع الفلسطينيين – أصحاب البلاد الأصليين – على أنهم أعداء ، وخطر يجب التعامل معه بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لحصره ضمن الدائرة التي تراها السلطات مناسبة لخططها وبرامجها ، وكان من ضمن تلك الأساليب والسياسات ، سياسة هدم منازل الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ، ومصادرة أراضيهم ، والتضييق عليهم بكل ما يتعلق بقضية الأرض والحيز والمسكن .
وإن من الأهداف الرئيسية لهذه السياسات تغيير المعالم التاريخية ، وفرض واقع جديد على الأرض بما يؤدي إلى محو الهوية الفلسطينية والعربية ، ويرسّخ الوجود الطارئ لمن احتل الأرض وهجّر أهلها !! وهكذا هو الحال منذ عشرات السنين ، ولكن الملاحظ في العقد الأخير تكثيف الحملة الشرسة من قبل السلطات في عملية التهجير الناعم للفلسطينيين عن أرض الآباء والأجداد ، وخصوصا في المدن الساحلية : يافا واللد والرملة وحيفا وعكا ، ففي مدينة يافا وحدها هناك أربعمائة ملف تتعلق بموضوع السكن بين إخلاء وهدم !! وقبل أيام قليلة أقدمت السلطات على هدم بيتين في بيارة " أبو سيف " وذلك استمرارا لتنفيذ المخطط الذي وضعته السلطات لتهجير الفلسطينيين من مدينة يافا ، أوعلى أقل تقدير تحويلهم إلى أقلية هامشية لا صوت لها ولا تأثير .
وهنا لا بد أن نتساءل عن الحلول الحقيقية التي قدمتها السلطات للتعامل مع ملف السكن على مدار عشرات السنين ، والجواب : لا شيئ . هذا بالطبع باستثناء الوعود ، وسياسة المماطلة والتسويف ، والحقن المخدرة ، من خلال الإعلانات المختلفة لقرب طرح حلول تساعد على التعامل مع أزمة السكن المتفاقمة ، ولا يفوتنا في هذا المقام جلسات الموائد المستديرة والمستطيلة والمربعة و...و ... إلى آخر الأشكال الهندسية المعروفة ، وغير المعروفة التي قد تخترعها السلطات لتخدير الجماهير العربية !!
وهنا لا بد من تساؤل آخر : لماذا لم تحرك السلطات- كما سمعنا - ساكنا تُجاه الأبنية الغير مرخصة التي قام المستوطنون ببنائها في المدرسة الدينية ( بجانب مسجد الجبالية ) ، والتي تتبع أصلا للسلطات ؟؟ وماذا عن البناء الغير مرخص في الكنيس ( مقر إذاعة الشرق الأدنى قبل النكبة ) الذي يقع بالقرب من ما يعرف ب " شكونات العرب " من جهة شارع " ييفت " ؟؟ أم أن قوات السلطات وجرّافاتها لها حاسة شمّ (عنصرية بامتياز ) لا تتعرف إلا على بيوت العرب ومساكنهم ؟!
نقول لإخواننا في بيارة " أبو سيف " أُثبتوا على أرضكم ، وتمسّكوا بحقوقكم ، فأنتم كما عهدناكم أصحاب المواقف المشرفة ، وأهل النخوة العربية الأصيلة .
أما أنتم يا أهل مدينة يافا الصامدة فقد آن الأوان لمراجعة الأساليب التي تم انتهاجها حتى الآن في مواجهة السياسات التهجيرية الظالمة للسلطات في القضية المصيرية : قضية الأرض والمسكن . فلا بد من وضع استراتيجية جديدة تحقق أهدافنا للبقاء والعيش بكرامة وعزة ( فنحن لا نعرف للكرامة بديلا )على أرض الأباء والأجداد .
كلمات من نور ...
أضع بين يدي القارئ هذه الكلمات التي تفتق عنها ذهن العالم والمفكر الجليل علي الطنطاوي – رحمه الله – وجادت بها قريحته ، وخطّها قلمه السيّال بأسلوبه البياني الأخّاذ ، ليوضح بجمل وكلمات قلائل ما يعجز عن قوله وكتابته الكثير من الناس من خلال لربما صفحات وصفحات ، ولا عجب في ذلك فما يقوله الشيخ إنما هو حصيلة ثروة علمية ولغوية مبهرة ، وقبل ذلك وبعده نقول : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم .
1-" الحياة المادية أمر تافه يشاركنا فيه أدنى حيوان ، ولكن الحياة المعنوية ، والتطلع إلى الخلود هما ما امتاز به الإنسان " .
فما مدى نصيبنا من هذه الحياة المعنوية ؟ وهل نسعى فعلا للخلود في مقعد صدق عند مليك مقتدر ؟
2-" المُحِقُّ الضعيف مجرم ، لأنه يضيّع حقه بضعفه " .
نعم ، فكم من مُحق ضاع حقه لأنه لم يُحرك ساكنا ، ورضي لنفسه بالذل والهوان ، ولذلك فهو ملوم .
3-" الشاب/ة الدي لا يعرف في الحياة إلا الغزل ، ليس إلا جرثومة سُلٍّ في جسد الأمة ، أما الشاب/ة المتعلم القوي الإيمان الحديدي الإرادة الثابت على المبدأ ، فهو الذي يبني أمة " .
ما أكثرالصنف الأول من الشباب في زماننا ، وما أحوجنا إلى تربية ورعاية الصنف الثاني من الشباب – وهم كثر - ليبنوا للأمة غدا مشرق ، وليكونوا لبنة للبناء في مجتمعاتهم ، لا أن يكونوا معاول هدم ، وفؤس دمار .
لبيك يا أقصى ...
إن المسجد الأقصى الأسير ينادينا ، ويستصرخ فينا عزة المسلم وكرامة العربي ومروءة الفلسطيني ، فقد كثُرت المؤامرات عليه وحوله وأسفله ، في زمان نسي الكثيرون أو تناسوا واجباتهم نحو مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
وبالرغم من كل الأذى والضر ، فنحن نقول : الله أكبر رغم الضيق والضرر ، ونقول لك يا أقصانا لبيك مرة تلو أخرى ، فنحن حرّاسك الأوفياء ، وسدنتك الأمناء ، كيف لا ونحن الذين شرّفنا الله بالرباط فيك وفي أكناف بيت المقدس ،وقد بشّرنا رسول الله بجزيل الأجر للمصلين في رحابك ، والمرابطين في بيت المقدس وأكنافه . عن أبي ذرّ – رضي الله عنه – قال : " تذاكرنا – ونحن عند رسول الله – أيهما أفضل أمسجد رسول الله أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى هو ، وليوشكن لأن يكون للرجل مثل شَطَن ( لجام ) فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا " .رواه الطبراني وصححه الألباني .
الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة كما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وربعها يساوي 250 صلاة ، هي أجر وثواب الصلاة في الأقصى ، هذا في الظروف الطبيعية ، فما بالكم إخوتاه والمسجد الأقصى أسير تحت نير الاحتلال ، وتحيط به المؤامرات من كل حدب وصوب ؟ فكم يكون الأجر؟ .
للاستشارة والنصيحة يمكن التواصل على : [email protected]
رحم الله قارئا دعا لي ولوالديّ بالمغفرة
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]