تاريخ المسلمين الماضي مليء بالعبر والدروس , نقف مع حادثه فيها ابلغ العبر , حصلت مع الصحابي أسامة بن زيد الذي كان يلقب بالحِب بن الحِب , أبوه زيد بن حارثه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آثر رسول الله على أبيه وأمه وأهله , فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين جمع من أهل مكة وقال : أشهدكم أن زيدا هذا ابني يرثني وارثه , وظل اسمه زيد بن محمد حتى أبطل الإسلام عادة التبني , أسامة بن زيد أمّره النبي صلى الله عليه وسلم على سريّة لملاحقة المشركين , فلما أنجز المهمة وعاد دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأدناه النبي منه وقال حدثني , يقول أسامه فجعلت أحدثه , وذكرت له انه لما انهزم القوم أدركت منهم رجلا , ولما هويت إليه بالرمح قال لا اله إلا الله , فطعنته فقتلته , فتغير وجه رسول الله وقال : ويحك يا أسامه فكيف لك بلا اله إلا الله ويحك يا أسامه فكيف لك بلا اله إلا الله ؟ أي إذا حاججك بها يوم القيامة , فما زال يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الإسلام يومئذ من جديد , فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا اله إلا الله بعد اليوم.
هذا الرجل الذي قُتل , وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة قتله كان مشركا محاربا , وحين قال لا اله إلا الله قالها لينجو بها من القتل , ومع هذا فلأنه قالها ونطق بها لسانه صار دمه حراما , وصارت حياته آمنه في نفس اللحظة , مهما كانت طويته وسريرته ونواياه , يؤكد ذلك الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله , ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله , المراد بالناس المشركون من العرب دون أهل الكتاب لسقوط القتال عنهم ما داموا مسالمين , فإذا كان الرجل الذي قتله أسامه في موقف قتال , النبي ينكر على أسامة قتله لمجرد انه قال لا اله إلا الله , فكيف بمن هم مؤمنون حقا ومسلمون حقا يُقتلون بأيد مسلمين باسم الإسلام , كيف بمن يستحلون دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم بالتكفير, هؤلاء التكفيريون يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة , وكل من هو دونهم يعتبرونه من الفرق الضالة ومن أهل النار , لو كانوا حقا من أهل السنة والجماعة فالسنة تقول لهم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه , والسنة تقول لهم المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره , والسنة تقول لهم من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله , أمن على نفسه وحياته , لأي سُنة وجماعة ينتمي هؤلاء الذين يكفّرون المسلمين ويحلون دماءهم , لعلها سُنة مسيلمة الكذاب وجماعته.
سعيد سطل ابو سليمان
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]