اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

قريبًا نصوم ونسجد شكرًا لله - بقلم الشيخ كمال الخطيب

 
يوم الخميس 14/11/2013 احتفلنا نحن المسلمين بيوم العاشر من محرم "عاشوراء"، وهو يوم الشكر لله سبحانه. ويوم الخميس 28/11/2013 سيحتفل الأمريكيون بيوم عيد الشكر لله سبحانه. فما هي خلفية يوم شكرنا لله سبحانه؟ وما خلفية يوم شكر الأمريكيين لله سبحانه؟!
 
لنبدأ بالأمريكيين، الذين يحتفلون في كل سنة في يوم الخميس الأخير من شهر تشرين الثاني باعتباره يوم عيد الشكر، الذي اعتبره الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن عيدًا قوميًا عام 1863.وسبب ذلك أن المهاجرين الأوروبيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة في بدايات الهجرة تعرضت إحدى رحلاتهم البحرية لعاصفة هوجاء هلك فيها الكثيرون خوفًا وبردًا وغرقًا، ومن بقي منهم على قيد الحياة ونزل إلى الشواطئ الأمريكية فقد قاسوا جوعًا ومرضًا إلى أن التقوا اثنين من الهنود الحمر ساعدوهم وعلموهم فن الصيد والزراعة ما ساعدهم على البقاء على قيد الحياة، ثم التكاثر وبداية نشأة أمريكا.
 
في كل سنة، وفي هذا التاريخ، يحتفل الأمريكيون بهذا العيد القومي ويقيمون الولائم، وأشهر الولائم وأكثرها شعبية هو "الديك الرومي المحشي" وكل ذلك شكرًا لله على نعمة النجاة من الجوع والمرض.
 
وأما نحن المسلمين فإن سبب احتفالنا بيوم عاشوراء، الذي كان أمس الخميس فإنه يعود في سببه إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما هاجر من مكة إلى المدينة وجد فيها اليهود يصومون يوم العاشر من محرم، فسألهم عن سبب ذلك الصيام، فقالوا إنه اليوم الذي نجّى اللهُ فيه موسى وأهلك فرعون فنصومه شكرًا لله تعالى.
 
روى البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما هذا اليوم الذي تصومونه؟قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه.فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"نحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأمر بصيامه.
 
إنها هجرة الأوروبيين من بريطانيا وباقي أوروبا إلى أمريكا قبل إذ تكون واشنطن ولا نيويورك، وقبلها كانت هجرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمهاجرين من مكة إلى المدينة المنورة.ولكن شتان شتان بين رسالة مكة والمدينة وبين رسالة لندن وواشنطن: 
واشنطن من مكة ذَرّةٌ ولندن من طيبة كالهباء
فمن طيبة شع نور الهدىومن واشنطن شاع سفك الدماء
وقبل الهجرة إلى المدينة والهجرة إلى أمريكا كانت هجرة بني إسرائيل من مصر، حين أمر الله سبحانه موسى عليه السلام أن يخرجهمفرارًا من بطش فرعون وظلمه. إنه فرعون الطاغية المتألِّه (ما علمت لكم من إله غيري) المدعي للربوبية (أنا ربكم الأعلى) (سورة النازعات آية 24). إنه فرعون الذي وقف خطيبًا أمام جماهير المصريين يطالبهم بتفويضه لقتل موسىومن آمن معه من بني إسرائيل حفاظًا على مصلحة مصر وشعبها من خطر دعوة موسى ورسالته: (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدْعُ ربه، إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد)(سورة غافر آية 26). لقد قال فرعون هذا بعد أن خرجت جموع الرعاع والغوغاء من المصريين يحرضون فرعون على موسى ومن آمنوا معه: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك. قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون) (سورة الأعراف آية 127).
 
إنه فرعون الذي ما إن رأى جموع الشعب من الرعاع تطالبه وإذا به يأخذ التفويض لنفسه ليبدأ المهمة التي لم تكن سوى قتل وذبح الأبناء من الذكور واستحياء النساء والاعتداء على حرماتهن وأعراضهن وانتهاك شرفهن.
 
وفعل فرعون فعلته فقتل من قتل، وذبح من ذبح، وهتك عرض من هتك، واغتصب وجنوده من اغتصب، فكان الإذن والأمر من الله سبحانه لموسى أن يخرج ببني إسرائيل، فلحق بهم فرعون وجنوده وأوشكوا على الإيقاع والإمساك بهم، غير أن الله سبحانه كان لفرعون بالمرصاد، فأمر موسى أن يضرب البحر بعصاه فانفلق فكان الماء كأنه عمود الصخر، وكانت أرض البحر طريقًا يبسًا، فعبر موسى ببني إسرائيل ونجا، ولحق بهم فرعون وجنوده فأطبق عليهم البحر فغرقوا جميعًا: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) (سورة يونس آية 90)، (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) (سورة القصص آية 40).
إن يوم نجاة موسى وبني إسرائيل وغرق فرعون وجنوده كان في يوم العاشر من محرم، الذي من يومه أصبح بنو إسرائيل يصومونه شكرًا لله تعالى وحمدًا له سبحانه على هلاك فرعون ونجاة موسى.فلما وصل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة وسمع ذلك، قال: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"؛ فصامه وأمر المسلمين بصيامه.
 
تُرى أليست أوجُه الشبه كثيرة بين فرعون مصر القديم وبين فرعون مصر الجديد؛ السيسي، الذي اغتنم فرصة خروج الرعاع والجموع ومن ضللهم الإعلام المصري يوم 30/6/2013 إلى الميادين مطالبين بعزل مرسي، بل بقتله بإدعاء أنه أفسد حياة المصريين ولم يحقق لهم مطالبهم، وإذا بالسيسي يغتنم الفرصة لينقلب على محمد مرسي والشرعية ويخطفه ويعزله ثم ليطالب بعد ذلك بتفويضه بمحاربة "الإرهاب" (محاربة الإخوان المسلمين وأنصار الشرعية)، فكان ما ارتكبه من مذابح ومجازر عند الحرس الجمهوري وعند المنصة ومجزرة رابعة ومجزرة النهضة ومجزرة رمسيس وغيرها من المجازر، بما لا يختلف عماارتكبه فرعون الأول من ذبح وقتل الأبناء والشبان، لا بل إن فرعون الجديد "السيسي" اعتمد سياسة استحياء النساء وهتك الأعراض، حيث رجال شرطته ومخابراته الذين قتلوا النساء في تلك المجازر، وها هم اليوم يعتقلون الفتيات ويجرون فحوصات مشينة تحت اسم (فحص العذرية) (وفحص الحمل)، إنهم يجبرون فتيات في عمر 16 و17 سنة، وهن عذراوات ملتزمات طاهرات عفيفات، على هذه الفحوصات بما لا يقبله عقل ولا خلق ولا دين ولا مروءة.
 
إنها ذكرى عاشوراء؛ العاشر من محرم من كل عام نصوم نحن المسلمين هذا اليوم، ويستحب أن نصوم يومًا قبله مخالفة ولعدم التشبه باليهود، إننا نصوم شكرًا لله سبحانه على هلاك فرعون ونجاة موسى عليه السلام في طريق هجرته من مصر، فيوم عاشوراء هو يوم الشكر لله سبحانه.وبعد أسبوعين سيحتفل الأمريكيون بيوم الشكر لله على نجاتهم من الغرق والمرض والجوع خلال هجرتهم من أوروبا إلى أمريكا.
 
ولن يكون بعيدًا اليوم الذي فيه سنصوم ونسجد شكرًا لله سبحانه على هلاك فرعون الجديد؛ السيسي وأعوانه، لأنها سُنة الله سبحانه التي لن تتخلف عن كل طاغية وجبار عنيد.
 
نعم! سيفشل هذا الانقلاب وستدور الدائرة على السيسي ومن ناصره. وأما الأمريكيون والإسرائيليون الذين يحتفلون بالشكر لله على نجاة أجدادهم بينما هم اليوم يناصرون السيسي ويمدونه بكل أصناف الدعم وهو يقتل أبناء الشعب المصري ويستحيي نساءهم، إن هؤلاء سيكونون أول من يعض أصابع الندم يوم يرون خادمهم المطيع إما قد هلك وإما قد هرب.
 
نعم! كما صمنا بالأمس شكرًا لله على هلاك فرعون ونجاة موسى، فقريبًا بإذن الله سنصوم ونسجد شكرًا لله على هلاك السيسي ونجاة شعب مصر (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
 
وأين هي الدولة؟! 
يوم الجمعة 15/11/2013هو يوم الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان قيام الدولة الفلسطينية، والذي كان في العاصمة الجزائرية يوم 15/11/1988 والذي أعلنه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
تمر هذه الذكرى علينا اليوم فلا الدولة الفلسطينية قامت ولا الزعيم ياسر عرفات بقي حيًا، حيث تتزامن هذه الذكرى مع الكشف والإعلان عن نتائج التحقيقات الطبية التي أجرتها فرق متخصصة من روسيا وسويسرا، والتي كشفت أن عرفات قد مات مسمومًا، وحيث اتهمت السلطةُ الفلسطينيةُ المؤسسةَ الإسرائيليةَ بالوقوف وراء عملية تسميمه وقتله واغتياله في العام 2004، وردت الأخيرة بأن مقربين من الرئيس ياسر عرفات هم المتورطون في عملية قتله!! 
 
تمر ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية وتتزامن مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن الحدود الشرقية ستكون هي حدودها مع الأردن، في إشارة واضحة إلى أن الاحتلال لن يتنازل عن غور الأردن في أية مفاوضات مستقبلية.
 
تمر ذكرى الدولة الفلسطينية وتتزامن مع إعلان "نتنياهو" وشركائه في الائتلاف الحكومي أن القدس ستظل عاصمتهم الأبدية والموحدة، والتي لن تكون محل تفاوض ولن تقسم مع الفلسطينيين، وذلك ردًا على تسريبات عن مباحثات جرت بين الوفد الفلسطيني وبين "تسيبي ليفني" وزيرة القضاء ومسؤولة ملف المفاوضات حول مستقبل القدس، فكان رد "نتنياهو" سريعًا وحاسمًا أن القدس ستبقى عاصمتهم الأبدية والموحدة.
 
تمر ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية وتتزامن مع إعلان "نتنياهو" بناء خمسة آلاف وحدة سكنية في شرقي القدس وفي مستوطنات الضفة الغربية، في ردٍ واضحٍ وصريح على من يحلمون بإمكانية إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية في حدود 1967. وهذا الإعلان يأتي في ظل استمرار المفاوضات بين الطرفين.
تمر ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية وتتزامن مع مناقشة لجنة الداخلية التابعة للكنيست الصهيوني في خطة تقسيم المسجد الأقصى المبارك والسماح لليهود بالصلاة فيه، وفق قانون يشرعه الكنيست الصهيوني وتوافق عليه الحكومة الإسرائيلية.
 
ها هي خمس وعشرون سنة قد مرت منذ إعلان قيام الدولة الفلسطينية، وها هي عشرون سنة تمر منذ توقيع اتفاقية أوسلو 1993، والتي نصت على إقامة دولة فلسطينية بعد خمس سنوات من المفاوضات، لتكون النتيجة أنها سنوات عجاف فيها جرى اغتيال وتسميم صاحب إعلان قيام الدولة والموقّع على اتفاقية أوسلو، حيث لم يبق بعد ذلك سوى الوهم والسراب تلهث وتجري خلفه قيادات وزعامات فلسطينية، لكلٍّ قصته وأسرار علاقته المباشرة أو غير المباشرة مع الطرف الإسرائيلي.
 
أين هي الدولة الفلسطينية هذه التي أعلن قيامها عام 1988؟ وأين هي الدولة الفلسطينية هذه التي نصت عليها اتفاقية أوسلو؟! وأين هي الدولة الفلسطينية هذه التي نصت عليها ما تسمى المبادرة العربية التي أطلقت في قمة بيروت عام 2002؟ وأين هي الدولة الفلسطينية التي وعد بها "بوش الأب"، ثم "كلينتون"، ثم "بوش الابن"، وها هو "أوباما" يعد بها خلال تسعة أشهر وإذا بـ"نتنياهو" يشيّعها قبل مولدها؟! إنها دولة لم تقم إلا في أحلام الزعامات الفلسطينية المهزومة، ولم تقم إلا على أوراق المفاوضين الفلسطينيين المهازيل.
 
يقدر الله سبحانه ويشاء أن يكون الإعلان عن نتائج فحوصات جثمان الراحل ياسر عرفات قريبًا من ذكرى اغتياله التي كانت يوم 11/11/2004، ومن ذكرى إعلان قيام الدولة الفلسطينية، وليكون السؤال عندها وماذا بعد؟!.
 
أما "بعدُ" عندي وبالنسبة إلي فإنه اليقين والثقة بوعد الله سبحانه أن هذا العلو والاستكبار الإسرائيلي قد اقترب من نهايته، وأن هذا الصلف لن يستمر طويلًا.إنهم الذين، وبحماقة وغباء غير مسبوقيْن، يدفعون في اتجاه أن ينزل بهم قدر الله سبحانه وهم يتهددون ويتوعدون بتحويل المسجد الأقصى إلى مكان صلاة لهم تمهيدًا لهدمه ولبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.نعم!سيحيق وينزل بهم وعد الله الحق: (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) (سورة الإسراء آية 7).
 
فإذا كنا بالأمس قد صُمنا شكرًا لله تعالى وفرحًا بهلاك الفرعون الأول، فإننا قريبًا بإذن الله تعالى سنفرح وسنصوم ونسجد شكرًا لله تعالى بهلاك فراعنة مصر الجدد وأسيادهم فراعنة بني إسرائيل من كانوا في الماضي عبيد فراعنة مصر، ولن تكون صلاة الشكر وسجودها إلا في المسجد الأقصى المبارك بإذن الله: (ويومئذ يفرحُ المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
 
رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالديّ بالمغفرة
(والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون)

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
بارك الله فيك
يافا - 18/11/2013
رد
2
بارك الله فيك واطال بعمرك يا شيخ وان شاء الله فرج الله قريب
ياسمين - 16/11/2013
رد

تعليقات Facebook