اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "الرابع من حزيران" بقلم: عبد القادر سطل

 
جيل كامل عاش ومات بعد الرابع من حزيران. أطفال ولدوا وماتوا وهم يعيشون خلف الحواجز وخلف القضبان . أمام بنادق موجهة إلى رؤوسهم. يعيشون. تخترق جماجمهم بسلاح حي وآخر مطاطي. سبع وأربعون عاما من الاحتلال. والكرامة  وأكتوبر 73 وانتفاضتان وكامب ديفيد وسيناء وأسلو. وأقصى سجين وحواجز وشهداء وجرحى وأسرى وأمعاء خاوية ومي وملح. ومخيمات وفتح وحماس وجهاد ومزيد من الانقسام. وحرب لبنان الأولى والثانية وصبرا وشتيلا وقانا. وعراق يتحطم ورؤساء تشنق وربيع عربي وليبيا تعود للخلف وسوريا تنزف ومصر تبحث عن غدها. مشرق عربي ومغرب. وفلسطين هنا وشعب هناك. المؤقت مستدام والأسير حر والحر سجين. ماض ينزف وحاضر يتألم ومستقبل غامض. جيل يعيش بين الأسود والرمادي. سبع وأربعون عاما نكرّس فيه الاحتلال ويتحوّل السجن إلى الحيّز العام ومن خارجه يعيش داخل حلقة مغلقة. ولغة جديدة  ومحسوم قلنديا وحوارا وتركوميا. نحن هنا وهم هناك. والحاسوب يرفض الأسماء ويعلّمها بالأحمر لا يوجد بقاموسنا من هذه الاسماء ولكننا أدخلناها لا محالة. احتلال قديم ولغة جديدة. جيل تربى على العنف والقتل والعمالة. جيل لم يرى البحر إلا على شاشات التلفاز أو في الحاسوب. وشرق أوسط جديد وآخر قديم . كمً هائل من المفردات يصعب على الفرد استيعابها. شعوب عاشت مئات السنين لم تشهد ما شهده طفل ولد عام 1967. اطلقنا عليهم أسماء عده أشهرها أطفال الحجارة. هل نذكر ! أطفال المخيم هل نشعر ! أشبال فتح براعم حماس. تعددت الاسماء والموت واحد. وثوابت وطنية مبعثرة.
 
لم أبلغ السابعة من عمري عندما تحوّل الاقصى إلى جزء من أرض محتلة. كانت أمي تطلب منا أن نختبئ تحت الأسرة الحديديه كلما مرّ الجنود من حارتنا ودقوا على النوافذ بأسلحتهم "إطفؤوا الضو" كان أحمد سعيد المذيع المصرى يعلن خبراً ما والواقع منه ببعيد . خلال ستة ساعات تحوّل الجزء الاكبر من أبناء شعبنا تحت الاحتلال. ست وستون عاما من النكبة وسبع وأربعين عاما من النكسة ومستوطنات تنخر في عظم الأمة وأقصى محاصر وأمة عربية وإسلامية شاخصة أبصارها. أمة تدّعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتها وهي منه ومن تعليمه ببعيد. قلنا عبد الناصر قالوا شيوعي كافر . قلنا السيّد حسن قالوا شيعي . وأهل السنة في واشنطن يتباحثون ويخططون. 
 
لسنا بحاجة إلى نفق لتهريب البضائع والسيارات. نحن بحاجة إلى نفق نهرب فيه من أفكارنا المتحجرة. نحن بحاجة الى سفينة يقودنا قبطانها إلى بر الامان. أن يكون لنا أجندة ولو للأمد القصير. أن تكون لنا رؤية واضحة نشير إليها بالبنان. أريد أن أقول لولدي أنظر إلى هناك لترى بصيص أمل. اختلطت الاوراق بين دولتين لشعبين أو شعبين في دوله أو لا شعب ولا دوله. أريد العودة للبروة وهو يريد زيارة صفد. أريد بيتي في أبو كبير وبيت جدي في جريشة . أريد أن أعيش وأن أتعلّم وأن أبكى وأن أضحك على تراب وطني دون أن أشهر هوية زرقاء أو خضراء. أن أزور سما نابلس على الطريق السريع . أريد أن أطوي صفحة الاحتلال وأن أمحو من قاموسي مفرداته. أريد أن أضع قدمي في وادي البيدان وأقول هنا كان المخيّم. وأني , باق في يافا.  
 
عبد القادر سطل في حزيران 2014-06-06

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook