اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال: "ثقافة القتل" بقلم: الشيخ سعيد سطل "أبو سليمان"

http://www.yaffa48.com/site/online/2011/03/24/suliman.JPG

 

الفلتان في الشارع العربي, وازدياد أحداث القتل في الوسط العربي بحيث لا يمر أسبوع إلا وتطالعنا الأخبار بوقوع حادثة قتل في بلدة كذا أو قرية كذا, ما هي الأسباب والبواعث لارتكاب أبشع الجرائم على الإطلاق, واتساع رقعتها بحيث لا تخلو قرية عربية, ولا مدينة مختلطة من وقوع جريمة قتل فيها, دون رادع ولا خشيه من سماء, ولا من أرض, القلوب مقفلة دون الرحمة, والآذان صماء عن سماع الأصوات التي تنادي بوقف نزيف الدماء من على المنابر في خطب الجمعة, وعبر وسائل الإعلام, وصماء عن سماع مرارة بكاء الأمهات, والزوجات, والاخوه والأخوات, والأهل والأصدقاء.

ما قصة هذا العدوان الصارخ على النفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق, القرآن الكريم حكى لنا قصة أول جريمة قتل وقعت في التاريخ البشري بين ابني ادم, القصة تضعنا أمام صنفين من الناس لا ثالث لهما, صنف طيب خيّر متسامح, وصنف شرير خبيث النفس, يقول الله عز وجل: "واتل عليهم نبأ ابني ادم بالحق إذ قربا قربانا فتُقُبل من احدهما ولم يُتقبل من الآخر قال لاقتلنك, قال إنما يتقبل الله من المتقين" إن لفظ لأقتلنك في الايه ينبئ عن الإصرار على ارتكاب الجريمة النكراء, ما هو الباعث, ما هو الدافع للعدوان الصارخ, لا يوجد ما يبعث على ارتكاب هذه الجريمة سوى النفس الشريرة الأمارة بالسوء.

فالأخوان كانا في موقف طاعة بين يدي الله, موقف تقديم قربان, وفي مثل هذا الموقف تكون النفس في صفاء روحي, والخواطر العدوانية في مثل هذا الموقف ابعد ما تكون عن النفس, لا ترد عليها إلا الخواطر الرحمانيو, كان رد الأخ الطيّب باللين والأسلوب الحسن عملاً بتعاليم الله الذي يقول: "ادفع بالتي هي أحسن, كان الرد إنما يتقبل الله من المتقين", يوجه أخاه إلى تقوى الله ليراجع نفسه, ويعدل عن قراره, ويمضي الأخ الطيّب التقي بالأسلوب الرقيق اللّين ليطفئ نار الشر الملتهبة في نفس أخيه قائلا: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك", لماذا هل هو جُبن, أم عجز؟ انه ليس جُبنا ولا عجزاً, إنما هو الخوف من الله, إني أخاف الله رب العالمين.

لقد كان في هذا القول الليّن ما يطفئ نار الشر , ويسكن هيجان النفس الأمارة بالسوء, ويرد الأخ إلى رشده وصوابه, والى حنان الإخوة, ولكن النفس الشريرة العدوانية لا ينفع معها اللّين, ولا الوعظ ولا النصائح, لا ينفع معها ترغيب ولا ترهيب, لا يردعها إلا مخافة الله عز وجل. إني أخاف الله رب العالمين. فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله, فأصبح من الخاسرين. طوّعت أي سهّلت.

اليوم الدول التي تنادي بحقوق الإنسان, وتنادي بالحريات, وتتصدر الحضارة والتقدم بين الدول, هي التي تروّج ثقافة القتل العمد في العالم, إن الاغتيالات التي نفذتها القوات الخاصة الامريكيه والاسرائيلية في مختلف بقاع الأرض ضد الأحرار والشرفاء من القادة, والرؤساء والعلماء (علماء الذرة) العرب والمسلمين لا عد لها, بالرغم من توفّر إمكانية القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة, واغتيال زعيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن الأسبوع الماضي داخل الأراضي الباكستانية على  أيدي القوات الخاصة الأمريكية, وخروج الرئيس الأمريكي بعد ساعات من اغتياله على شاشات التلفزيون, ليعلن للأمريكيين وللعالم بشرى جريمة اغتيال أسامه بن لادن, زعيم أقوى دولة في العالم يشعر بالزهو والانتفاش وهو يعلن خبر ارتكاب جريمة اغتيال على أيدي قواته الخاصة, وينسب عملية الاغتيال إلى الشعب الأمريكي قائلاً: اليوم قتلت أمريكا أسامة بن لادن, انه يفاخر أن الشعب الأمريكي له شرف المشاركة في ارتكاب أبشع جريمة قتل.

هذا دليل على سلوك نظام يعشق سفك الماء,  ودليل على انحطاط هذه الحضارة, وهذه المدنية التي يفاخرون بها, ودليل على ترويجهم لثقافة القتل بين أبناء شعبهم أولا, وبين شعوب الأرض قاطبة والذين يعشقون سفك دماء إخوانهم, ويمارسون جرائم القتل العمد في القرى والمدن العربية ضد إخوانهم وأبناء وطنهم, هؤلاء هم نتاج هذه الثقافة ثقافة القتل, هذه الثقافة  تؤدي إلى الدمار, دمار الأخلاق ومن ثمّ دمار المجتمع, واخطر من ذلك تؤدي إلى هدم الإيمان, والى غضب الله ولعنته, والى الخلود في النار, عودوا إلى ثقافتكم أيها الشباب, ثقافة العفو والتسامح, ثقافة النخوة والمروءة, هذه هي الرجولة والبطولة ألحقه, والثقافة التي نفاخر بها, وما دون ذلك فهو البلطجة والزعرنة.

والله غالب على أمره, 9/5/2011                    

سعيد سليمان سطل أبو سليمان

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
بارك الله فيك بارك الله فيك.. وأتمنى ان تصل الرسالة الى قلوب وعقول الجميع. فما أحوج مجتمعنا الى ثقافة العفو ةالتسامح والنخوة والمروءة!!! وما احوجنا الى رجال يعرفون معنى الرجولة الحقيقي, فقل ما نجدهم!
s.s - 12/05/2011
رد
2
... جدي الغالي سلمت يمينك على هذا المقال الرائع..لقد ان الاوان للتغير.. علينا ان نربي اولادنا التربية الاسلامية ليصبحوا ممن يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
M.n - 10/05/2011
رد

تعليقات Facebook