اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

"كل شيء تمام يا ست تمام .." بقلم: عبد القادر سطل

 
علمتنا الحياة أن المدرسة ليست بالتحديد ذلك الصرح التعليمي الذي نذهب إليه يومياً حاملين على ظهورنا الحقيبة المدرسية , صفوف وهيئة تدريسية ووظائف وامتحانات وما إلى ذلك. قد تكون هناك مدارس من نوع آخر لا تتعدى كونها إنساناً تجلس معه لفترة من الزمن فتحقن من العلم والمعرفة ما لا تقدمه المدارس والجامعات. 
 
عدنا قبل أسبوعين من زيارة خاصة لعمان شارك خلالها أعضاء ادارة الرابطة بإحياء ذكرى النكبة مع الجالية اليافاوية في عمان وقد سبق أن نشرنا خبراً مفصّلاً عن الزيارة. خلال وجودنا في عمان طلبنا من الأخ خميس حداد أن يفحص إمكانية زيارة السيدة الفاضلة والفنانة التشكيلية المميزة والعملاقة تمام الأكحل. حالفنا الحظ بأن تمت الزيارة قبل يومٍ من سفرها إلى ألمانيا لزيارة أولادها وأحفادها هناك. وما أن جلسنا في صالون البيت وهو عبارة عن معرض دائم لرسوماتها ورسومات زوجها المرحوم ابن اللد وفلسطين اسماعيل شموط رحمه الله. عندما تنظر إلى جدران المنزل ترى أمامك مشهداً كاملاً ووافيا لتاريخ فلسطين على مرّ ستة عقود من الزمن. رسومات تعجز الكلمات عن وصفها . شدتني بشكل خاص صورة الطفل الفلسطيني الذي يحمل على أكتافه والده الشهيد عارياً وأخرى لمعركة ديوك تعبّر عن الخلاف بين أبناء الشعب الواحد. 
 
سألت بلهجتها اليافوية : شو تشربوا؟ 
فردّ أبو ناجي : بدنا جلاب .
وما هو الجلاب سألنا؟ 
قالت هو عصير لبناني مركّز يقدم في شهر رمضان ومصنوع من التمر والزبيب, ما بفتح القنينة عشان كاس واحد. فأجمع الجميع " الهوا جلاب" .. بصراحة كان له طعم حلو المذاق ويروي العطشان. 
 
في القسم الأول من الزيارة كان الدرس الأول, فلسطين قصة شعب من الألف إلى الياء. وهذا سيكون عملا جديداً يضاف إلى كم هائل من الرسومات التي تحكي قصة شعبنا الفلسطيني عامة ويافا خاصةً. عرفنا من خلال حديثها أنها بصدد اصدار كتاب يحكي قصة فلسطين من خلال تجربتها الشخصية برفقة زوجها المرحوم اسماعيل شموط. وما أن انتهينا من الدرس الأول حتى اصطحبتنا الى غرفة العمل لتعرض أمامنا آخر أعمالها الفنية ونحن نقف عاجزين عن التعبير عن دهشتنا وسعادتنا بالوقوف أمام هذه السيدة الفاضلة الرائدة والتي تعتبر واحدة من أشهر عشرة رسامين تشكيليين في العالم. واستوقفتني لوحة رسمتها مؤخراً بعد رسالة وصلتها من معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال . في الزاوية السفلى من اللوحة كتب ما يلي :
"يمّا يا بلال الدالية اللي زرعتها وجرفوها بالجرّافات
 
رجعت طلعت وكبرت وعرّشت وهيها مستنياك يمّا" 
نعم, فالسيّدة تمام الأكحل الفنانة التشكيلية تعيش معاناة شعبنا الفلسطيني بكل تفاصيلها وتترجم مشاعرها وتعاطفها مع القضية من خلال اللوحات  الزيتية التي تحوّلت إلى لغة الخطاب بين الفنانة والعالم. فإن لم تكف الخطابات فها هي الرسومات تعبر عن المعاناة بلغة قد يفهمها الجميع. وراحت تعرض أمامنا اللوحة تلو الأخرى وكل لوحة تعتبر قصة كاملة لشعب يحب الحياة, شعب مصرّ على البقاء, شعب يستحق الحياة على أرض فلسطين الغالية. ولفت نظري التفاؤل المنبعث من اللوحات, كل اللوحات تجد فيها بصيص أمل , تفاؤل وحب.  
 
وافترقنا على أمل اللقاء ثانيةً نعود للقاء مع هذا الصرح ألتعليمي فإن كنا نجهل الابجدية ستجد لغة الفن وسيلة لتمرير الرسالة. كنا مع يافا من خلال رسوماتها وعدنا إلى أجمل لوحة رسمت في تاريخ العالم . عدنا إلى يافا الأصالة والحب والعشق عدنا إلى الجنة لنأكل مزيداً من البرتقال من بياراتها . 
 
عبد القادر سطل 
 














بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
شريفه. بخاري يافا
شريفه بخاري. معلومات قيمه الله. يبارك. فيك انشا. الله. تعود فلسطين لاهلهاامين يا رب العالمين. - 07/06/2015
رد

تعليقات Facebook