اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

لن أحزن على إليزابيث .. بقلم: الشيخ كمال خطيب

 
 
لن يشغلني كثرة اللاطمين وذارفي الدموع وكاتبي الرثاء ومنمقي المنشورات والتعزيات التي ازدحمت بها وسائل التواصل ونشرات التلفزيون والبيانات الرسمية وتنكيس الأعلام من أصحاب الجلالة والفخامة على موت الملكة إليزابيث، ملكة بريطانيا، فليذكرها كلٌ بما يشاء.
 
أما أنا، فلن أذكر إليزابيث إلا بكون أجدادها من العائلة المالكة كانوا جزءًا رئيسيًا من اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم الولايات الإسلامية التي كانت تحت حكم الخلافة العثمانية، وكان ذلك يوم ١٦.٥.١٩١٦ وبذلك فقد أصبحت فلسطين ومصر والعراق وشرقيّ الأردن وبعض إمارات الخليج مستعمرات بريطانية.
 
ولن أذكر إليزابيث إلا بكون جدّها هينري الخامس هو من وافق على وعد بلفور الذي أصدره وزير خارجيتهم يوم ٢.١١.١٩١٧، به أعطوا اليهود وعدًا وحقًا مزعومًا لإقامة دولة لهم على أرض فلسطين.
 
ولن أذكر من إليزابيث إلا ظلم جيشها لشعبنا الفلسطيني وقهره والبطش به وهو يسعى للإستقلال والخلاص من الاستعمار، حيث كان جنود التاج البريطاني، يجبروا وتحت تهديد السلاح، أجدادنا وجداتنا على السير حُفاة على ألواح الصبر، فينغرس شوكه في أقدامهم ثم تتهاوى أجسادهم على شوك ألواح الصبر. 
 
ولن أذكر من إليزابيث سوى أن جيش التاج البريطاني هو من قضى على ثورة شعبنا الفلسطيني عام ١٩٣٦ وهم من قتلوا الشهيد عز الدين القسام، وقبل ذلك هم من أعدموا شهداء ثورة البراق، عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم.
 
ولن أذكر من إليزابيث إلا أن والدها وحكومته هم من ساندوا وموّلوا وسلّحوا العصابات الصهيونية عام ١٩٤٨ وسلموهم فلسطين على طبق من ورد، حيث بريطانيا إياها كانت سببًا في نكبة شعبنا وتشريد أهلنا. 
 
ولن أذكر من إليزابيث إلا أنها ملكة بريطانيا التي خططت مخابراتها خلال حُكم والدها ونسّقت مع عميلها في مصر الملك فاروق لاغتيال الإمام الشهيد حسن البنا يوم ١٢.٢.١٩٤٩ في محاولة للقضاء على الصحوة الإسلامية التي أزعجت المشروع الصهيوني والغرب كله يومها وما زالت.
 
ولن أذكر من إليزابيث إلا أنها كانت ملكة بريطانيا التي شارك جيشها في حرب احتلال العراق الشقيق في العام ٢٠٠٣، وأن رئيس وزراء إليزابيث يومها "طوني بلير" كان أشدّ المتحمسين لتلك الحرب، وكذلك كان دوره في الحرب على المسلمين في افغانستان واحتلالها في العام ٢٠٠١.
 
تطول القائمة لتعداد مساوء وموبقات ومظالم بريطانيا التي كانت إليزابيث ملكة عليها طوال ٧٠ سنة، وهي من كانت توقّع على تلك الموبقات.
 
وإذا كان البعض يعجبه من إليزابيث طول مدة ملكها، أو يبهره منها أناقتها وحسن اختيار ثيابها، وإذا كان البعض من أصحاب شعار "لا شماتة في الموت" قد حزنوا على إليزابيث، فإنني لا أجد ما يجعلني أحزن عليها وإنما سأظل أذكر ولا أنسى ما حييت مساوئها وظلم حكوماتها على شعبنا وعلى المسلمين.
 
ومع ذلك تظل إليزابيث الملكة التي خدمت شعبها وقدمت له واحترمته، ولذلك فإن شعبها قابلها حبًا بحبّ، واحترامًا باحترام، ومن حقه أن يحزن عليها. أما أنتم يا أصحاب الجلالة والفخامة العرب، وأنتم حتمًا ستموتون مثل إليزابيث ولكنني أجزم أنه لن يكون عند شعوبكم ما يجعلها تبكيكم، وإنما ستفرح الشعوب برحيلكم أو ترحيلكم.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
والله صادق بكل كلمه ذكرتها...!!
يسرى - 12/09/2022
رد
2
والله عجزت عن التعليق كلام صحيح ومن الاخر صح لسانك وكثر امثالك والله ايمدك بالصحة والعافية شاطرين نحزن عالغرب نحزن عالحالنا وضعنا وضع اولادنا وبناتنا فسدو بسبب هولاء الغرب ......
لداوية - 11/09/2022
رد
3
بوركت يا شيخنا الحبيب
يافا - 11/09/2022
رد
4
هادا كلام معقول وموزون
يافاوي - 11/09/2022
رد

تعليقات Facebook