اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

"مُجنَّدَتي "سُدى"" - بقلم الإعلامي: أديب خوري مخول

شقراء ،شماء،هيفاء صعدت إلى القافلة والروائح الباريسية تفوح من كل حدب وصوب . تجلس بجانبي وأكاد اختنق من شدة تلك الروائح ولكن ...أين الفرار؟ فالقافلة مكتظة بالركاب وأنا بعد يوم متعب أريد الاستراحة حتى على كرسي بعيد من أن يكون مريحا كي اصل إلى المكان الذي أود الوصول إليه. ليس باليد حيلة فاضطررت الجلوس واضطررت ان احتمل واستنشق  الروائح تارة واتالم من أمعائي الغليظة التي كادت تتفجر من رائحة الخيانة الكريهة التي فاحت من هذه المجندة.

فانا من أنصار ركوب الحفلات لأنني أحب الالتقاء بأناس من كل ألوان الطيف إضافة إلى أنني لا أحب السياقة ولا القيادة خاصة عندما نرى أن القيادة، بجزئها الكبير، فقدت الريادة وطهارة القيادة اذ أصبح دينها دينارها وأضحت تجهل أن دينارها أصبح عارها وخاصة في مدينتنا الحبيبة يافا.

ففي الطريق إلى المكان الذي أردت الوصول إليه، جلست هذه المجندة الإسرائيلية وما أن جلست بجانبي وإذ بالمكالمات الهاتفية تنهال عليها كوابل المطر وتجيب...وما أن بدأت بالإجابة ظننت لأول وهلة أنني أعيش في وهم لا بل حلم من شدة التعب.

سالت نفسي هل حقا تتكلم العربية؟وهل أصلا هي عربية؟ فلكنتها كانت مركبة من مزيج لكنات فلم اصدق نفسي...هل حقا هناك مجندة عربية في جيش الاحتلال الإسرائيلي؟

التقطت أنفاسي.. بعد أن انحبست لبرهة..ركزت وسلطت آذاني وإذ بها تتكلم العربية مع زوجها وشقيقها بدون أي خجل. في الحقيقة انتابتني الدهشة من حقيقة مرة بان الخيانة لم تعد ذكرية بل نسائية ووقحة لا تعرف الحدود. وبعد محادثاتها بالعربية، باشرت بالتكلم مع قائدها بعبرية إسرائيلية لا تخجل أي إسرائيلية من تل أبيب اذ بها "تشكو" على مسامع قائدها من المعاملة السيئة التي تنالها وتساله بنبرة بكائية وبدموع التماسيح: لماذا يعاملون المجندة "سدى"(الاسم مستعار ) وهل لأنها عربية. فهذه المجندة لم تكن مجندة عادية تكاد لا تجد القوت لتعيش منه ، لكون المعاش الذي يحول إلى المجندات زهيد، بل ازدانت أياديها بأغلى الأساور الذهبية والحلي إضافة إلى الخواتم الثمينة التي لم تبق إصبعا واحد عاريا من الخاتم. فسالت نفسي هل أصبح جيش الاحتلال برجوازيا؟  فهي تواصل التكلم وتوجيه حديثها إلى السائق الذي يمازحها ولكن ملامح وجهه تبدو غير هادئة لان حتى المارقات الخائنات اللواتي يخدمن شعبه مشكوك بأمرهن حتى لو لبسوا خارطة "ارض إسرائيل"  على رقابهن ووضعن صورة هرتسل على أسطح بيوتهن. وعندما وصلت ونزلت "سدى" إلى إحدى القواعد العسكرية(الاسم محفوظ) لتقدم درسا لطلابها، ولكونها مجندة معلمة، توجه إلي السائق وقال لي: هل تصدق أنها مجندة أم أنها "مخربة" تريد تفجير نفسها؟ أجبته انه يبدو أنها مجندة تتكلم العربية بلكنة عربية واسمها "سدى".

فهل تشكك أيها السائق حتى بإذنابكم؟ فقال لي إن من يخون شعبه قد يخوننا ولهذا أود الاتصال بوزارة الأمن للتأكد من هويتها. فقام السائق بالاتصال بوزارة الأمن طالبا بالتحدث مع احد المسئولين الذي لم يداوم  حينذاك. وإذ بالسائق يعرب عن قلقه أمامي ويسألني بين الجملة والاخرى:أين خدمت يا أخ؟ قلت له بما أنني لا أجيد تقشير البطاطا، فقرر الجيش اعفاني من الخدمة. وأردف: وما العيب بان تكون قشاشا؟ أجبته أنني "اطمح" أن أكون في اعلي درجة في الجيش بدون مرور هذه المراحل. فنظر إلي مستغربا وسائلا: من أين أنت وما هي مؤهلاتك؟ أجبته أنا عربي من يافا،لا أجيد تقشير البطاطا واكره كل من امر بقتل لحوم البشر. فاحمر وجهه وبدا الغليان على وجهه وقال لي قبل نزولي من القافلة: نهارك سعيد...أجبته حلمك بعيد  أيها السائق.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
الى اين لا نعرف مادا بانتظارنا
يافاوية - 09/01/2011
رد
2
لعنة الله عليها الله يلعنها ويسود وجهها دنيا وآخرة
أمير - 09/01/2011
رد
3
رائع ما كتت انتظر مقالاتك بفارغ الصبر أيها الأديب .. انت فعلا اديب
رامز - 09/01/2011
رد
4
سود الله وجهها سود الله وجه سدى - اللهم اني اسالك أن تسد فم سدى وان تسد سدها
سائد - 09/01/2011
رد

تعليقات Facebook