اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال: أعيت الحماقة من يداويها؟!.. بقلم - سماح خالد الريفي

قد يجول في عقل الإنسان ويصول سؤال : كيف يتعامل الإنسان مع الحمقى من النساء والرجال ؟ أبالكلام الجميل والعقلانية ؟ أم بالعصا والسخرية ؟ أم بالتجاهل والعفوية ؟والذي يُشكل في هذا المقام أن الحمقى لا يعرفون أنهم كذلك ، وإن عرفوا لم يعترفوا .                   
فالتَّعامل مع النَّاس على مختلف طبقاتهم أمر لا مفرَّ منه لأي إنسان أيا كان ، فلا بد له أن يعيش في مجتمع فيه العاقل والجاهل ، والرشيد والسفيه ، والذكي والبليد ، والشريف والدني ، ولو عامل كل على نهجه فلن يذوق طعم الراحة في حياته ، بل سيكون متقلِّب الأطوار ، تارة عاقلا وأخرى جاهلا..

والحمقى لهم سيمات يُعرَفون بها : ففي علوم الدين يظن الأحمق نفسه إمام الأئمة وعبقري العباقرة ، فهو وحيد عصره ، ومثل نفسه لم ترى عينه ، يحلل ويحرم وعندما يُسأل عن مصدر تحليله وتحريمه يقول : سمعت فلان أو فلان وقد يكون شيخ في بعض الأحيان ولا والله لا يدري هل الذي يتبعه وينقل فتواه من أهل العلم أم لا وإن كان كذلك فهل هو من أهل الفتوى أم لا بل هل هو من أهل السنة والجماعة أم لا المهم في المسألة أن الجواب حـــــــــــــلال .

وكم من الناس يتبعون أهوائهم ويتعبدون بما لم ينزل الله به من سلطان ، ويضيعون كثيرا من الفروض من أجل النوافل ، ولو كانت لهم شعلة من العلم لاهتدوا واتبعوا السبيل الصحيح .
ومن الحمقى مَن إذا عُرِضَت أمامه حالة مرضية أصبح على الفور طبيبا وفي معظم الأحيان طبيبة محنكة فلا تصنعي كذا واصنعي كذا ... وأهم ما في الأمر : اسأل المجرب ولا تسأل الطبيب ، وإن خالف قوله قول الطب فالطب طبعا هو الذي ليس على صواب وليس وصفة الجدة والتجربة الخاطئة. وإن كان نزاع بين المرء وزوجه فيصبح الأحمق قاضي القضاة فهذا صحيح وهذا خطأ ويجب كذا وممنوع كذا وعلى هذا المنوال في جميع التخصصات والأحوال .

وقد يتبادر للذهن أن الحل هو سياسة التجاهل وتعزم النفس على الصبر والأناة ، ولكن في بعض الأحيان يزيد الأحمق من حماقته وكلما قمت بتجاهله ازدادت حماقته فتضيق النفس وينغلق الصدر وتحاول الاستمرار بالتجاهل والاستغفار ولكن لا فائدة من التصحيح والتهميش .

وأخيرا وجدت الجواب مسطور في كتاب للإمام العلامة ابن الجوزي تحت عنوان : ما أقل الناس وفيه : " من عرف الشرع كما ينبغي وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم وأحوال الصحابة وأكابر العلماء علم أن أكثر الناس على غير الجادة.

وإنما يمشون مع العادة، يتزاورون فيغتاب بعضهم بعضاً ، ويطلب كل واحد منهم عورة أخيه ، ويحسده إن كانت نعمة ، ويشمت به إن كانت مصيبة ، ويتكبر عليه إن نصح له ، ويخادعه لتحصيل شيء من الدنيا، ويأخذ عليه العثرات إن أمكن .

هذا كله يجري بين المنتمين إلى الزهد لا الرعاع ، فالأولى بمن عرف الله سبحانه، وعرف الشرع، وسير السلف الصالحين الانقطاع عن الكل . فإن اضطر إلى لقاء منتسب إلى العلم والخير تلقاه وقد لبس درع الحذر، ولم يطل معه الكلام ، ثم عجل الهرب منه إلى مخالطة الكتب التي تحوي تفسيراً لنطاق الكمال" .                                                                                                      
والحمد لله حق حمده .

 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook