اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "عثرات في رحاب الإيمان في السعودية" بقلم – محمد أبو شريقي


بدأت رحلتنا الإيمانية برًا يوم السادس عشر من الشهر الفضيل  20128 ، انطلاقًا من ساحة المسجد الكبير في مدينة اللد إلى رحاب المسجد النبوي في المدينة المنوّرة ، كان عدد المعتمرين 36 معتمرا متجهين إلى أريحا (اللنبي)، عند وصولنا المعبر الإسرائيلي تمت الإجراءات دون أي تأخير ودخلنا الحدود الأردنية، وكان بانتظارنا الباص الأردني التابع لشركة جيتا، قام إداري الباص بتسليم الجوازات الإسرائيلية للطرف الأردني، إنتظرنا أربعين دقيقة وتم تسليمنا الجوازات الأردنية.

بدأنا بالتحرك الساعة التاسعة صباحًا من يوم الخميس متجهين الى المدينة المنورة، حتى نهاية الحدود الأردنية في منطقة المدورة واسترحنا فيها لتناول الإفطار وصلاة المغرب مع العشاء قصرا، وبعد الإفطار قمنا بتعبئة نموذج بأسماء المعتمرين للطرف السعودي في المنطقة المحاذية للطرف الأردني، تسمى حالة عمّار السعودية، وتم فحص الباص  بالجهاز كهربائي، وهنا أشير بالمعاملة السعودية والتي كانت على ما يرام ودون تأخير، وتم تزويدنا من قبل رجال الحدود بمياه الشرب والمشروبات الباردة، وهنا انضم لرفقتنا مرشد أردني والذي كان بمثابة مسافر لا غير، حيث لم نستفد منه شيء (على الرغم من تكريمنا له ماديا) وكانت هذه العثرة الأولى.

توجهنا للمدينة المنورة وكان الباص مزودا بالمكيف وسائقة كان يقظا ولم ينم طيلة الليلة وكنّا نسامره ونزوّده بالقهوة حتى وصلنا باليوم الثاني – يوم الجمعة 20128- إلى المدينة المنورة الساعة العاشرة صباحا، ونزلنا بفندق باسم الرواسي الفضي والذي يبعد عن الحرم النبوي حوالي 500 م.

كان الفندق بحالة جيدة ومزوّدا بالمكيفات وهنالك غرفة استقبال. ووزعت الغرف حسب رغبة المعتمرين، كم كنا متشوقين لدخول الحرم النبوي والصلاة في روضة الرسول عليه الصلاة والسلام، وزيارة قبر عمر بن الخطاب وأبي بكرَ الصديق عليهما السلام.

صلينا وبحمد الله يوم الجمعة في الحرم النبوي وكذلك أفطرنا هناك. كم كانت دهشتنا كبيرة من المعاملة التي عاملونا إياها أهل المدينة كبارا وصغارًا، وكذلك القائمين على الحرم النبوي، والتي تعجز عن وصفها الكلمات نظافة، وإفطار يومي لجميع الصائمين الذي وصل عددهم إلى المليون معتمر. فجزاهم الله عنا وعن المسلمين كل خير.

مكثنا في المدينة خمسة أيام مرّت وكأنها ساعةً واحدة، في اليوم السادس تركنا المدينة المنورة متّجهين لمكة المكرمة، واشترينا ملابس الإحرام وأحرمنا "ببيار علي" حيث صلينا ركعتين في المسجد ونوينا العمرة.

وصلنا مكة المكرمة الساعة الثانية ليلاً لفنادق تدعى باسم " أبراج الجعفرية "  وهي عبارة عن أبراج يتألف كل برج منها على ثمانية طوابق، وتبعد عن الحرم 1500 م، وعند هذه الأبراج كانت أربعة حافلات ركاب من عرب 48 ينتظرون خارجها محتجين على رداءة الفنادق، فطلبوا منا الانضمام إليهم فقمت بشخصي بتفقد الفندق وفحص الغرف عن  قرب ومدى صلاحيتها فاتضح إلي أنه:

الأبراج كانت مهجورة وتفوح منها روائح، وتبين فيما بعد أنها بعد أن هُجرت تم فتحها فقط لفترة العمرة في رمضان، وموسم الحج.
في داخل الغرف مكيفات وبعضها مزود باثنين إلا أنه غير صالح للإستعمال فيُخرج هواءًا ساخنا فقط.
دورات المياه معطلة وغير صالحة للإستعمال.
المواصلات من الأبراج للحرم المكي تسير دون انتظام وخاصة عند العودة للفندق، وأخص بالذكر إضراب سائقي الحافلات على مدى يومين متتاليين لعدم استلام الرواتب.
جميع المعتمرين عانوا التعب والشقاء، ناهيك عن المسنين من النساء والرجال، فكان هناك استغلال للسيارات الخصوصية، حيث تبلغ تكلفة الوصول بالسيارة الخصوصية من الحرم المكي للفندق والذي يبعد حوالي 1500م مبلغ 120 ريال.
لا يوجد أي مندوب للتوجه له أو للشرح له على الوضع المأساوي الذي عانينا منه، ناهيك عن تلويث البيئة هناك.
من هنا أتساءل، ألا توجد لجنة أو مندوب لمعاينة وفحص السكن والبعد عن الحرم قبل وصول المعتمرين ؟! علمًا بأني سألت عن وجود مندوب، فادّعوا أن هناك مندوب أردني إلا أنني لم أجد له الأثر.
عمليا كان المحتجين على الوضع قد توجهوا الى الأوقاف السعودية مطالبين بتغيير الفندق وكان رد الأوقاف السعودية بأن هذه الفنادق التي حجزت لكم وباستطاعتكم مراجعة لجنة الحج والعمرة في بلادكم . فرجعوا خائبي الرجاء الى الباصات، منهم من بات في الباص يومين ومنهم من قام بالعمرة وفي الصباح حجز تذكرة طيران وعاد إلى البلاد .

الجميع يعلم أن تلك الفترة وعلى وجه الخصوص العشر الأواخر من رمضان صعبة وقاسية وتعود في كل سنة وتتكرر هذه المشاكل من جديد دون أي حلول من قبل المسؤولين فبالرغم من المعاناة والإرهاق والتلوث والمرض الذي ألمّ بالبعض استطعنا وبفضل الله تعالى أداء العمرة. نسأل الله أن تكون في ميزان حسناتنا.

غادرنا مكة المكرمة متجهين لبلادنا ووصلنا خلال 24 ساعة للحدود الأردنية لمنطقة "الشونة" كان عدد الباصات 13 باصان وفي الساعة الثامنة صباحا تم إدخال ستُ باصات، أما الباقي انتظر طويلا ما يقارب السبعُ ساعات فيها الملل والحر والعطش والذباب الذي يملأ المكان  كل هذا ونحن صائمون وما علينا الا الصبر والانتظار! أنا بدوري قمت بفحص السبب لهذا التأخير مع الطرف الأردني فلم أجد أي سبب للتأخير والمعاناة وادّعوا بأن سبب التأخير هو من الطرف الإسرائيلي ففحصت مع الأخير فكانت الإجابة أننا نتواجد في مناطق نفوذ أردنية والأردنيين هم المسؤولين عنا ! بعدها قرر جميع المعتمرين التوجه الى الجسر الإسرائيلي مشيا على الأقدام وإبقاء الباصات في الطرف الأردني ، وعندها فقط تم إحضار الجوازات الإسرائيلية ، من هنا أدرك الجميع بأن هذا المسلسل يتكرر في كل موسم في العمرة والحج وليس هناك حلول لهذه المعاناة . وعليه فإنني أرى أنه آن الأوان أن تتكون لجنة لتقصي الحقائق وأشيد هنا بدور لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية أن تأخذ دورها لتعيين لجنة تقصي ولجنة معاينة لفحص أماكن السكن قبل وصول المعتمرين والحجاج وان تختار الأفضل. علما بأن معتمري 48 يدفعون مبالغ طائلة مقارنة مع باقي الشعوب الإسلامية الأخرى ، وان تقوم بفحص إمكانية السفر للحج والعمرة عن طريق العقبة الأردنية .

أخيرا وليس آخرا ، آمل أن تُتَخذ العبر من هذه العثرات التي تقع في الطريق للحج والعمرة وأن تلقى آذانا صاغية لحل هذه الإشكاليات. 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
كان غيرك اشطر لاكن دون جدوى
حتار - 14/09/2012
رد

تعليقات Facebook