سيطر تنظيم "داعش"، على نحو 70% من مساحة مخيم "اليرموك" للاجئين الفلسطينيين (جنوبي العاصمة السورية دمشق)، فيما تتفاقم الأوضاع الإنسانية هناك وسط غياب متطلبات أساسية من مياه وغذاء ودواء، ما يهدد حياة 5000 أسرة تقيم بالمخيم، بحسب محمد نجمة أحد الناشطين المحليين في المخيم.
وقال نجمة، الذي تمكن من الخروج من المخيم ويقيم في منطقة ملاصقة تماما له، لوكالة الأناضول: إن "مقاتلي تنظيم داعش سيطروا بشكل كامل على 70% من مساحة مخيم اليرموك (التي تبلغ 2 كم مربع) بعد أن تمكنوا من اقتحامه من منطقة (الحجر الأسود) الواقعة جنوبي المخيم والاشتباك مع عناصر أكناف بيت المقدس".
وأضاف نجمة، الذي قال إنه يتواصل عبر الانترنت والهاتف الثابت على مدار الساعة مع فلسطينيين يقيمون في المناطق التي تسيطر عليها داعش داخل مخيم اليرموك، إن "المخيم قبل اقتحامه كان محاصرا لمدة 700 يوم (قرابة عامين) من قبل جيش النظام السوري، ولكن خلال هذه الفترة كانت بعض المساعدات الغذائية المحدودة والمياه تدخل إليه على فترات متقاربة ولكن قبل خمسة أيام توقف دخول المساعدات بسبب اقتحام المخيم من مقاتلي داعش".
وأوضح أن سكان المخيم البالغ عددهم حاليا نحو 18 ألف نسمة بما يعادل 5 آلاف أسرة، يعيشون في ظروف مأساوية للغاية بدون ماء أو غذاء أو دواء منذ خمسة أيام، مشيرا إلى أن مقاتلي "داعش" يقنصون كل من يخرج من منزله في المناطق التي يسيطرون عليها لذك لا يستطيع السكان الحصول على الماء أو الغذاء خشية من قنصهم.
ولفت إلى أن مقاتلي التنظيم المتشدد قتلوا أحد سكان المخيم قنصا صباح الأحد بعد أن خرج من منزله للحصول على الماء لأفراد أسرته.
وبسبب انقطاع الكهرباء بشكل كامل، تقتصر وسائل الاتصال مع الناشطين الشباب في داخل مخيم اليرموك، على الهاتف الثابت، وشبكة الإنترنت، حيث تمكن بعض الشباب من الحصول على "بطاريات" "ومولدات كهربائية" يستخدموها لتشغيل بعض أجهزة الكمبيوتر، وشحن الهواتف المحمولة، بشكل مقنن للغاية، كما يقول الناشط نجمة.
الناشط الفلسطيني نجمة، قال إن مسلحي "داعش" ذبحوا شخصين من سكان المخيم، دون أن يتم التعرف على هويتهما حتى الآن، مضيفا أن مطالب "داعش" تتمثل بتسليم أهالي المخيم لأبنائهم الذين ينتمون إلى "أكناف بيت المقدس" (وهو تنظيم معارض للنظام السوري)، ومبايعة التنظيم والالتزام بتعليماته.
وفيما يتعلق بخلفية العداء بين تنظيمي "داعش" و"أكناف بيت المقدس"، قال الناشط نجمة: إن "عشرات من عناصر داعش كانوا يتواجدون في مخيم اليرموك قبل ثمانية أشهر، وبسبب خلافات مع عناصر أكناف بيت المقدس وقعت اشتباكات مسلحة بين التنظيمين وتم طرد مقاتلي داعش إلى منطقة تسمى (الحجر الأسود) وهي متاخمة للمخيم من الناحية الجنوبية".
وأوضح أن عناصر التنظيم تمركزوا في منطقة "الحجر الأسود" وعملوا على زيادة عددهم إلى أن بلغوا قرابة الألف مقاتل، وكانوا يشتبكون مع جيش النظام السوري الذي يسيطر على المناطق القريبة من منطقة "الحجر الأسود" بين الفينة والأخرى.
وحول طريقة اقتحام مخيم اليرموك، قال نجمة: "لدينا معلومات مؤكدة تشير إلى أن مقاتلي داعش اتفقوا مع عناصر (جبهة النصرة) التي كانت تسيطر على المناطق الجنوبية لمخيم اليرموك، واقتحموا المخيم من المنافذ الجنوبية للمخيم".
وأوضح نجمة أن التحضير لاقتحام المخيم كان يتم منذ أكثر من شهرين بالاتفاق الكامل بين "داعش" و"جبهة النصرة".
ومما يؤكد التعاون بين "جبهة النصرة" و"داعش"، بحسب نجمة، أن عناصر "داعش" دعت عبر مكبرات الصوت مقاتلي "أكناف بيت المقدس" إلى تسليم أنفسهم إلى "جبهة النصرة" التي لا زالت تسيطر على 10% من المخيم.
وفيما يتعلق بخارطة توزيع المناطق التي تسيطر عليها "داعش" و"جبهة النصرة" و"أكناف بيت المقدس"، قال نجمة إن داعش تسيطر على المناطق الجنوبية والوسطى للمخيم بنسبة 70% من مساحته التي تبلغ 2 كم مربع، بينما تسيطر "أكناف بيت المقدس" على 20% من المناطق الشمالية، فيما تفصل بين المنطقتين منطقة تقدر بـ 10% من مساحة المخيم وتتبع لسيطرة "جبهة النصرة".
وحول مطالب أهالي المخيم، قال نجمة: إن "سكان المخيم يناشدون بشكل متواصل فتح ممرات آمنة ليخرجوا من المخيم وجزء كبير من هذا الأمر مرتبط بيد جيش النظام السوري فهو يسيطر على المنافذ الشمالية للمخيم ويمكنه فتحها ليسهل مغادرة الآلاف من السكان المدنيين".
وكان مسلحو تنظيم "داعش" دخلوا مخيم اليرموك، الأربعاء الماضي، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بينهم وبين كتائب "أكناف بيت المقدس"، أحد فصائل المعارضة السورية، تسببت في وقوع جرحى من الجانبين، فيما أشار ناشطون محليون إلى أن الوضع الإنساني للمخيم "سيء للغاية" مع استمرار الاشتباكات.
وتحاصر قوات النظام السوري مخيم اليرموك الذي يقطنه غالبية فلسطينية منذ نحو 3 سنوات.
ويعتبر مخيم اليرموك من أكبر المخيمات الفلسطينية في الداخل السوري، ويبعد عن مركز مدينة دمشق نحو (10) كم، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، دفعت الأحداث ما لا يقل عن (185) ألفا من أهالي المخيم إلى ترك منازلهم، والنزوح إلى مناطق أخرى داخل سورية، أو اللجوء إلى دول الجوار.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]