شارك وفد من أعضاء في الكنيست الإسرائيلي ( البرلمان) في الاحتفال الرسمي لإحياء ذكرى القتلى الأرمن الذين يزعم انهم سقطوا في هجمات لجيش الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى عام 1914.
وكان الوفد سافر الى أرمينيا للمشاركة في الحفل المذكور قبل نحو أسبوع، وهو ليس الوفد الإسرائيلي الأوّل الذي يشارك في احياء هذه الذكرى، فقد سبق وشاركت وفود عدّة خلال السنوات السابقة.
وذكرت صحيفة " هآرتس" الإسرائيلية، أن الوفد الرسمي ضم كل من عضو الكنيست عن حزب " المعسكر الصيهوني" نحمان شاي، والناب عنات بركان من حزب " الليكود".
وشارك في الحفل ممثلون عن 60 دولة حول العالم برز من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة فرنسا، وصربيا وقبرص.
ويرى مراقبون للعلاقات التركية الاسرائيلية، أن الخطوة الاسرائيلية المذكورة تعد استفزازًا اسرائيليًا واضحًا لتركيا التي يقودها حزب " العدالة والتنمية" ذو الاصول الاسلامية، وذلك في خضم حالة من البرودة تحيط بالعلاقات بين الجانبين، وفي ظل الاختلاف الحاد في الرؤى، والاتهمات التركية لاسرائيل بارتكاب المجازر.
وتتهم اسرائيل تركيا برعاية فصائل فلسطينية تقاومها، مثل حركة المقاومة الاسلامية حماس، ولطالما اثارت زيارات قيادات حماس الى انقرة حفقظة الاسرائيليين، الذين رفعوا وتيرة التحريض على قيادات حزب العدالة والدولة التركية.
واشار المراقبون الى أن اسرائيل تستغل احياء ذكرى الارمن لاستفزاز تركيا من جديد، " وكأنها تسعى الى رد الصاع"، وتستخدمها من أجل الضغط على القيادات في انقرة ومحاولة حملها على عدم التعاون مع من تحسبهم اسرائيل اعداءً لها.
ودعا عضو الكنيست نحمان شاي الى الاعتراف بالمذابح التي زعم أن الأرمن تعرضوا لها على يد الجيش العثماني، " لقد لان الأوان للاعتراف بإبادة شعب تعرض لها الأرمن أيضًا، اعتقد أن هذا التزامًا اساسيًا علينا، ولا داع للتردد أكثر من ذلك".
واتفق خلال احياء الذكرى على ان تنظم زيارة رسمية لرئيس لجنة الخارجية في البرلمان الأرميني آرتيك زكريان، الى إسرائيل خلال الفترة القريبة القادمة.
وتعد الخطوة الإسرائيلية، خطوة استفزازية من شأنها أن تصب الزيت على النّار أكثر على صعيد العلاقات بين تركيا وإسرائيل في حال قررت تسمية ما تعرض له الأرمن " إبادة شعب"، ذلك أن تركيا سبق ونفت هذه الاحداث منذ عشرات السنوات وترفض الاعتراف بالتطهير العرقي، مبيّنة أن الأرمن قتلوا الاف الاتراك خلال الحرب.
ويبدو التصعيد الإسرائيلي تجاه تركيا واضح المعالم مستغلة الذكرى المئوية الـ 100 لما يعرف عالميًا بـ" مذابح الأرمن"، حيث اطلقت الصحف الإسرائيلية على المذابح تسمية الـ" محرقة" حينًا، والـ" الإبادة" حينًا آخر.
ويدرك عضو الكنيست شاي أن الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بـ" الإبادة الجماعية " للأرمن، من شانها ان يثير غضب القيادة التركية، " ولكنني على الرغم من ذلك ادعوا الى طرح هذا الاعتراف ومناقشته داخليًا، ومن ثم أرى أن علينا أن نعترف، فقط بما جرى على أرض الواقع".
وقال :" ماذا سيحدث إن اعترفنا؟ يغضب الاتراك؟ إذن ما العمل".
ويشار الى أن زيارة أعضاء الكنيست جاءت بقرار رسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
ودعت النائب عنات بركان الى الاحتكام الى الوقائع التاريخية والشواهد على أرض الواقع، " كل ما وصلنا من وثائق وروايات يؤكد أن ما تعرض له الأرمن كان عبارة عن إبادة جماعية، علينا أن ندرس الامر جيدًا، ثم نتخذ الموقف الملائم".
وأشارت الى أن على تل ابيب" أن تحيّد كل الاعتبارات الأخرى، فهناك اختلاف بالآراء نعم، ولكن علينا أن نتخذ ما نراه مناسبًا من خطوات".
ولطالما اثار مصطلح الإبادة الجماعية للأرمن غضب انقرة، وتشهد على ذلك علاقاتها المتوترة مع الفاتيكان نتيجة لتصريحات البابا فرنسيس الذي استخدم مصطلح الإبادة خلال حديثه عن الحرب المذكورة، ما اثار سخط تركيا التي استنكرت ودعت سفريها في الفاتيكان الى التشاور.
وعلى صعيد العلاقات التركية الإسرائيلية، فلم تتخذ إسرائيل حتى اليوم قرارًا بتسمية الحرب بالإبادة الجماعية، نتيجة لعلاقاتها المتينة مع انقرة ربما طيلة السنين الماضية، والتي لم يعكر صفوها الا منذ سنوات قليلة في اعقاب مجزرة ما يعرف بـ" الحرية" التي قتلت فيها قوات الأمن الإسرائيلية 10 اتراك كانوا على متن سفينة " مرمرة" المتوجهة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة في 30/50/2010 .
ومن شأن الاعتراف الإسرائيلي رسميًا بما يسمى الإبادة الجماعية للأرمن أن يشعل فتيل الازمة من جديد من انقرة .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]