في المؤتمر الأول للحركة الصهيونية الذي أقيم في بازل في سويسرا عام 1897 أعلن عن إقامة وطن قومي لليهود يجمع شتاتهم, وشكلت اللجان والمؤسسات لتنفيذ هذا المشروع, وعملت الحركة الصهيونية على تعزيز الشعور بالهوية اليهودية والوعي القومي عند اليهود في جميع الجاليات اليهودية في الشتات.
ودأبت الحركة على منع اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها, لكي لا يذوبوا فيها وتمحى الهوية اليهودية, ورسّخت في أذهان اليهود العودة إلى صهيون, أي إلى فلسطين التي هي وفق التعبير التوراتي عودة الشعب إلى ارض الميعاد.
ولتحقيق المشروع الصهيوني أطلقوا الشعار الذي يقول: ارض بلا شعب لشعب بلا ارض, هذا الشعار هو الذي افرز كل مجريات الأحداث على الأرض الفلسطينية من تهجير وتدمير وقتل, ومصادرة الأراضي والاستيطان, وممارسات عنصريه, واعتداءات يوميه تمارس ضد الشعب الفلسطيني, هذه الممارسات جميعها هي ترجمه حرفيّه لهذا الشعار, ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
لقد صيغ هذا الشعار بطريقه ملفته للانتباه من حيث التناسق اللفظي, فهو ينقسم إلى قسمين متساويين, كل قسم يحتوي على نفس عدد الكلمات في القسم الأخر وعلى نفس الألفاظ, ارض بلا شعب....لشعب بلا ارض.
كل قسم يتكون من ثلاث كلمات, ومن نفس الكلمات, وكلمة بلا في القسمين تقع في المركز بين كلمتي ارض وشعب, وشعب وارض, وهي كلمة ثابتة في القسمين, وهي العنصر المشترك في القسمين, وما يتحرّك في القسمين هو كلمتا ارض وشعب فيتبادلان مواقعهما تماما كما سيتبادل اليهود والعرب في فلسطين مواقعهما كما في المشروع الصهيوني.
هذا النسق المتكامل في هذا الشعار بحيث لا يوجد فيه حرف زائد, ولا توجد فيه كلمه ليست في موضعها دليل على دهاء وحنكة واضعه, فهو يعبّر عن الرؤية الواضحة والسياسة الثابتة والخطاب الموحّد لجميع قيادات الحركة الصهيونية السابقين منهم واللاحقين, ويحدد بوضوح ألاستراتيجيه التي سينتهجها القادة السياسيون على الأرض حتى يتم انجاز المشروع الصهيوني بأكمله, وهو إقامة وطن قومي لليهود على ارض فلسطين.
هذا الشعار ارض بلا شعب لشعب بلا ارض, هو اكبر كذبه في تاريخ الشعوب كلها, كذبه أول من صدقها اليهود أنفسهم, وكذلك الغرب, والعالم بأسره, وعلى أساسها تقوم السياسة الغربية تجاه القضية الفلسطينية, بات مُسلّما في المفهوم الغربي أن الشعب بلا ارض انتقل إلى ارض بلا شعب, لذلك سكت الغرب على كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني, سكت على احتلال الأرض وطرد أهلها منها, سكت على بناء المستوطنات على الأرض المحتلة في الضفة والقطاع وهضبة الجولان, سكت على ارتكاب المجازر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل, سكت على تدمير ما يزيد على 500 قرية عربيه, سكت على مصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات والمنشئات المختلفة عليها.
لذلك يبدي الغرب تفهما للاعتداءات والانتهاكات الاسرائيليه المتكررة على الأرواح والممتلكات الفلسطينية, فهذه الكذبه الكبيرة, أرض بلا شعب لشعب بلا أرض, كشفت الوجه الحقيقي للصهيونية, وبيّنت النزعة العنصرية الابادية الشرسة لهذه الحركة, فسياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت, وسن القوانين العنصرية, والفتاوى بعدم بيع أو تأجير بيوت أو أراضي للعرب, وسياسة تهويد الجليل والمدن المختلطة, والإعلان عن يهودية الدولة, هذا كله نتاج كذبة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
والله غالب على أمره
سعيد سطل أبو سليمان
29/3/2011
التعليقات