لقد قطع مجتمعنا العربي الفلسطيني عامة وأهلنا في يافا خاصة شوطا كبيرا وعلى مدى ستة عقود وأكثر من الذل والخوف والتشريد والظلم وسياسة التمييز العنصري والقهر والهدم والتطهير العرقي وقائمة طويلة من قاموس الإجحاف بحق مجتمع يريد العيش بكرامة على أرضه وفي وطنه.
وكي لا أطيل عليكم قررت أن أشارككم في زيارة خاصة قمت بها برفقة صديقي ايهود من اللجنة الشعبية للدفاع عن الحق بالأرض والمسكن في يافا. الزيارة كانت لحديقة الغزازوة والهدف هو التضامن مع الأخت وفاء أبو شميس. رغم البرد القارص والعيش في العراء لأكثر من ستة أشهر قررت الأخت وفاء رفض الحلول المؤقتة وأبت إلا أن يكون لها بيت يحميها ويحمي أطفالها من برد الشتاء وحرارة الصيف. تريد وفاء أن تعيش مثل كل واحد منا مع بيت وعنوان ومطبخ وحمام . تريد أن تستيقظ في الصباح لتجهّز أطفالها للمدرسة ككل الأمهات.
ولكن يبدو أن طلبها مبالغا فيه في دولة يعتبر فيها الحق في السكن هو قانون أساسي. وفاء لا تريد المال ولا الغذاء فهي الآن مضربة عن الطعام لليوم الثامن وكأن ما تلقاه من ذل العيش هي وأطفالها لا تكفي لتصل صرختها إلى كل بيت عربي في يافا بل في كل المدن والقرى العربية. إن كنا لا نرضى لأنفسنا العيش ولا ليوم واحد في خيام محرومي السكن فلماذا هذا الصمت؟. لماذا لا نقف إلى جانب إنسان يطالب بحقه في السكن والسلطة تعترف بهذا الحق ولكن هل من يدفع السلطة لضمان هذا الحق ؟
أقول وبصراحة أشعر بالخجل لأنني كنت من أول من باشر ببناء الخيام ومن دفع بوفاء وغيرها من أهالي يافا للمشاركة في النضال المشترك لإيجاد حل جذري لقضية السكن في يافا ومثل وفاء هناك لا أقول عشرات العائلات بل أكثر. لن أوجه اللوم إلى المؤسسات في يافا ولا لأي طرف كان ولكن أتوجه بطلب بسيط جدا وهو أن يقوم كل واحد منا رجال ونساء وطلاب ومعلمون ومربيات ومتقاعدين بزيارة الخيمة ولو لعشرة دقائق لنقول للأخت وفاء وبقية المشاركين في خيمة الاعتصام نحن معكم . وأن رسالة لا تتعدى العشر كلمات نوجهها إلى رئيس البلدية نقول فيها أن بلدية تل أبيب التي تدير ميزانية تضاهي ميزانية المملكة الأردنية الهاشمية تعجز عن إيجاد حل للعائلات التي تسكن في الخيام وليس بمقدورها إيجاد حل لأزمة السكن المتفاقمة ؟
لماذا لا يخصص مدراء المدارس لا أقول يوم بل ساعة لطلاب المدارس لكي يعرفوا أن مجتمعنا العربي في يافا يعاني من ضائقة سكنية ناتجة عن سياسة السلطة؟
نطالب الجميع أن يكونوا عند حسن ظن أولاد عائلة أبو شميس وأن لا يبخلوا ولو بزيارة قصيرة لخيمة الاعتصام. قد تهوّن هذه الزيارة على وفاء وعائلتها إلى أن تجد العائلة مأوى يحميها من برد الشتاء وعتمة الليل.
عبد القادر سطل
اللجنة الشعبية للدفاع عن الحف بالأرض والمسكن.
التعليقات