جاء في المقال السابق أن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق كثيرة ومتعددة, منها أسباب ماديه تم الحديث عنها, ومنها أسباب معنوية مثل تباين الأخلاق, وتنافر الطباع, وسؤ العشرة, وهو موضوعنا في هذا المقال, وهناك أسباب أخرى كثيرة:
مثل البخل لدرجة الحرمان من ضروريات الحياة, والمرض الذي لا يرجى شفاؤه, والعُقم الذي لا علاج له, والإدمان على تعاطي المخدرات, أسباب لا يتسع المجال لتناولها والحديث عنها في هذا القال, لعلي أتحدث عنها في مقالات قادمة, في هذا المقال سأتحدث عن تباين الأخلاق, وتنافر الطباع, وسؤ العشرة التي تؤدي إلى الطلاق.
شرع الله عز وجل الزواج لتكوين الأسرة, وإنجاب الأولاد, وإحصان الفرج, وحفظ النسل, وتماسك المجتمع, والله تعالى أراد للزواج أن يمتد ويدوم في جوّ من المودة والرحمة, وان يسوده التفاهم والاحترام المتبادل بين الزوجين, رغم ما قد يطرأ عليه ما ليس بالحسبان, قد تعتري الحياة الزوجية شوائب تعكر صفوها, أيا كانت هذه الشوائب وأيا كانت أسبابها.
فالله عز وجل جعل بين الزوجين مودة ورحمة لتدوم وتبقى الحياة الزوجية,:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها, وجعل بينكم مودة ورحمه".الأصل في العلاقة الزوجية المودة والرحمة, إذا فقدت المودة بقيت الرحمة, لذلك جاء قول الله تعالى:" وعاشروهن بالمعروف", وعاشروهن بالمعروف لأن ليس كل البيوت تبنى على الحب, هناك مصلحه عُليا بين الزوجين هي الأولاد ومستقبلهم, وهي فوق كل اعتبار, في كثير من الأحيان العلاقات الزوجية يحكمها وجود الأولاد, فتربية الأولاد ورعايتهم وحمايتهم وتأمين مستقبلهم, يقتضي استمرار الزواج, أن تستمر الحياة الزوجية, مهما اعتراها من منغصات, من هنا نفهم القصد من قوله تعالى:" وعاشروهن بالمعروف", والعلماء الأفاضل قالوا, ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها, بل أن تحتمل الأذى منها.
معظم الشباب حينما يقدم على الزواج يبحث عن الجمال يهمه الشكل الخارجي فقط, وفي كثير من الأحوال سؤ خلق الزوجة يطغى على جمالها, فيتلاشى الجمال ويبقى سؤ الخلق, فضلا عن أن أمد الجمال قصير يتلاشى مع الأيام, ثم يكتشف الزوج ولكن بعد فوات الأوان أن اختياره كان خاطئ, لذلك كان التوجيه النبوي الشريف, اظفر بذات الدين, إن كنت تبحث عن شريكه لحياتك, فابحث عن صاحبة الخلق, ذات الدين هي صاحبة الخلق, صاحبة الخلق هي التي تصبر على ضنك العيش, هي التي تتحمل سؤ معاملتك لها, هي التي تقف معك في الشدة, ولا تقف عليك,فإذا شكوت عيبا في زوجتك, ينبغي أن لا تنسى النواحي الايجابية فيها, وهي كثيرة, لا تنسى وفاءها وصدقها وأمانتها, لا تنس دينها وخلقها وصبرها, لا تنس حسن تدبيرها, وحسن رعايتها وتربيتها للأولاد, ليس من الإنصاف أن تهتم بجانب واحد , وتغفل باقي الجوانب, الجمال مهم ولكنه ليس الأهم, وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقا رضي آخر", للحفاظ على الأسرة من الدمار وعلى الأولاد من الضياع, على كل من الزوجين أن يتجاوز عن أخطاء الآخر.
وعلى كل من الزوجين أن يصلح من أخطائه هو, وسلوكه هو, وان يرضى العيش في ظل حياة زوجية لا توفر له كل ما يحب ويرغب, الحياة ليست كلها ورديه, وليست كلها قاتمة, الحياة فيها الحلو, وفيها المر, فيها الشروق, وفيها الغروب, فيها الشدّة, وفيها الرخاء, فيها الضحك, وفيها البكاء, وفي ذلك جمالها ولذتها, فاحرص أيها الزوج على بيتك, حافظ عليه بحسن العشرة وحسن الخُلق, فالنبي صلى الله عليه وسلم وصى الرجال بالنساء قائلا: لا يكرمهن إلا كريم, ولا يُهينهن إلا لئيم, يغلبن كل كريم, ويغلبهن كل لئيم, ولأن أكون كريما مغلوبا أحب إلي من أن أكون لئيما غالبا, وأنت أيتها الزوجة حافظي على بيتك, وزوجك وأولادك بصبرك وحسن أخلاقك, فحسن تبعُلك لزوجك من فضائل الأعمال ويفضُل الجهاد في سبيل الله, فالمؤمن العاقل إذا خُيّر بين ضررين اختار أخفهما , ولا ينسى الزوجان انه ليس شيء من الحلال ابغض إلى الله من الطلاق.
هدانا الله جميعا إلى عمل الخير, والى خير العمل, سعيد سطل أبو سليمان 16/ 12/ 2011
بارك الله فيك مقال بجذب القارئ ومنه نستفيد
التعليقات