في ذكرى يوم الأرض الخالد - بقلم عبد القادر سطل
يافا 48
2022-03-27 06:53:00
في الثلاثين من آذار من كلّ عام تحيي جماهيرنا العربية في البلاد، وكلّ أطياف شعبنا الفلسطيني أينما حلّوا، ذكرى يوم الأرض الخالد. هذا اليوم الذي أمسى عيدًا وطنيًّا لشعبنا الفلسطيني.
قبل 46 عامًا هبّت جماهيرنا العربية لتقول كلمتها بصوت عالٍ: "لا لسياسة التمييز العنصري ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، ولا لمصادرة ما تبقى من الأراضي العربية لصالح الدولة المغتصبة!!". كانت ردة الفعل شاملة وغاضبة، حيث خرج الجميع شيبًا وشبابًا، رجالًا ونساءً وحتى الأطفال شاركوا في هذه الهبّة الجماهيرية التي تركت بصماتها على صفحات الصمود والتحدي أمام غطرسة السلطة الإسرائيلية. ودفعت جماهيرنا العربية ثمنًا باهظًا لهذا التصدي، حيث سقط ستة شهداء وأصيب المئات في الجليل والمثلث والنقب، والمدن الساحلية. هذا اليوم المشهود الذي سطَره أبناء شعبنا الفلسطيني بالدّم، هذا هو التاريخ المشهود الذي قالت فيه جماهيرنا وبصوتٍ عالٍ:" لا للغطرسة الإسرائيلية، ولا للتمييز العنصري، كفى لمصادرة الأراضي العربية في البلاد".
تحلّ علينا ذكرى يوم الأرض الخالد، بعد مرور عامٍ على هبّة الكرامة التي تركت أثرها على جماهيرنا في البلاد. وخاصة المدن الساحلية التي شهدت مواجهات عنيفة مع الشرطة، التي لم تتوانَ عن إطلاق الرصاص المطاطي على مواطنيها العرب. شهدنا العشرات من الإصابات في المدن الساحلية، وكان لمدن يافا واللد والرملة حصّة الأسد من هذه الأحداث، وعكا لم تقف صامتة بل شاركت بشكل فعّال في هبة الكرامة. ما زال بعض أبنائنا يقبعون في السجون، وما زالت جماهيرنا ملاحقة من قبل السلطة من جهة، وقطعان المستوطنين من جهة أخرى. هنالك من قال:" انتهينا من الحرب على غزة، وسنتفرّع للعرب في المدن الساحلية". لن ننسى ما فعله قطعان المستوطنين من اليهود في اللد عندما أطلقوا الرصاص الحيّ وقتلوا الشهيد موسى حسونة، وفي مدينة بات يام دمرت قطعان اليهود كل المحلات العربية، وكادت تقتل، بدم بارد، الشاب سعيد موسى سائق التاكسي من الرملة. وقد فضحت هذه المشاهد موقف الشرطة الإسرائيلية التي وقفت وقفة المتفرج دون أن تحرّك ساكنًا. فهل كانت ستتصرف بنفس الأسلوب لو كانت الضحية مواطنًا يهوديًّا؟
وها هو "الشيخ جراح" يثور وينزف على ضوء التطورات هناك. الهجمة الشرسة من قبل قطعان المستوطنين، بدعم من السلطة الإسرائيلية والقضاء الإسرائيلي محاولين السيطرة على حيّ "الشيخ جرّاح"، ليحكموا الطوق على المسجد الأقصى وما حوله. وشهدت البلاد تضامنًا واسعًا مع أهلنا في "الشيخ جراح"، حيث تم تنظيم وقفات احتجاجيّة وزيارات للأهل في الشيخ جراح تضامنًا معهم. ونشيد بدور المرأة الفلسطينية، التي كانت في مقدّمة الدفاع عن الحقّ بالبقاء الصمود في الشيخ جراح وبقية أحياء القدس العربية.
أما النقب فحدّث ولا حرج. حيث يشهد أهلنا في النقب هجمة شرسة لم يسبق لها مثيل. النقب الذي يعاني الأمرّين من سياسة الاقتلاع والتهجير منذ عقود طويلة، ناهيك عن مصادرة الأراضي وجرف الأراضي الزراعية التابعة لأهلنا في النقب. والعراقيب هي الشاهد الحيّ على بعض ما يواجهه أهلنا في النقب. أضف إلى ذلك الهجمة المسعورة من قبل الرأي العام الإسرائيلي، الذي جعل من أهلنا في النقب عصابات إجرام وسطو. وتطالعنا الاخبار عن نيّة حكومة اليمين المتطرف بقيادة بينت وشكيد إقامة عشرة تجمعات سكانية جديدة في النقب، تسعة منها لليهود وأين؟ على أراضي أهلنا في النقب.
وعودة الى يافا التي تعاني هي الأخرى من سياسة التمييز العنصري الواضح ضد مواطنيها عامةً، وسكان شركة "عميدار" خاصةً، التي تنوي إخلاء مئات العائلات من بيوتها العربية باعتبارها أراضٍ ممتازة للاستثمار في أجمل موقع على الساحل الفلسطيني. حيث عرض أحد السكان اليهود بيته للبيع بمبلغ 135 مليون شيكلًا، في حين لم يتعدَّ مبلغ الشراء المليون شيكلًا. وهذا يوضح الصورة للذين غاب عنهم ما يدور على الساحة اليافاوية.
ردُّنا يجب أن يكون مزيدًا من الصّمود والتصدي لكل السياسات المجحفة بحقّنا. نحن أولى بهذه البيوت ومن حقّنا السكن فيها دون غيرنا، نحن السّكان الأصليين وقد دفعنا ثمنها أضعاف مضاعفة من سعرها الحقيقي.
كل المواضيع المطروحة أعلاه ستكون ضمن الأمسية التي تنظمها مؤسسة الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا بمناسبة ذكرى يوم الأرض الخالد. تقام الأمسية في مقر الرابطة، شارع يفت 73 يافا، الساعة السابعة والنصف مساءً. نأمل منكم حضور الأمسية واستقبال الوفد القادم من القدس وبالتحديد حيّ الشيخ جراح والوفد القادم من النقب الصّامد.
وجودكم معنا هو دعم لقضيتنا ولصمود أهلنا أينما تواجدوا، ونصرة لحقنا في العيش بكرامة على أرض الآباء والأجداد.
عاش يوم الأرض الخالد، وعاش صمود أهلنا على أرض الوطن الغالي.
التعليقات