نقلاً عن صحيفة القدس
تقترب الحاجة صفية مصطفى من عمر الـ100 عام، ولا تزال تنتظر يوما تعود فيه الى أراضي أهلها التي هجروا منها في عام 1948 في قرية الخيرية ، ومجدل الصادق قضاء يافا وهي التي كانت مليئة بالشمام والبطيخ والكينا، ورغم مرور 74 عاما علي النكبة، فهي لا تزال تتذكر جيدا مشاهدا من التدريبات التي كانت تقوم بها العصابات الصهيونية في "الكيبوتسات" القريبة من أراضي أهلها الزراعية .
وتقول الحاجة صفية مصطفى في لقاء خاص :" اتذكر مكاثي البطيخ والشمام وشجر التين والعنب والكينا في اراضينا التي كنا نمتلكها قبل النكبة في منطقة مجدل الصادق القريبة من يافا، ومساحتها اكثر من 20 دونما، وكيف كنا نسرح اليها مشيا على الاقدام مع امي، وكنا نحمل مصباحا من الكاز، واذا شعرنا بوجود ضبع في المنطقة نشعل المصباح فيهرب الضبع من الضوء، وفي احدى المرات كنت انا وامي نتجه نحو ارضنا في منتصف الليل، وخلال مرورنا في طريق ضيق شاهدنا رجلا ممدا بعرض الطريق الضيق، عندها توقفت امي التي كانت على ظهر الحمار ونزلت، فإذا به رجل يرعى الجمال مستلق على الارض بشكل عرضي حتى يستيقظ اذا تحركت جماله بعيدا عنه، واذكر كيف صرخت عليه امي حتى يفتح الطريق" .
كنا نشاهد العصابات
آثرت الحجة صفية الحديث عن العصابات اليهودية وكيف كانوا يستعرضون القوة امامهم وتقول :"كنا نشاهدهم وهم يتدربون على السلاح في الكيبوتسات القريبة، مثل كيبوتس كوفيش في منطقة سكة الحديد الحجازية، وكنا نخاف منهم، وكانوا يظهرون اصواتا مرعبة والجيش الانجليزي يحميهم، وكنا ننام في ارضنا بالرغم من الخوف من غدر اليهود، وفي احدى المرات استهدف الثوار يهودية بالرصاص، وعندما شاع الخبر قام احد المزارعين وهو يركب حصانا واخذ يصرخ " اخذتكم اليهود يا معزبين " وكلمة معزبين تطلق على الذين يبيتون في ارضهم ليلا ، وهربنا من الحقول خوفا من الانتقام، فاليهود لا آمان لهم تقول الحجة صفية ".
مشاهد من يافا
تقول الحاجة صفية كنا نذهب الى يافا برفقة والدي الذي كان يعاني من مرض في عينية للعلاج بسيارة قديمة، وكنا نصل سوق يافا ، وهناك كنا نري العجب من الجمال ، والسير بالسوق وحدها كانت لها لذة لا زلت استشعرها حتى يومنا هذا، وما كان يوترنا هناك فقط هو مشهد الجنود الانجليز وبنادقهم الطويلة، وفي وقتها كان العرب واليهود يعيشون في يافا معا بشكل طبيعي قبل ان تحل علينا النكبة ويطرد أهلي من أراضيهم .
وتسترجع الحاجة صفية مشاهدا للقطار البخاري "الترين" وتقول" كان يمر من اراضينا، وكنا نطرب لصوته فهو على البخار ومن بعيد نقول جاء بابور الترين محملا بالسكر والطحين، وكان يسير ببطء بسبب الحمولة ".
النكبة وعمرها 97
تقول الحاجة صفية :" عمري الان 97 عاما ومازلت اذكر النكبة بتفاصيلها وكيف غبنا عن الارض وارغب بزيارة قريتي الخيرية في قضاء يافا وأراضينا في منطقة مجدل الصادق، ولكن اليهود اخذوا القرية ويمنعوننا من الوصول اليها بعد ان طردتنا العصابات اليهودية وقتلوا العديد من اصحاب الاراضي بشكل مرعب ومخيف، وكان جيش الانجليز يحميهم ".
وتضيف الحاجة صفية :"العصابات اليهودية شردوا اهلي في قرية "الخيرية" وكانت كسوتي في العرس من يافا وانتقلت من الخيرية وانا عروس على ظهر فرس قبل النكبة وسقطت قرية الخيرية وانا متزوجة في قرية الزاوية وعند هروب اهلي وجيراني من القرية ومن شدة الخوف حملت احدى النساء مخدة وهي تعتقد انها ابنها الصغير، وبعد ان هربوا من تبين انه ليس طفلها الصغير وخافت ان ترجع الى البيت من ارهاب العصابات اليهودية.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]