تقع قرية هربيا إلى الشمال من مدينة غزّة مسافة 14 كيلو مترًا واعتبرت قرية شاطئيّة نسبيًّا، إذ تبعد عن حافّة البحر مسافة 4 كيلومترات، أحاطتها أراضي قرى الجورة والخصاص وبربرة في الشمال، وبيت جرجا ودير سنيد في الشرق
اعتبرت هربيا من القرى الكبيرة نسبيًّا في قضاء غزّة، فقد وصل تعداد سكّانها قبيل النكبة إلى ما بين 2700 و2900 نسمة، فكان فيها ثلاثة مخاتير من كبرى العائلات الثلاث في القرية، عليان والغول وسالم، أمّا عن بيوت هربيا، فكانت كتلة مبنيّة من الطين، ومتلاصقة إلى حدّ التراصّ حيث يمكن المشي من أوّل بيت فيها وحتّى آخر بيت عبر أسطحها، وهذه خاصّيّة معماريّة تميّزت فيها بعض القرى الشاطئيّة في ساحل فلسطين لدواع أمنيّة متّصلة بالاحتياط من البحر. كانت هربيا تنقسم في تشكيلها إلى حارتين أساسيّتين، الغربيّة والشرقيّة، وأطلق على الحارة الشرقيّة أحيانًا اسم "حارّة المصريّين" لأنّ معظم عائلاتها من أصول مصريّة.
من أشهر معالم هربيا، الجامع العمريّ في الوسط، والّذي يعود بناؤه إلى العصر المملوكيّ حيث انتشر بناء الجوامع العمريّة في مدن وقرى فلسطين أو ما يعرف بـ "الجامع الكبير" في ذلك العصر. وفي جامع القرية كان الكتاب الّذي تعلّم فيه أطفال القرية على يد المقرئين والشيوخ، قبل تدشين أوّل مدرسة حكوميّة رسميّة في هربيا سنة 1922 في ظلّ الاستعمار البريطانيّ للبلاد. وفي هربيا ومحيطها معالم كفريّة (أثريّة) ظلّ يتذكّرها الهرابنة على مدار عقود من نزوحهم في مخيّمات اللجوء بغزّة، منها الخراب القديمة، مثل خربة "معربة" وخربة "الرسم" و" أشرف" الّتي كان تعرف قديمًا بخربة "سرافيا" ومن هنا تعريب اسمها، فضلًا عن خربة "حنونة" وخربة "ساوي". كما في القرية، كانت أربع مقابر: مقبرة سعد، مقبرة البيادر، ومقبرتا الساقية ومنشيّة حسن. ممّا يدلّ على كبر تعداد سكّان القرية وقدمها معًا.
هاجمت الصهاينة قرية هربيا في مطلع تشرين أوّل من النكبة سنة 1948، حيث اقتحم في حينه لواء جفعاتي القرية بعد قصف الطيران مواقع استحكم الجيش المصريّ فيها في حرب النكبة، حيث اقتلع الصهاينة أهالي هربيا إلى غزّة جنوبًا، وجاءوا على كلّ بيوت أهلها الّتي لم يبق منها غير جامع القرية والمدرسة ومنزل كبير كان يعود لعائلة العلمي، وعلى أنقاض هربيا القرية العربيّة أقام الصهاينة في سنة 1949 مستعمرتي "كرميا" و"زيكيم" وفي هذه الأخيرة أقيمت قاعدة بحرّيّة إسرائيليّة ما تزال من أهمّ قواعد العسكريّة البحريّة الإسرائيليّة على الساحل، حيث تساهم بشكل مباشر في حصار غزّة.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]