صادقت الحكومة الإسرائيلية، مطلع الأسبوع، على قرار يقضي باقتطاع 220 مليون شيكل من ميزانية الخطة الخماسية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي، وتحويلها لصالح الشرطة وجهاز الأمن العام الشاباك، في خطوة وُصفت بأنها “تمرير خاطف” جرى من دون إدراجها على جدول الأعمال ومن دون أي نقاش مهني مسبق.
القرار الذي بادر إليه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزيرة المساواة الاجتماعية ماي غولان، يأتي بعد نحو أسبوعين من كشف نية الوزيرين تمرير اقتطاع أوسع بكثير بلغ حينها نحو 2.5 مليار شيكل، وهو ما قوبل بمعارضة شاملة من جميع الجهات المهنية في الوزارات الحكومية وأُسقط في حينه. إلا أن النسخة المصغّرة عادت ومرّت هذه المرة، رغم التحذيرات نفسها.
ويؤدي القرار إلى تقليصات مباشرة في مجالات مدنية أساسية داخل المجتمع العربي، من بينها اقتطاع 16 مليون شيكل كانت مخصصة لبناء صفوف دراسية ورياض أطفال، و13 مليون شيكل من ميزانيات الثقافة والرياضة التي تخدم آلاف الشبان، و15 مليون شيكل من ميزانية سلطة الشباب التي تموّل عشرات المراكز الشبابية، إضافة إلى 13 مليون شيكل من ميزانية وزارة المساواة الاجتماعية نفسها، التي تترأسها غولان، والمخصصة لبرامج للشبان وكبار السن في المجتمع العربي.
كما يشمل الاقتطاع تحويل 45 مليون شيكل من ميزانيات تقليص الفجوات في المدن المختلطة، و15 مليون شيكل من ميزانيات إتاحة المباني العامة، إلى جانب تقليص مباشر في ميزانيات السلطة للتطوير الاقتصادي، المسؤولة عن إدارة ومراقبة تنفيذ الخطة الخماسية، بما في ذلك آليات المتابعة والرقابة وتشجيع التشغيل.
تجاهل القرارات الحكومية السابقة
مصادر مهنية حذّرت من أن القرار يتجاهل كليًا قرار الحكومة رقم 549 الصادر عام 2021، الخاص بتعزيز مواجهة الجريمة والعنف، والذي بُني على عمل مهني مشترك ضم الشرطة والنيابة وسلطات إنفاذ القانون والرفاه الاجتماعي. وأكدت أن الخطة الجديدة التي يقودها بن غفير وغولان تعمل بمعزل عن هذه المنظومة، ما يخلق ازدواجية وفوضى في السياسات.
نائبة المستشارة القضائية في ديوان رئاسة الحكومة، أورلي فيشمان أورن، حذّرت في رأي قانوني رسمي من أن الخطوة “تثير صعوبات جدية على مستوى المعقولية، وقد تُحدث اختناقات هيكلية تمس بفعالية أجهزة إنفاذ القانون نفسها”.
من جهته، قال المدير العام المشارك لجمعية “سِيكوي-أوفوك”، عوفر دغان، إن القرار “يتناقض مع أي منطق مهني أو قيمي”، مضيفًا أن الحكومة تضر بشكل مباشر ببرامج تعالج جذور الجريمة، مثل التعليم، والتشغيل، وبرامج الشبان، بذريعة محاربة العنف.
في المقابل، دافع بن غفير عن القرار، معتبرًا أنه “خطوة ضرورية لسياسة صفر تسامح مع الجريمة”، فيما قالت غولان إن “الاستثمار في الثقافة والرياضة لا يجدي عندما يسقط قتلى”، في تصريحات أثارت انتقادات حادة واعتُبرت تبريرًا صريحًا لتجفيف الميزانيات المدنية في المجتمع العربي لصالح مقاربة أمنية ضيقة.
التعليقات