يقول ربنا عز وجل: يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن, إن بعض الظن إثم.
الظن في اللغة العربية له معنيان متناقضان, فهو يأتي بمعنى اليقين, ويأتي بمعنى الشك, والظن الذي يأتي بمعنى اليقين, ظنٌ حسنٌ وممدوح, وذلك مثل قوله تعالى عن الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك, يقول تعالى: وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت, وضاقت عليهم أنفسهم, وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه, ثم تاب عليهم ليتوبوا, إن الله هو التواب الرحيم.
وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه, أي اعتقدوا وأيقنوا انه لا معتصمٌ لهم من عذاب الله إلا بالرجوع والإنابة إليه, هذا هو الظن الحسن وهو الغالب في القرآن, ويقابله الظن السيئ الذي يأتي بمعنى الشك, وهو ما نهى عنه الإسلام وحذر منه, وذلك مثل قوله تعالى عن صاحب الجنتين: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه, قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا, وما أظن الساعة قائمة, ما أظن أن تبيد هذه أبدا, أي ما اعتقد أن تفنى هذه الحديقة,شك في ذلك, وشك في قيام الساعة والبعث والنشور, وما أظن الساعة قائمة, هذا هو الظن السيئ الذي نهى عنه الإسلام, وامرنا باجتنابه بقوله تعالى: يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن, اجتنبوا أي ابتعدوا, لا تقربوا, ومادة الاجتناب جاء ذكرها في القرآن مع كبائر الذنوب, وقبائح الأعمال, مثل قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام, وقوله تعالى: واجتنبوا الرجس من الأوثان, واجتنبوا قول الزور, وقوله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه, وقوله تعالى يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن...
الخطاب موجه لكل مؤمن, يا من أمنت بالله ربا, اجتنب الظن السيئ حتى لا تقع في أعراض المسلمين, والعِرض هو شرف الإنسان وسمعته, في نفسه, وأهله, ونسبه,فأعراض المسلمين ودماؤهم وأموالهم محرّمة, حرّم الإسلام مساسها أو الاعتداء عليها, روى الإمام مسلم عن أبي هريرة,قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه, وماله, وعرضه, حرّم الاعتداء على الحياة, أو على المال, أو على العرض, بإطلاق التهم الكاذبة والإشاعات ألباطله, فالله تعالى ما امرنا باجتناب الظن السيئ الا ليصون أعراض المسلمين, فمهما بدا لك من أخيك المسلم من قول أو فعل لم يرُق لك فجنّب نفسك سؤ الظن به.
فالمعلم والمربي صلى الله عليه وسلم يقول لأتباعه: إياكم والظن, أي الظن السيئ, فان الظن اكذب الحديث, فالمسلم لا يظن بالمسلمين إلا خيرا, مهما قيل أو أُشيع عنهم, لان مقتضى الإيمان أن لا يُصدّق مؤمنٌ على أخيه المؤمن قولة عائب أو طاعن, بل من مقتضى الإيمان أن يذود المؤمن عن عرض أخيه المؤمن إذا تعرّض إلى طعن, أو تشكيك, أو تشهير.
وأخيرا إلى العصبة المتعصبة الذين عقبوا على ردي على عضو مؤسسة الأقصى السيد محمد أشقر في اعتراضه على تزكية المحامي صبحي بلحه لعضوية الهيئة الإسلامية بدعوة لا أساس لها من الصحة, ولا دليل عليها, إلى هؤلاء العصبة المتعصبة البالغ عددهم ثلاثة عشر وما احسبهم إلا بضعة نفر, أقول لهم أولا, اتقوا الله في أعراض المسلمين, وثانيا لا تتستروا خلف أسماء نكره أو مستعارة, فهذا ليس من خُلُق المسلم, والله يقول الحق وهو يهدي السبيل, والحمد لله رب العالمين,
سعيد سطل أبو سليمان31/5/2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]