الرضى عن القدر كنز يفوق كل كنوز الدرر. يُقدم البعض على انشاء مشروعا أو هدم مشروع ما، ولا يقتصر ذلك على المشاريع المادية، بل يشمل غيرها كالزواج والطلاق على سبيل المثال لا الحصر. لماذا الزواج والطلاق بالذات؟ لأن الزوج يؤمل ان يدوم والطلاق يؤمل عدم حصوله. فعندما يتوج مشروع زواج أو طلاق بالنحاج، مثلا، يفرح ويفتخر الانسان ولكل مبرراته ودواعية. ولربما يحسده غيرة في حالة نجاح مشروع الزواج ويشمت فيه في حالة نجاح مشروع الطلاق الذي هو في حقيقته هدم لمشروع الزواج. وذلك لا لعداوة بينهما ولا بغضاء، بل يكون ذلك لمجرد الحسد أو الشماتة فقد، حتى لو كان الشخص الذي نجح في مشروع الزواج أو الطلاق قد اسدى معروفا للحاسد والشامت.
ولكن على كل حال، يكون هذا النجاح في الحقيقة هو التقاء قدر الله المكتوب في اللوح المحفوظ مع رغبة هذا الإنسان ومسعاه.
ولا يقتصر هذا المنظور على النجاح، بل يشمل الفشل ايضا حيث لا يوفر الإنسان في بذل قصارى جهدة ومساعيه في سبيل تحقيق النجاح في هذا المشروع او ذاك أو تفادي فشله ولكنه لم يوفق في تحقيق النجاح أو تفادي الفشل فيكون ذلك لا لقصور منه، بل لأن هذه الجهود وهذه المساعي لم تتوافق مع قدر الله المكتوب في اللوح المحفوظ.
كما ولا يشمل هذا المنظور النجاح والفشل فقط، بل يشمل خيارات الإنسان الحسن والسيئ منها أيضا. والتي يفضي الحسن منها للفرح والفخر والسيئ منها لخيبة الأمل والشعور بالخذلان. لكن ذلك لا يغير من كون خيارات الله هي الأفضل على الدوام، أليس الخيرة فيما اختار الله. مع ذلك على الإنسان الأخذ بالأسباب التي تتوافق مع شرع رب الأرباب.
لذا يكون هنا الفخر عبارة عن نسب النجاح للنفس ولا يعزى للتوفيق الرباني ويكون الضجر بسبب الفشل في عدم تحقيق النجاح والتوفيق في اختيار الخيار الأفضل من زاوية نظر المختار، في حقيقته هو عدم رضى عن قدر الله. مما يزيد في ضجر الإنسان واكتئابه ولومه لنفسه على التقصير أو الافراط في السعي والتدبير. مما يجعله يلقي باللوم على من حوله أو على الشخص المأمول منه الموافقة على المشروع.
فتنشب الخلافات والنزاعات والعتاب والملامات مما يعكر الصفو ويفسد المودات ويدمر حسن العلاقات.
لذا لا حل ولا نجاه في كل الحالات إلا في الرضى عن قدر الله ليدوم الأمان والتأخي والوصل والاتصالات فالرضى يجلب الرضوان وفي الأخرة يدخل جنان الرحمن. وفي الدنيا يصبح المجتمع معافى من تعاسة البشر التي تكمن في عدم الرضى عن القدر.
بوركت يا إخ ابو صعلوك على هذه الكلمه النيره الطيبه
كلام من دهب ومن زلمه فهمان الرضا فرج
اخونا وحبيبنا ابو صعلوك كل الاحترام
ما أجمل أن تنبع الكلمات من قلبٍ يؤمن بأن القدر كله خير، وأن ما خطّه الله لنا هو تمام الحكمة وكمال الرحمة. فلك الشكر يا رب على كل ما كتبه قلمك، وعلى كل ما جاء به عطاؤك؛ علمنا أو جهلنا. إنّا نرضى بما اخترته لنا، ونحمدك على ما قسمت، فقلوبنا مطمئنة بأن الخير فيما تختاره لنا، وأن أقدارك تحمل من اللطف ما قد لا تدركه أعيننا. اللهم لك الحمد على نعمٍ نعلمها، وأقدارٍ لا نعلم خيرها إلا حين تهبّ على أرواحنا بردًا وسلامًا. لك الحمد دائمًا وأبدًا، على ما كان وما سيكون، وعلى كل خيط نسجته من خيوط حياتنا بحكمة بالغة ولطفٍ خفي راقت كلماتك بجل المعنى فلنرضى ونحمد الله على أقداره
التعليقات